رواية ذات الرداء الاحمر

بواسطة: كُتاب بيت العز - آخر تحديث: 20 أغسطس 2024
رواية ذات الرداء الاحمر



الفصل الخامس


أحيانًا نتوه ولا نعلم ماذا نفعل..
يحركنا العقل دائمًا وقلبًا كالصخر..
لكن إذا لان القلب فماذا سوف يحدث !؟..
نظن أننا في سباق والسرعة هي الوسيلة
الوحيدة للفوز..
وننسي أن الذكاء يتغلب.. .


لا يدري ما السبب ، ولكنه يقف تحت شرفة منزلها منذ ما يقرب الساعة أو أكثر ، بعد أن جال المدينة بسيارته ونفذ منه الغضب ، وجد أنه أخطأ للمرة الثانية في حقها وأنها لا ذنب لها ليتسائل ” هل رقتها الزائدة هي السبب أم لا !” ، هو لا يدرى ولا يعلم لماذا يعنفها بتلك الطريقة ؟، له فترة يشعر أنه ليس بخير وأن أحلامه المزعجة تؤرقه
وتلك الفتاة التي أقل ما يقال عنها فاتنة تأتيه وتختفي وهو حتى لا يعلم هويتها والتي وضعها في مقارنة مع ” تيا ” أقامها عقله دون أن يدري لها سببًا ، أغمض
عيناه وأسند رأسه علي مقود السيارة أمامه ليفكر في مدي الإختلاف بينهما !! .
ففاتنة أحلامة بيضاء البشرة ، وشقراء الشعر لمنتصف ظهرها مع عينين ماكرتين تلمع كالفضة الذائبة ، ولها قامة طويلة بجسد متناسق ، أما تيا فهي قصيرة القامة ، متناسقة الجسد ، برونزية البشرة ، شعرها أصهب قصير يصل لكتفيها، وعيناها بها زرقة دافئة تلمع كإحتضان قرص الشمس للبحر وقت الغروب .
تيا مختلفة عنها هذا ما إقتنع به عقله
فابتسامة من تزر أحلامه تدل على ثقتها وقوتها حتى وإن لم يراها حقيقة، أما تيا فهي تشبه الأطفال في ابتسامتها ، هي جميلة من نوع خاص .
وعند هذه النقطة أفاق من غفوته وأرجع رأسه للخلف هامسًا لنفسه ” هل أصابني الجنون ، كيف أفكر بها هكذا وأنا
الذي طردتها من مكتبي منذ ساعات ، هل حقاً أجدها جميلة ! ، لا أدري فأنا لم تُثر إعجابي فتاة من قبل بالرغم من معجباتي الكثيرات ألا أنني لم أرى من تصلح لتكون بجواري ، هل أصبحت أفكر فيها كرفيقة دربي ؟! ، لاااااا فأنا لا أدري كيف ستسير حياتي ، أنا اعتدت وحدتي وأرفض مشاركتها مع غيري ، ربما أظلم قلبها البرئ معي دون أن أدري … يا الله ألهمني الصبر “.


يجلس رويد في القبو وهو يفكر في ماضيه وسعيه للإنتقام ، يجمع الأدلة والأخبار حتى يصل للشخص المطلوب ، يملأ قلبه القسوة ، هذا إن كان يمتلك قلبًا من الأساس ، خمس
سنوات وهو يذهب هنا وهناك فقط كل مرة يصل لخيط جديد عسى أن يقربه من أمله ، ولكنه لن يمل ولن يستلسم حتى لو أفضى عمره كله لذلك الامر ، زهد كل متع الحياة ، كم تمنى أن يُكمل سلسال عائلته ولكنه خائف أن يبنى أسرة تلقى نفس المصير ، بالفعل تجنب تلك الأعمال لكن مايفعله وما يسعى اليه أكبر من ذلك الأمر ، إعتزل النساء … النساء ، وعند تلك النقطه لاحت هى في ذاكرته ، شقراء ذات رداء
أحمر وعينان ماكرة كالقطط ليبتسم ويقرر شيئًا بالتأكيد سيفعله غداً .


في منزل تيم وبالتحديد في غرفة جوانة ، تجلس وحيدة تطالع بيديها بعض الرسائل القديمة تكاد تبلى من قدمها ، تمسكها بين يديها كأنها تحمل كنزًا ، لتفر دمعه هاربة من عينيها وتعود بذاكرتها لأكثر من عشرون عاماً مضت لليوم
الفارق فى حياتها….

بحديقة القصر الخلفية ، كانت تقف فتاة وعلى كتفها حقيبة كبيرة نسبيًا مقفلة بإحكام ، وأمامها الأمير ” جود ” أصغر
أبناء “الملك نعمان”، نظر جود لعمق عيناها الزرقاء ممسكًا كفها بحنان قائلاً :
– أنتِ الوحيدة التي أثق بها جوانة ، ولهذا جعلتكِ أنتِ الحامي لتيم .

تنهدت الفتاة بعمق ، قلبها رافض الإبتعاد عنه ، لكن ضميرها يحثها على الهروب مع المولود لإنقاذ روحه ، تقدمت منه تعانقه بحزن وعينان لامعة :
– سأشتاق إليك جود ، حقًا سأموت من الإشتياق إليك ، لا أعلم ماهذا القانون الذي يبعد الجميع عن الآخر ، تبًا له ولوالدك العادل هذا .

حينما كاد ينطوي للحزن أضحكته ، فهي رغم حزنها ووداعها له الأن ، ألا أن شخصيتها الجريئة والمتهورة لا يتركاها بحالها
ولو لدقيقة ، فضمها جود إليه أكثر يدفن أنفه بين خصلاتها الرمادية يستنشق عبق عطرها لعله يكتفي منها ، لكنه للأسف
مهما كان قريبًا منها لا يكتفي حتى وإن كانت بقربه لملايين الأعوام ، فهمس لها :
– سأشتاق للسانك الطويل وتهورك هذا حبيبتي .

تشبثت به جوانة بتملك ودموعها تهبط على صدغيها هاتفة بألم :
– أكره والدك جود ، أكرهه لأنه أبعدني عنك .

مسح جود على ظهرها بحنو مقبلاً جيدها من فوق خصلاتها هامسًا :
– ياليتني أستطيع كرهه مثلك حبيبتي ، لكنني لا أستطيع .

أنهى كلمته تلك بأبتعاده عنها ، قائلاً لها بعينان ذمردتين لامعة :
– هيا قبل أن يراكِ أبي وطِراد .

أصدرت جوانة صوت مزمجر قائلة وهي تصك على أسنانها بغيظ :
– لا تنطق إسم هؤلاء الأوغاد بفمك جود ، فإن كان أبيك يفعل ذلك بغرض العدل ، فأخيك يؤيد ذلك بغرض الأنانية والغيرة .

رفع جود كفيه لصدغي جوانة يمسح دموعها عنها متنهدًا بضيق :
– هيا جوانة أرجوكِ ، فما بي يكفيني .

أمتعضت جوانة بحنق هاتفة :
– حسنًا ذاهبة أيها المحب لعائلتك .

ثم أنتشلت وجهها من بين كفيه وألتفت للجهة الثانية تحث قدماها على الركض وكفيها يعانقا الحقيبة لصدرها ، فهي سئمت طيبته وحبه لمن لا يستحق ، سئمت من الملك وولده الأوسط ، سئمت من ذلك القانون الذي يقضي على أرواح طفولية بريئة لم تأخذ الفرصة لكي تفتح عيناها وترى من
هم والديهم الذين لقوا حتفهم بعدهما !! .

عادت من ذكرياتها وهى تتنهد بألم وحدثت نفسها ” اشتقت إليك جود ، اشتقت لشجارنا الذى لايكاد ينتهي ، لكن إذا كان فداء لولدي فسأتحمل.
ولكن هل والديك مازال على قد الحياة تيم ؟ ، إذا جمعك القدر بهم هل ستتركني … أموت ولا تفعلها بني ” .
خفق قلبها من مجرد تخيل أن يتركها تيم ويرحل ، ليست من حملته بأحشائها لكنها هي من اهتمت به وقامت برعايته حتى أصبح رجلاً تخاف عليه وبشدة .
أخذت تردد بقلب قلق :
– ربى لاترينى فيه سوءًا أبدًا لأن قلبي غير مطمئن وأنا حدسي لا يكذب مطلقًا .


استجمع أنفاسه وصفى ذهنه وقرر ما عليه فعله ، سيذهب إليها يسترضيها وينهي الأمر ، ليس لأنه يشعر بشيء ما ينغز قلبه ولكن لأنه يدرك أنه مخطئ وعليه إصلاح الأمر .
طرق باب شقتها عدة مرات حتى أطلت من خلفه ، كانت طفولية بعض الشئ ، أو حسنًا هي طفولية للغاية بمنامتها القصيرة حتى ركبتيها الممتلئة برسوم هزلية للأطفال ، خديها منتفخين بحمرة لطيفة تجذب الناظر إليها مع عينيها الدامعتين ، ليتسائل بداخله ” هل ما زالت تبكي ؟ ” ، ما إن رأته أمامها حتى توسعت عيناها بصدمة أتبعتها بشهقة
عالية وكفها يعرف طريقه لفاها تنظر إليه ، عقلها يأمرها بأن تهرب من أمامه الآن بمظهرها هذا ! .
وبالفعل أطلقت لساقيها الأمر ، لتفر هاربة من أمامه لغرفتها وتتركه أمام الباب يضحك على فعلتها .
بدلت ثيابها بأخرى مناسبة في دقائق معدودة وخرجت لتجده مكانه عند الباب أقتربت من الباب مرحبة به بنبرة خجولة ونظراتها تتفادى مرمى موجهه :
– أهلاً سيد كنان ، تفضل .

  • وهل أستطيع ؟! .

رفعت تيا عينيها له وقالت بعدم فهم :
– ماذا تقصد ؟ .

تنحنح كنان وقال :
– ما قصدته هو أني أسف للمرة الثانية ، وأنني لا أستطيع الدخول حتى تسامحيني أولاً .

بلحظة حلق الخجل عاليًا وتهكمت ملامحها بضيق قائلة ببعض الغضب :
– ما حدث قد إنتهى وانا تركت العمل .

رسم كنان على ثغره بسمة عابثة ورد عليها :
– هل تقصدين تلك الورقة ، أخشى إخبارك أن مصيرها سلة القمامة وأني لا أعترف بها ، لذا هل سامحتني الآن لأدخل أم سأبقى على الباب .

وأنهى حديثه بغمزة سريعة لاحظتها هي فابتسمت برقة وأبتعدت قليلاً عن الباب كي تفسح له المجال ليدخل فاطمئن أنها سامحته ودخل لتغلق الباب خلفه ، وتقوده لغرفة المعيشة .
جلسا متقابلين على الأريكتين وبدأ كنان الحديث قائلا :
– أعتذر وأتمني عودتك للعمل .

ردت تيا رافضة :
– لا أستطيع ، فأنا… .

قطع حديثها بقوله ونظرته تحمل الرجاء :
– لا أستطيع العمل دونك تيا ، رجاءًا .

وأمام رجاء عينيه الزرقاء لم تستطيع الرفض أكثر لتومئ برأسها موافقة وانتهى الأمر .
أطال النظر إليها دون أن يشعر لتحترق وجنتيها خجلاً ، فتهب واقفة وتردف متلعثمة في حروفها كي تهرب من نظراته :
– سأحضر القهوة .

واختفت من أمامه مسرعة ، ليبتسم على برائتها ، بعد لحظات عادت بالقهوة لتسمع صوته المحبب لقلبها ملحنًا الكلمات بنبرته الرائعة يعطيها ظهره وينظر من النافذة
فتتسع ابتسامتها وتزداد كلما إقتربت بينما يغزو الخجل وجنتيها من الكلمات :
” فقدت قلبي منذ زمن..
وفقدت معه روحي..
هيأت نفسي وحيدًا..
ووضعت لها طريقًا..
أحارب فيه غضبي..
وأقهر فيه نفسي..
فلا تتركي يداي..
ولا تتصنعي الدلال..
عزيزتي أنتِ خلقتِ للغزل..
وأنا رجل بلا هدف..
أسعي هنا وأخطو هناك..
كطفل يحبو ويمسك بيده حلواه..
فلا تتركي يداي..
ولا تتصنعي الدلال..
أشتاق قلبي لأحبابه..
وتهتف روحي بأحزاني..
وبعيناي ألاف العَبر..
وأنا خائف من غدِ..
أصحو فيه شيبًا..
كهلاً فقد شبابه..
فقد حياتهِ وصباه..
ومازال وحيداً يرثي عمراَ أفناه..
فلا تتركي يداي..
ولا تتصنعي الدلال.. . ”
إنتهى من الغناء ليلتفت إليها فيجدها كثمرة تفاح ناضجة ، ليسمع همسها وهى تقول بخجل :
– رائعة .

رد عليها بابتسامه هادئة :
– شكرًا .

تسائلت تيا قائلة :
– سمعت سابقًا أن لكل أغنية لك قصة ، فما قصة تلك ؟ .

ليرد عليها بمكر :
– لحبيبتي السابقة .

وقعت إجابته عليها كصفعة قوية جعلت من صوتها يخرج مصدوم:
– ماذا !! .

لاحت زهرته بقلبه قائلاً :
– لقد ألفتها لها ولكنها تركتني ورحلت .

حاولت تيا عدم ظهور ضيقها له لكنها لم تجيد اخفاء نبرتها المختنقة :
– حسنًا لا يهم أتمني لك الأفضل .

  • أشكرك ، والآن أعتذر منك يجب أن أرحل أراكِ غدًا .

تناست ضيقها وحزنها لتقول باندفاع :
– ماذا عن القهوة ؟ .

أدار وجهه إليها وغمز بعينيه قائلاً :
– نحتسيها غدًا صباحًا في المكتب ، آلى اللقاء .

ليخرج من الغرفة ويتفح باب المنزل ويذهب ، أغلقت خلفه الباب تستند عليه متنهدة بحب ، لتتذكر كلامه عن حبيبته الراحلة فيعبس وجهها وتتمتم بغيظ :
– اتمنى أن تموت ولا تعود ابدا .


في جو ربيعى مشمس وإشراق الشمس يملؤ المكان ، على الرغم من تلبد الغيوم أحيانًا في فصل الشتاء ، لكن اليوم كان كأن الجميع يحتفل بفرحة لم تدخل قبله منذ سنين .
بوجه مشرق وابتسامة أمل وحب كان يقف على باب محل زهور ، يراها تقف بين الزهور وتنتقل بينهم كالفراشة تنصع باقة من الأزهار لاتضاهيها جمالاً .
وقف يتأملها بنظرة محب عاشق قالها بصوت مسموع ” سحرّتنى ” ليبتسم طلقائيًا ، فهو غياث لم تطوعه إمرأه قط ، ليتذكر نفسه منذ يومين بالتحديد وهو يبحث عنها كمن يبحث عن طوق نجاته…

في داخل مكتب رويد غياث كان يجلس على مقعده كعادته بشخصيته الجادة العملية ، يراجع أعماله للثلاثة أيام الماضية التي غاب فيها عن العمل ، كانت تيارا تتلاشاه إلى حد كبير ، حيث تدخل إليه فقط في حالة الضرورة نظرًا لما حدث مساءًا في بعض الأحيان كانت تريد إذابة بعض الجليد بينهم بإخباره بما فعله معها براء لكنها كانت تراجع نفسها خوفًا من ردة فعل عكسي لذلك آثرت الصمت نهائيًا أو حتى يفتح براء نفسه الموضوع .
ظلت تيارا تنفذ بعض الأعمال التى طلبها منها رويد صباحًا حتى وجدت براء يقف أمامها وينظر لها بإزدراء ، رفعت رأسها ناظره إليه فغضبت من نظرته تلك لكنها اختارت
الصمت وأكملت ما كانت تفعله على الحاسوب ، فتحدث براء قائلاً بتكبر :
– أريد لقاء سيدك .

توقفت تيارا عما كانت تفعل ولوت فمها وقالت :
– سيدى !! .

  • ألا تلقبينه بذلك .

  • بلى ، لكن أنت تقولها بطريقه تثير الـ … الـ …

قطع براء حديثها قائلاً :
– تثير ماذا ؟! ، هيا لاتخجلين ، أزيدي رصيدك لدي ليكون عندي أكثر من سبب لطردكِ دون رجعه .

وقفت تيارا وقالت بغضب :
– أستاذ براء من فضلك كف عن أسلوبك ذاك وإلا سأقول كل شيء لأستاذ رويد .

ضحك براء ملئ فمه وقال :
– أنتِ التى ستقولين !!! .

فتح براء راحه يده يشير ناحيه مكتب رويد وأكمل قائلاً :
– هيا ماذا تنتظرين ، عن نفسى لست متعجلاً ولن اقول له اليوم ، الرجل كان في إجازة ويريدني فى أمر أهم منك بالتأكيد ولكني بعد أن أفرغ منه سأتفرغ لك بكل سرور عزيزتي تيارا وسنرى .

استدارت تيارا وأعطته ظهرها حتى لا يرى الدموع التى
إنسابت على وجنتيها ، هو لا يستحق أن يحرق أعصابها بتلك الطريقة ولا تستحق أن يجعلها هذا الشخص تفشل بأولى مهامها فهي الأفضل في كل شئ .

حاولت التماسك قليلاً ليخرج صوتها هادئ :
– أستاذ براء أستاذ رويد متفرغ الآن تستطيع أن تدخل إليه .

رد عليها براء بسخرية :
– لا أنتظر إذنك بالتأكيد ، فهو الذى استدعاني وأعلم أنه متفرغ ، أراك لاحقا .

تبخر الهدوء بلحظة لتقبض تيارا يدها بغضب وأغمضت عيناها تغمغم بعض الكلمات بنبرة خافتة حتى سمعت صوت آهات ، فنظرت خلفها لتجد براء قد سقط على الأرض وارتطمت رأسه بالحائط ، طالعته بتشفي ورفعت حاجبها في زهو وانتصار ثم تركته وخرجت من المكتب بأكمله ولكنها متيقنة أن نظراته تحرقها من الخلف .

طرق براء على باب مكتب رويد عدة مرات حتى سمح له رويد بالدخول ، سمعه رويد وهو يتآوه فنظر إليه ووجده يحك جبهته ،
فعلق رويد بسخرية :
– هل ضربتك بحذائها !!! .

طالعه براء بضيق وقال بعدم فهم مصتنع :
– من تقصد ؟! .

  • من تضايقها بإستمرار ، لقد حذرتك سابقًا ولكن أعتقد أنك لم تسمع بنصيحتي .

تأفف براء يردف :
– هل تعلم ماذا فعلت معي وماذا قالت لي ، لقد… .

قاطعه رويد قائلاً :
– لقد سمعت ماحدث في الخارج ، وانظر إلى رأسك المتورم عقابًا من ربك على تطاولك معها ، وآخر تحذير لك ، تعاملك مع تيارا يكون في حدود العمل فقط .

رد عليه براء بأستياء :
– ألا تعتقد أنك تعطيها أكثر من قدرها بكلامك هذا .

  • براء ، قلت لك ألف مرة الصداقة بيننا شيء والعمل هنا شيء آخر ، آسف إن كان ذلك يضايقك ولكن ليس عندى بديل ، فأفعل ماتراه مناسبًا .

قضب براء جبهته ورفع حاجبه بتعجب يهتف :
– هل تفصلني من العمل من أجلها !!! .

تنهد رويد ثم قال :
– لم ألمح لذلك الأمر من قريب أو بعيد ، لكن إذا كنت تريد سبب تغضب من أجله فأختر ما تشاء ، أو تعقل الآن وتعالى منزلي مساءآ وتفضى إليَّ شكواك كصديق ، أما
الآن أريدك في أمر هام حياة أو موت بالنسبة لي .

ترك براء أمر إستياءه ونظر إليه بقلق قائلاً :
-ما الأمر ؟! .

التقط رويد هاتفه يعبث بشاشته مردفًا :
– افتح هاتفك ، لقد ارسلت إليك فيديو ، هذه الفتاه كانت هنا منذ ثلاثه أيام ، أريد معرفة من تكون هذه اليوم قبل غدًا .

جلب براء هاتفه من جيب بنطاله وفتح الفيديو ونظر إلى رويد مستعجبًا يقول بتعجب :
– فتاة !! ، انت تسأل عن إمرأة ، وانا من كثرة تعففك عنهن ظننت أنك … أستغفر الله العظيم على سوء الظن .

التقط رويد دفترًا من على المكتب وقذف به براء وهتف به بنفاذ صبر :
– أقسم بربي إذا نطقت بكلمة أخرى لأجعل الأطباء يحتارون في شكل وجهك .

لم يستطع براء تفاديه ليهتف مسرعًا قبل أن يتبع الدفتر آخر :
– حسنًا لاتغضب أنا فقط متفاجئ لا أكثر ، هل لي بسؤال ؟! .

ضيق رويد عينيه ونظر شزرًا لبراء الذي قام سريعًا وفتح باب المكتب وأغلقه دون إضافة كلمة فرويد لا يخنث قسمًا قط ! ….

” أقسم بأنه غدًا ستجلسين معي على طاولة واحدة تتناولين معي عشاءًا لن تنسيه مطلقًا ” عاد رويد من ذكراه وهو يتلو بذلك القسم ليتحدى نفسه في الوصول إلى قلب تلك الفاتنة ليقترب منها بخطوات هادئة




34650 مشاهدة