رواية الجرم الأكبر

بواسطة: كُتاب بيت العز - آخر تحديث: 20 أغسطس 2024
رواية الجرم الأكبر



الحلقة الثانية. عشر!
_____________تتلاحق الأمواج أمام بصره لتصطدم بصخور قاسية..ثم تعيد الكرة مابين تلاحق واصطدام، فيتابعها بعيناه الشاردة بسحابة حزن عميق على غرق قاربه بأمواج غدرها وخداعها له..واصطدامه هو الأخر بصخور قسوتها وأنانيتها التي لن يكن يعهدها بها منذ أن عرفها.. كان لها كصفحة وجه البحر الهادئ يحملها برفق ويهدهدها گ طفلته وينثر عليها قطرات عشقه الصادق..! فيفيق على طوفان غدر جارف ابتلع كل حبه وثقته واحترامه لها.. حسناء التي نُقشت على جدران قلبه گ الوشم، سيطمس حروفها بماءٍ من نار مهما اكتوى وتألم ..فلن يكون گ ألم خداعها له … سيقتلع جذورها من روحه يومًا..!
هي ماتت وما بقيى لها عنده إلا صلاة وداع أخيرة!
__________________________
_ والله عين العقل يا ست ليلى.. ليه تقعدي لوحدك وفي فرصة تعيشي مع عيلة تحبيها زي استاذ مروان ومراته اللي حكيتي عنهم.. وإنك تقضي أخر يومين من كل أسبوع في شقتك عشان تتابعي عمارتك وتشقري عليها!
وواصلت بنبرة أقل حماس: ولو إنك هتوحشيني ياست ليلى. ربنا يعلم بعزك ازاي!ربتت على يدها برفق: ما انا عشان كده هاجي يومين في الأسبوع وانتي هتيجي وتشوفيني وتطمني!

السيدة مهللة: ماهو ده اللي مصبرني إني هشوفك، وهاجي واخلي الشقة بتبرق واجهزلك ما لذ وطاب..

ضحكت مرددة: كل اهتمامك في الأكل، وانا أخر همي مالذ وطاب ده.. عموما ابقي اعملي اللي يعجبك، ويلا بقى ساعديني اظبط شنطي وحاجتي مش عايزة انسى حاجة!
_ من عنية ياست الناس كلها..!
_______________________
_ ماتتصوريش ازاي مبسوطة بوجودك معانا يا طنت ليلي.. البيت نور بيكي!

_ والله منور بأصحابه، وبجد مروان محظوظ بيكي ياملك.. وبحثت عيناها عن احدا هاتفة: فين بقي حبيب قلبي الصغنون يامن اللي وحشني!

ضحكت ملك: هجيبه حالا، زمانه صحي اصلا وهيشغل إنذار الطواريء بتاع كل يوم..!
_ لا ماتقلقيش انتي بس أكليه وغيري البامبرز وانا مش هخليه يعيط ابدا وهفضل الاعبه لحد ما يزهق!
………………… ..

بغرفة نوم مروان!

_ايه الأخبار ياملك، طنت ليلى مبسوطة؟

_ الحمد لله مبسوطة وانا وهي بقينا أصحاب جدا، وبنتكلم كأننا نعرف بعض من سنين.. بصراحة مستغربة ازاي شاهين بقبحه وشره ده، كان متجوز واحدة في رقتها وطيبتها..؟!

_ نصيب، وربنا يعوضها خير.. اهو كده بقيت مطمن عليها وسطينا وارتاحت من ناحيتها..! وكمان سمر شكل هنطمن عليها قريب، أنا سألت على فارس والحقيقة طلع شاب ممتاز ياملك، عيلته معروفة وسمعتهم طيبة، واتمني يرتبط بسمر لأنه مش هيلاقي زيها، هي ما اتكلمتش معاكي بخصوصه؟

لم يلاحظ عبوسها وهي تجيب: لأ..!

فأكمل: عموما أنا هبقي ادردش معاها بكره واحنا بنفطر وقت البريك و…… ..

قاطعته منزعجة: انتوا بتفطروا سوا كل يوم؟

أجاب: أيوة اصلها ساعات بتعمل معجنات تحفة وبتجيب منها وبتعمل حسابي معاها..!

قذفت الوسادة بضيق على الفراش وهمت بترك الغرفة متمتمة بغضب بوغت هو به ويجهل أسبابه:

أنا هروح اشوف يامن وطنت ليلى!

أوقفها سريعًا متقطًا ذراعها : في أيه يا ملك، اتعصبتي فجأة ليه، هو انا قلت حاجة تزعل؟؟؟؟

ثارت وهي تنزع ذراعها من يده:

يعني انت مش واخد بالك من اسلوبك مع كل البنات، حسناء قلت انت مسؤل عنها بعد شاهين، ورضوى السكرتيرة اللي حكيتلي عنها وبتساعدها عشان عندها ظروف صعبة.وبعدين سمر طول الوقت تكلمني عن حاجة تخصها أو عن ذكائها في شغلها.. وعن التزامها، طيب دي صاحبتي ومش هقلق من ناحيتها. لكن بردو مضايقة من. ذكرك لبها طول الوقت.. ده طبعا غير للبنات الي مش بشوفهم.. قولي كام بنت حضرتك منصب نفسك ولي عليها ومسؤل عنها؟؟؟ ولما سمر تتجوز وهيجي غيرها هتعاملها بردو بالحنية دي؟؟؟ وساعتها لو البنت حبيتك تبقي معذورة ماهو البيه نبع حنان بينقط على الرايح والجاي وبالذات البنات!

يطالعها بعين متسعة. ذهولا يحاول استيعاب ثورتها وما تفوهت به.. هل زوجته تغار عليه؟!!!!
أنفجر ضاحكا، فاستشاطت غضبًا وقذفته بفرشاة شعر قريبة، فتفاداها وكبلها بذراعيه من الخلف. هاتفا: أيوة كده ارجعي المتنمرة حبيبتي اللي بموت فيها..!

حاولت الفكاك من بين ذراعيه بشراسة، وبقوتها التي بدت له كمحاولة عصفورة تعافر بقبضة أسد، فتمتم بخبث:
هي الحلوة بتغير ولا أيه؟

عبثت گ الطفلة: أيوة بغير لما بتخيل حنيتك واهتمامك مع كل الناس، بالذات لو بنت، أكيد هتحبك وتموت فيك.. سمر رغم انه صاحبتي واختي، حسيت بغيرة، امال لو حد تاني..!

أدارها إليه وضمها برفق مقبلا عيناها: أنا عيوني مابتشوفش ست غيرك انتي.. ثم قبل أنفها مغمغما بخفوت: وقلبي انتي لوحدك اللي ساكنة فيه..!
ثم انحنى ليقبلها، فوضعت كفها حائل بينهما مرددة:

ماتضحكش عليا.. لازم تقلل حنيتك الزيادة دي خصوصا مع البنات.. انا بغير عليك يامروان!

ابتسم ملثما كفها: حاضر ياقلب مروان.. ممكن بقي تفكي التكشيرة دي وتضحكي!

هتفت بعناد: لأ.. هفضل مكشرة!

وأوشكت على تركه ثانيًا ، فحملها عنوة وارقدها على الفراش، مسترسلا بمكر: رايحة فين ياشرسة، الكلام لسه في أوله!
هتفت بدلال: كلام أيه ياميرو.. سيبني عشان مخصماك!

تمتم وهو يلاطفها: هصالحك يا قلب ميرو..!

وراح ينثر قبلاته ليبثها حبه وعشقه الذي لا يخفت ويزداد كلما مر بينهما الوقت!
_______________________

مروان: بتقول أيه ياعمي؟غسان سافر؟ تقصد هو وحسناء وكريم يعني؟
العم حسن: لا.. سافر لوحده يا مروان، بس مش دي المشكلة يابني!
_ امال ايه ياعمي صوتك يقلق!
هتف بعد تنهيدة مثقلة بالهموم: غسان طلق مراته!

_ نعم؟؟؟؟ أنا سمعت صح؟ غسان وحسناء اطلقوا؟

_ للأسف ده اللي حصل، واما سألته عن السبب قالي نصيب، قلت اسيبه للصبح يهدى وبعدين افهم منه كل حاجة.. لكن صحيت لقيته سايب رسالة أنه سافر اسكندرية وهيفضل شوية هناك، وبيوصيني اتبع الشغل بتاعه، وجيت اتصل بيه قفل تليفونه.. قلت يمكن حكالك حاجة، بس واضح إن معندكش علم بشيء.. وانا هتجنن يامروان ومش فاهم حصل ايه، وحسناء مش بترد عليا هي كمان، روحت بيتها ورنيت الجرس كتير محدش فتحلي..!

صدمة غير متوقعة شتت تفكير مروان، فهتف:

طب ياعمي اهدي وماتقلقش، أنا هشوف هعمل ايه وهطمنك، حضرتك سبني ساعتين وهتصل بيك!

انهى المكالمة بعد أن بث العم حسن عبارت مطمئنة انه سيجد حسناء وبتواصل مع غسان بأي طريقة!
وبعد أن ذهب وتأكد بنفسه خلو بيت حسناء.. أيقن بمكان وجودها، وتوجه حيث شقة والدتها القديمة!
………………….
صدح رنين متواصل ومروان واقفا أمام باب شقتها منتظرًا، ولا يرى خلف الباب الذي يحجبه عن رؤية جسد حسناء الملقى أرضٍا بحالة إغماءة مباغتة، وحيدة بعد أن ذهب كريم لابتياع شيء من أسفل البناية! وأثناء انتظاره سمع صياح كريم مرحبًا:

_عمو مروان.. انت جيت امتى؟

التفت له وجثي إليه هاتفا برفق بعد أن قبل رأسه:
لسه جاي ياحبيبي.. ورنيت الجرس ومحدش فتح، هو مش ماما جوة؟
_ أيوة ياعمو.. انا قلتلها هجيب شيكولاتة وشيبسي وهطلع على طول!
شعر بالقلق فتمتم: معقول تكون نايمة؟ طب يلا نرن تاني عشان تفتح لينا.. وبعد اكثر من محاولة ولم تستجيب حسناء، بلغ منه القل الذروة وقال:
محدش من الجيران معاه مفتاح احتياطي ياكريم؟

اجاب: لا ياعمو كل المفاتيح مع ماما..!
فرك جبينه بتوتر باحثا عن حل، وفجأته فكرة مناسبة: طب خليك هنا ياكريم وانا هنزل اشوف نجار يفتح الكالون براحة!
وبالفعل غاب قليلا وعاد بشاب يعمل في محل نجارة قريب، واستطاع بسهولة معالجة الباب وفتحه بحرص وذهب! وأدخل مروان كريم أولا حتى ينبه والدته بوجوده، وما ان عبر الصغير حتي صرخ:

_ مامااااا… ألحق ياعمو ماما واقعة في الأرض!

عبر سريعا فوجدها ملقاه أرضًا، فغض بصره سريعًا حتى لا تستحل عيناه رؤيتها دون حجاب.. واستنجد بالجارة لتأتي وتساعدها، بينما أسرع هو لإحضار طبيب!
………………… .

مروان: خير يادكتور طمنا؟
الطبيب: ماتقلقش عندها ضعف عام بسبب سوء التغذية، هكتبلها مقويات ونظام غذائي تستمد منه طاقتها وبأذن الله تكون افضل!

هاتف مروان زوجته لتأتي إليه بعد أن عزم علي اصطحاب حسناء معهما.. فلا مجال لتركها وحيدة بتلك الحالة..!
_______________________

في منزل مروان!

ملك: الحمد لله هي نايمة دلوقت بعد ما شربت عصير بالعافية.. واخدت الفيتامينات بتاعتها..!

مروان: ربنا يشفيها ويفك كربها.. انا مش مستوعب لحد دلوقت اللي حصل.. ليه غسان طلقها.. وتليفون مقفول مش عارف اوصله!

_ الله اعلم يامروان.. بس اكيد الموضوع كبير..!

مسح علي وجهه ليزيل اثار ضيقه وحزنه، وهتف:

_ مافيش قدامي غير أسافر عنده وافهم اللي حصل، بس انتي خدي بالك من حسناء وكريم، معلش ياملك بتقل عليكي!

_ ماتقولش كده، دي في عنية، وانت سافر لغسان وربنا يصلح الحال بينهم!
_ هي طنت ليلى هتيجي بكرة!؟
_ أيوة معادها بكره، وكويس انها هتيجي ع الأقل تاخد بالها من يامن معايا، وانا اراعي كريم ومامته!
_ ماشي يا حبيبتي هنام شوية احسن دماغي هتنفجر، وبعدين هشوف هعمل ايه!

دثرته بالغطاء. بعد أن غاص سريعا بنومته..وقبل عبورها خارح الغرفة تذكرت أمرًا اقلقها بشدة.. وهمت بإفاقة. مروان لتخبره لكن اشفقت عليه، فقررت الانتظار حتى يفيق!
__________________________

أجفانها مغمضة ولكن ترتجف وكأنها ترى شيء يزعج عقلها الباطن! لا تعلم هل تحيا واقع. أم عادت للماضي بطفولتها البعيدة بقلب غفوتها..! وذات الطفل جالساً يبكي على درج بنايتها المتهالك، مستندًا على حائط ألوانه الجيرية مخدوشة بكثرة، فطُمس لونه الباهت!

حسناء: مالك يارامي بتعيط ليه؟
رامي: جوز ماما ضربني وبعدين حرقني بالسكينة..ثم كشف عن ذراعة الرفيع: شوفي ياحسناء إيدي!

تآذت عيناها البريئة فهتفت بجزع طفولي:

دي صعبة أوي وأكيد بتوجعك.. يارب تموت يا عمو شريف.. ليه ضربك وحرقك يارامي؟

_ضربني عشان كسرت لعبة احمد اخويا.. وبعدها غصب عني وقعت علية كوباية شاي سخنه فلسعته جامد وعيط.. قام عمو شريف سخن سكينة على النار وحرق ايدي وقالي اياك تلعب مع احمد ابني تاني!

بكت حسناء لحال رفيق طفولتها وهتفت ببراءة:
_ كنت قول لمامتك تزعق مع عمو وتاخد حقك!

_ هي كانت في السوق، واما جت وشافت ايدي وانا بعيط ، اتخانقت مع عمو شريف، فضربها جامد، والدكتور ربط ايدها وقالها ماتحركهاش لحد ماتخف!

طبطبت بيدها الصغيرة على كتفه، ثم نهضت من على الدرج واحضرت شيءً ما، ثم عادت جواره: طب ماتزعلش يارامي.. وخد الشيكولاته دي ليك، وكل يوم هجيبلك واحدة من مصروفي!

تناولها وشرع بالتهامها، بعد ان مسح دموع خديه بكم كنزته القطنية الصفراء مرددا: شكرا ياحسناء!

فقالت بعبوس وغضب لأجله: أوعى تلعب مع احمد تاني! وانا كمان مش هلعب معاه عشانك!

اجابها: بس ده اخويا الصغير وانا بحبه!
هتفت: لأ.. ده ابن عمو شريف الوحش!

_ لأ ده ابن ماما كمان ولازم العب معاه لأنه صغير ومافيش حد يلاعبه غيري..!
هتفت برضوخ طفولي: خلاص يارامي العب معاه مادام بتحبه!

صمت متناولا حلواها، ثم هتف لرفيقته:
_ أنا بعد كده مش هقول لماما إن عمو بيضربني”
_ ليه يارامي؟
_ لأنها بتتخانق معاه وبيضربها، وانا مش عايزها تنضرب بسببي تاني.. هتحمل ضرب عمو وهخبي عليها.. انا راجل هتحمل، بس ماما ضعيفة!

( حسناء! حسناء فوقي حبيبتي معاد الأكل والدوا بتاعك.. ”

اخترق صوت ملك سيل ذكرياتها البعيدة وهي تحاول إفاقتها، فرمشت بعيناها عدة مرات وهتفت بوهن خافت: شكرا يا ملك، تعبتك معايا..!

ربتت على يدها: ماتقوليش كده ياحسناء احنا اخوات.. بأذن الله ازمة وهتعدي، أنا صحيح معرفش سبب اللي حصل، بس غسان مايستغناش عنك!

بكت على ذكر أسمه وتذكرت كلماته الأخيرة!
فواستها ملك: صلي على النبي حبيبتي، صدقيني هتتحل.. وخصوصًا إن والد غسان جاي في الطريق عشان يقابلك.. عشان كده عايزاكي تفوقي كده وتاخدي حمام وتكوني جاهزة لزيارته!

دُخ الأمل بأوصالها لعلمها مجيء العم حسن.. هو ملاذها بعد رب العالمين.. ستوضح له فعلتها دون خجل.. عله يجد لها طريقًا للعودة بينها هي وغسان!
___________________________

العم حسن: ليه ياحسناء غسان طلقك؟ حاولت اعرف منه ماقليش حاجة، كل الي قاله نصيب، وبعدها سافر!

رفعت إليه وجهها وعيناها يحوطها هالات سوداء وشحوب جعله حقًا يشفق عليها وهي تهتف بصوت ضعيف نادم: لأني ما استاهلش غسان يا بابا حسن
انا وحشة اوي وهو نقي اوي! أنا خدعته وهو كان واضح معايا وضوح الشمس، سبت افكار وهمية وهواجس تتحكم فيا وحرمته من ابسط حقوقه عليا.. حرمته يكون أب.. انا بشعة اوي ومش قادرة ابص حتى في عينك من خجلي!

حاول تحليل ما تقوله، ثم هتف بعد برهة صمت:
طيب بهدوء كده اشرحيلي أيه حصل.. عشان اقدر افهم واساعدكم يا حسناء.. مستحيل اسيب علاقتكم تنتهي بالبساطة دي!
وانسي خالص إني ابو زوجك.. انا دلوقت أبوكي اللي فعلا عايز يساعدك في حل مشكلتك.. أنا سامعك!

هدأت وحاولت تنظيم أفكارها وهي تنتقي أوجز العبارات واوضحها وقصت عليه عقدتها القديمة، وكيف قررت دون الرجوع لغسان تأجيل الإنجاب عام على الأقل كي تستطع تقيم علاقة غسان بطفلها كريم كيف ستكون، وإن كانت حياتهما ستستمر، ام ستنفصل أن طابق غسان نفس نموذج العم شريف الذي تخافه، “زوج الأم القاسي!”..!

ظلت تسترسل وتقص ما لديها، وهو ينصت لها بصمت واهتمام ويحلل ما تقوله محاولا فهم عقدتها
وما ان انتهت حتى قال:

أنتي أنانية يا حسناء.. وده “جُرمك الأكبر”
موضوع عقدتك من جار الطفولة وحكايته مجرد عذر انتي اخترعتيه لنفسك عشان تبرري ليها ولينا ذنبك.. لأن ببساطة خوفك وقلقك المفروض انه تضائل وتلاشى بعد ما عاشرتي غسان كام شهر وعرفتي ازاي بيعامل كريم وبيحبه!
أو كان المفروض ترفضي الارتباط من اساسه، وتكتفي بابنك.. بس بقولهالك تاني “انتي انانية”..
حبيتي الاحساس اللي عيشتيه مع غسان، اتغريتي بحبه وتعلقه بيكي! وبالشعور ده كنتي عايزة تسعدي نفسك وترضيها وفي نفس الوقت تحافظي على حقوق ابنك ومصلحته.. ونسيتي زوجك وسعادته وحقوقه عليكي إنك تمنحيه حاجة طبيعية بيتمناها..! ولولا زوجك ألح في رغبته الصريحة بطفل منك. كنتي فضلتي مانعة نفسك وفاكرة انك كده صح مادام غسان راضي وساكت!

و بجد أنا مش عارف اعذرك.. ولا اتهمك بالغباء
ولا اتعاطف معاكي ولا اغضب واسيبك وامشي..!

أطرقت رأسها خجلا واحتقارًا لذاتها التي تعرت أمامه بكل قبح.. وشعرت بالاختناق والضيق، ودموعها تسيل بغزارة ندما وحزنًا لما اقترفته.. العم حسن لم يكذب هي بالفعل أنانية، ولم يستحق زوجها ذاك الجزاء! كما لا تستحق هي زوج مثله!

بينما هي على تلك الحالة، يتأملها والد غسان بحيرة،
جانبًا منه يصرخ غضبًا لأبنه على مافعلت، وجانب أخر يشفق عليها ويحاول التماس عذرٍ يعزز رغبته بالدفاع عنها وإيجاد حل يعيد به تلك العلاقة المهدومة بينهما.. فسألها مباشرًا:

_ انتي عايزة ترجعي لغسان؟! وليه؟

وكأن بسؤاله أعاد لها الحياة، فهتفت فورا دون تباطؤ: أكيد عايزة ارجعله.. لأني بحبه والله وهموت من غيرو يا بابا حسن.. وبعترف إني كنت انانية معاه وغلطانة! وندمانة على اللي عملته ونفسي يسامحني ويديني فرصة تانية!

_يعني واثقة فيه گ أب لكريم؟ وعندك استعداد تمنحيه حقه وتمنحيه طفل وانتي مطمنة انه مش هيكون نسخة من شريف گ زوج أم؟

_ مستحيل يكون زيه.. أنا واثقة ومتأكده.. وحتى لو حصل في يوم وبقى كده، يبقى وقتها تصرفي هيتبني على أساس، مش مجرد أوهام في دماغي ضيعت مني وقت كنت ممكن اسعد فيه غسان.. أنا اتعلمت من الدرس يا بابا حسن.. اتعلمت ما اخدش قرارات مصيرية على مجرد افتراضات في دماغي! ممكن تكون حقيقة أو وهم.. صح أو غلط، والتجربة بس هي اللي هتحدد.. ارجوك ساعدني ارجعله واعوضه اللي فات!

ابتسم برضا بعد سماعه ما أرد واطمأن قلبه أنها حقًا تعلمت وايقنت “جُرمها الكبير” وستُكفر عنه!

فتمتم ومعالم وجه توحي بالتفكير: هنشوف يا حسناء أيه ممكن يتعمل.. وربنا يقدم اللي فيه الخير!




38401 مشاهدة