إن مكارم الأخلاق , صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين بها تنال الدرجات , وترفع المقامات , وتثمر التحاب والتآلف , وضدها يثمر التباغض والتحاسد والتدابر ؛ ولذا فقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على حسن الخلق , والتمسك به , وجمع بينه وبين التقوى , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال : « التقوى , وحسن الخلق » وتطييب النفوس المنكسرة , وجبر خواطر أهل الابتلاء من أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المسلمين , فهو إذن أدب إسلامي رفيع , وخُلق عظيم , لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة .
وهو عبادة جليلة , بل إن بعض العلماء ذكروه في أبواب الاعتقاد , كما قال إسماعيل بن محمد الأصبهاني رحمه الله : ” ومن مذهب أهل السنة مواساة الضعفاء .. والشفقة على خلق الله “ .
فأهل السنة يعرفون الحق ويرحمون الخلق , ويريدون لهم الخير والهدى ولذا كانوا أوسع الناس رحمة , وأعظمهم شفقة , وأصدقهم نصحاً , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وأئمة السنة والجماعة , وأهل العلم والإيمان , فيهم العلم والعدل والرحمة , فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة … ويرحمون الخلق , فيريدون لهم الخير والهدى والعلم ” .