الفصل الاخير
الفصل العشرون والاخير لـ رواية (( عـــــذراء الـــــشيطان )) ..
تراجع للخلف وكأنه مسآ كهربائيآ اصابه لقد عبرت بصريح العباره انها لا تريده .. سارا المرأه التي لم تكبح يومآ جماح رغبتها به تعترف انها تحبه ولن تسامحه .. استدارت لتستقل السياره قائله
” اتمنى ان تعثر على امرأه تحبك بقدر ان تكون مستعده للعفو عنك مهما اخطأت .. اما انا فلا غفران لدي .. ”
فتح عينيه على اتساعهما هل تود ان ترحل بعدما عثر عليها .. هل تعتقد انه سيسمح بذلك !! .. امسك معصمها بقوه وجرها اليه بقسوه لتصطدم بجدار صدره القوي .. هتف بغضب وقد استفزته حقآ
” ماذا تظنين نفسك فاعله هاه !! .. هل تعتقدين انني سأسمح برحيلك بهذه السهوله .. ”
اضطربت انفاسها وبالكاد تجر نفسآ لتزفره بعد ذلك .. بدت لها عملية التنفس صعبه للغايه والهواء ينحسر وكأنه يبخل عليها ان تستنشقه .. حدقت به بعيون زائغه والارتباك يسيطر عليها من قربه الشديد منها .. جالت نظراتها على ملامحه لقد بدى نحيلآ وملامحه شاحبه وكأنه متعب من امر ما .. شعرت بالاشتياق له .. سيطر عليها شعور الرغبه .. الرغبه في ان تكون له ويكون لها ولكن هذا حلم مستحيل كأستحالة لمس السماء .. دقات قلبها تخونها وجسدها يرتعش بين يديه .. شعرت بالخزي من موقفها هذا وبالفعل ربما هذا شعور يوسف ايظآ فأبتعد عنها ببطئ وجرها وراءه من معصمها ليتجه نحو سيارته امرها بقوه وهو يفتح لها الباب الامامي
” اركبي .. ”
شعرت بالغيض من تصرفاته من هو ليأمرها بذلك نظرت اليه وعيناها تقدحان شررآ قالت بغضب
” لن اركب .. ”
ارتفع حاجبيه بسخريه ونظراته تجول عليها من قمة رأسها لأخمص قدمبها .. لم تكن تنكر انها خائفه .. خائفه من رد فعله وما قد يقدم عليه لو لم تنفذ اوامره .. قال ببرود
” سارا علينا ان نتحدث .. هيا كوني عاقله واركبي ..”
زفرت بقوه وانصاعت له فما عساها تفعل وهي تعلم انه ليس بالذي يحب ان يجادله احد .. ركبت السياره ليغلق الباب ويتوجه ليتخذ مكانه خلف المقود .. انطلق بالسياره بسرعه والصمت يلف المكان تشعر انها ستموت لو استمر الحال هكذا .. يا اللهي هذا الصمت كأنه جحيم لا يطاق اطلاقآ .. لم تستطع الا ان تتكلم قائله
” الى اين تأخذني ؟ .. ”
لم يجبها بشيئ بقي صامتآ وملامحه متشنجه ويداه تقبضان على المقود بقوه حتى ابيضت مفاصله .. قال من بين اسنانه
” من ذاك الشاب المدعو مهند ؟ .. ”
تفاجأت من سؤاله وقد احست بشيئ ما بنبرته هل كانت غيره !! .. نفضت الفكره من رأسها فمن المستحيل ان يغار عليها وهو ينعتها بالصفات البشعه .. اجابته ببرود تعلمته خلال فترة ابتعادها عنه
” انه ابن عمي .. الرجل الذي سأتزوج منه قريبآ جدآ .. ”
لا تعلم لما قالت ذلك ولكنه قد اثار يوسف لأقصى درجه مما جعله يضغط على المكابح ليوقف السياره بطريقه جنونيه ادار وجهه ناحيتها والغضب يعصف به صرخ بحده
” لا تستفزيني سارا .. اخبريني هل كنت تعيشين معه لوحدك بالخارج .. ”
شعرت بالاهانه من سؤاله وكأنه يتهمها بشيئ .. انفجرت نيران الغضب بداخلها الا يزال هذا الاحمق يتهمها بالعهر .. انسابت دموع القهر على وجنتيها صرخت به بأسى
” انا لست رخيصه هل تفهم .. اياك .. اياك ان تقول شيئآ اخر .. ”
صدرها يعلو ويهبط شتمت نفسها بسرها يا ليتها لم تعد .. يا ليتها لم تلتقي به هذا ما تمنته من اعماقها حقآ ولكن هل ينفع التمني .. استدارت لتخرج من السياره وهي تمسح دموعها بقوه ولكن يده امتدت بلطف لتقبض على رسغها
-” انا لم اكن اقصد اتهامك بشيئ .. ”
كأنها لم تكن بحاجه سوى لهذه الكلمات لتنفجر دموعها كشلالات ماء منهمر ..
شتم بسره كم هو احمق لقد زاد الطين بله بدل ان يراضيها ويقنعها بأن تعود له ها هو يتهمها بطريقه غير مباشره .. لم يحتمل رؤية دموعها فجرها الى حظنه يدفنها بصدره .. بين اضلعه ويداه تستقران فوق ضهرها يربت عليه بحنو قائلآ
” انا اسف صدقيني لم اكن اعني ذلك .. ”
زاد من احتضانه لها وهو يشعر بيديها تلتفان بقوه حول خصره .. نبضاته لم تعد مستقره لقد اضطرب بالفعل وهو للمره الاولى يكون بهذه الحال كرجل بائس .. همس بأذنيها
” لقد افتقدتك كثيرآ .. بحثت عنك بكل مكان لكنني لم اعثر عليك .. حتى ذلك الاتصال الذي جعلني اكتشف انك بألمانيا .. ”
انتظر ان تقول شيئآ ولو حرف ولكنها لم تجبه بشيئ .. ابعدها عنه قليلآ لينظر الى وجهها الساحر .. مسح دموعها الرقيقه بنعومه وهو يعود للهمس
” لقد تغيرتِ كثيرآ سارا .. اتعلمين هذه العباءه رائعه عليك تبدين كالنساء الخليجيات ولكن بوجه ملائكي ساحر .. ”
لم تستطع ان تمنع نفسها من الابتسام لقد كان يبدو لطيفآ للغايه على غير عادته .. قالت بخجل
” احقآ ابدو جميله !! .. ”
ضحك عليها بخفوت وهو يعاود دفنها بين ذراعيه ووجنتيه على شعرها
” نعم انت خلابه .. رائعه .. فاتنه لأقصى حد .. ”
قفزت الى ذهنها افكار عديده .. افكار سوداء .. يوسف لا يزال يراها امرأه رخيصه ولولا ذلك لما كان يضمها الان لصدره وهي لا تعني له شيئآ .. وايظآ كل ما يهمه هو انها جميله لا شيئ اخر !! .. شعرت بسكين تغرز بقلبها من هذه الاحتمالات .. هل ستعود اليه بكل بساطه لمجرد انه اعتذر وعبر ببضع كلمات عن جمالها !! .. اذن اين كبريائها !! .. اين كرامتها التي داسها بقدميه فبل شهرين .. هل ستعفو عنه بكل بساطه .. لا شعوريآ امتدت يدها لتستقر على صدره وتبعده عنها بضعف ودموعها تشكل خطين .. دموع ترثي كرامتها التي مرغ بها الارض قبل شهرين .. قلبها ينزف بشده يريده وعقلها يضج بالافكار ويصرخ ان تتركه وتنساه .. ابتعدت عنه وسط دهشته وصوت انفاسها يرتفع قالت بصوت منكسر عال
” انا امرأه رخيصه حقآ .. انا لا كرامه ولا كبرياء لدي .. اركض خلفك كالكلب الضال .. ”
غطت وجهها بكفيها وبدأت تنتحب على حالها ..
تفاجأ من كلامها ونظراته تعبر عن الصدمه شعور عميق بداخله يصرخ انه سيخسرها .. همس بتساؤل
” لما تقولين هذا !! .. ”
اجابته بحشرجه
” ارجوك دعني .. انا لا اريدك اتوسل اليك اتركني اريد ان اعيش حياتي بعيدآ عنك .. ”
ادار رأسه ينظر للأمام شارد الذهن هي تطلب منه المستحيل هو يعلم ذلك ولكن اليس عليه ان يقتنع !! .. اليس عليه ان يتركها فهي لا تريده .. قال بصوت ثابت
” اين حبك لي هاه .. اين كل تلك المشاعر التي لم تكفي يومآ عن البوح بها !! .. ”
لم تجبه بشيئ مما جعل صوته يعلو اكثر قائلآ
” هيا اجيبي .. اين كل ذلك الحب هل كان مجرد خدعه !! .. الست انتِ من كنت تأتين لرؤيتي قبل شهرين بدون ان يعلم والدك !! .. الست انتِ من طلب مني ان اتزوجك .. ”
ايظآ لم يلافي غير الصمت مما جعله يمسكها من كتفيها لتواجهه .. عيناه تعصفان بالغضب وبشيئ اخر ربما هو الالم ..
-” اجيبيني الست انت تلك المرأه ام انني اتوهم ”
انهارت تبكي بصوت عال
” نعم انا .. انا هي لكنني لم اعد اريد الاستمرار بهذا الحب .. اريد ان اتحرر منك ارجوك اتركني وشأني ”
دفعها بعيدآ عنه وهو يصر على اسنانه بقوه يكاد يطحنها .. زمجر بحده
” وان لم اتركك فماذا ستفعلين !! .. ”
اجابته بألم وهي تمسح دموعها
” انا اعلم انك رجل جيد وستتركني وشأني .. ارجوك .. ”
شعر بقلبه ينتزعج من مكانه .. المرأه التي لطالما وثق بحبها له وبعد ان وقع هو بغرامها ها هي ذا تتخلى عنه وتطلب منه ان يبتعد عن طريقها .. هل من الصائب ان يعترف بحبه لها ام يبقى صامتآ .. يشعر بأنه مشوش لا يعلم ما عليه فعله .. ان اعترف بأنه يحبها فربما تبقى معه لأجل مشاعره ولكن لو كانت تحبه من اعماقها حقآ لكانت بقيت معه من دون ان تعلم ما شعوره نحوها كما قبل شهرين .. لم يجد مفرآ غير ان يقول
” سأتركك بشرط .. ”
خفق قلبها بقوه تنتظر ان تسمع ما سيطلبه منها
” عليك ان تعودي للعيش مع والديك .. ”
شهقت بصدمه من طلبه .. كيف لها ان تعيش مع والديها وهما يريدان قتلها !! .. للأسف هي لم تعلم بعد بأن والديها قد ادراكا انها بريئه ومريم هي من اتهمتها بكل ذلك .. قالت بشراسه
” لا يمكن هذا انت لا تعلم شيئآ .. ”
اخرسها بنظره حاده من عينيه وكم بدى مخيفآ لها بهذه اللحظه .. قال ببرود
” ان كنت تظنين ان والداك لم يعرفا الحقيقه فأنت مخطئه .. لقد اعترفت مريم بأنها اتهمتك زورآ وان لا علاقه لكي مع اي رجل .. ”
فتحت عيناها على اتساعهما مصدومه مما تسمع .. هل حقآ قامت مريم بتبرأتها من تلك التهمه !! .. قالت بحشرجه
” ولكن انا ”
امسك وجهها بكلتا يديه وهو يمنع سيل كلماتها بقبله رقيقه على شفتيها .. قبله اعترف فيها بأنه يحبها ويريدها ولكن سارا لم تفهم هذا الجزء منها .. بل اعتقدت انه يراها رخيصه لا قدر لها ولا قيمه لذلك يقبلها متى يشاء .. ترقرقت الدموع بمقلتيها لتغمض عينيها وتستسلم لقبلته والتي رغم الاهانه التي حملتها الا انها شعرت بالدفء معه .. بعد فتره بسيطه ابتعد عنها ووجهه متشنج بينما مسح وجهه بكلتا يديه ليعاود القول
” قلت لك هذا شرطي الوحيد عليك ان تعودي للمنزل والا فأنني سألاحقك الى اي مكان تذهبين اليه ولن اجعلك تعيشين بسلام .. ”
ابتسمت بحزن من تهديده المبطن يا ليته يعلم بأنها ستكون سعيده بملاحقته لها .. همست بخفوت
” سأتكلم مع مهند وبعدها قد اعود ”
كأنها لم تحتج سوى لهذه الجمله كي تفجر براكين غضبه .. ضرب على المقود بقوه وهو يصرخ بها
” لا تلفظي اسم ذلك الوغد اتفهمين !! .. ستعودين وهذا اخر قرار .. ”
اومأت برأسها مرغمه فقد بدى مخيفآ جدآ لها .. نبضاتها تسارعت للمره الاولى تشعر بالخوف منه يبدو رجلآ مختلفآ لا يمت بصله لذلك الذي كانت تحبه .. ان اختلافهما واضح جدآ .. ادارت رأسها بعيدآ تنظر من خلال الزجاج ودموعها تهطل على وجنتيها تعزي نفسها بهذا العار الذي لحق بها .. وكأنه احس بها ليمد يده يمسك كفها الصغير بين يديه القويه
” انا اسف لم اكن اريد ان اصرخ بوجهك لكن كلامك ازعجني بعض الشيئ .. ”
هزت رأسها ولم تجد ما تقوله فهو غريب عنها .. نعم غريب لم يعد ذلك الرجل الذي احبته الفظ .. البارد .. الهادئ لدرجة الجنون لقد تغير وبات شخصآ اخر لا تعرف من هو ولكن كل ما تعرفه انه اصبح قاسيآ اكثر من السابق ..
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
يتبع
تجلس بالمنزل محنية الرأس تحدق بيديها اللتان تضمهما داخل حجرها .. لقد تغير كل شيئ يوسف وسعود وميرفات كلهم لن يسامحوها .. وماذا عنها هي هل ستسامح نفسها على الجرم الذي ارتكبته بحق صديقتها سارا تحت اسم الحب ام انها ستبقى تلعن نفسها على ذلك !! .. كم تتمنى لو يعود الزمن للوراء لكانت تخلت عن حب يوسف وسلمته لسارا بكل حب وود بدل ان تفعل كل هذا .. كيف سيمكنها الان ان تبدأ حياة جديده مع منصور وهي نفسها لم تغفر لروحها التي تلوثت بذلك الاثم الفاحش .. لم تكن منتبهه لذلك الرجل الذي يقف يراقبها مستندآ لأطار الباب حتى قال
” مريم ”
اجفلت وكأن مسآ ما اصابها .. حدقت به بدهشه وهي تراه يقف امامها ترى كم مضى على وجوده هنا وهو يراقبها !! .. قالت بلطف لا يمت بصله للصراع الذي يجري بداخلها
” تفضل امين .. تعال اجلس .. ”
ابتسم بحب واقترب منها ليجلس على الاريكه المقابله لها .. حدق بها لفتره بدت لها طويله جدآ وسط نظراته الثاقبه ليقول اخيرآ بتساؤل
” ما بك حبيبتي لما انت حزينه هكذا ؟ .. ”
لم تستطع ان تواجه نظراته بقيت محنية الرأس فهي يجب ان تكون هكذا دومآ .. قالت بهدوء
” لا شيئ انا بخير اخي ”
لم يقتنع بكلامها وكان هذا واضحآ عليه .. ادرك انها لا تود ان تتكلم بالموضوع ولا تريد ان تبوح به لذلك تركها على راحتها .. ابتسم بلطف وهو يقول
” ايجب ان ابشرك حلوتي سأخطب هذا الاسبوع ”
فور ان سمعت هذه الكلمات رفعت رأسها تحدق اليه بقوه وقد بدت واضحه امارات السعاده على ملامحها هتفت بفرح شديد
” احقآ ما تقول .. ”
هز رأسه بالايجاب وهو يشير بيديه ويرفع ثلاث اصابع قائلآ
” بعد ثلاثة ايام .. بالضبط يوم الخميس سأذهب لخطبتها .. ”
اشرق وجهها ونهضت من مكانها بسعاده لتقبله على وجنته
” انا سعيده جدآ بهذا الخبر اخي .. سعيده للغايه واخيرآ سيكون لنا كنه بهذا المنزل .. ياللروعه ”
ضحك على طفوليتها وهو يمسد على خدها بلطف ليقول بمشاكسه
” وانتي متى تتزوجين .. ”
لم يكن سؤالآ بقذر ما كان يحاول ان يذكرها بأنها ايظآ ستتزوج قريبآ .. احمرت وجنتيها وهي تقول بتلعثم
” انا .. انا لن اتزوج سأبقى اعتني بك انت وابي ”
تغيرت ملامحه لتصبح طفوليه وشفتيه مزمومتان بمشاكسه وهو يهمهم بمكر ليزداد خجلها اكثر .. ابتعدت عنه لتقف امام النافذه تحاول تغيير الموضوع بقولها
” الجو لطيف اليوم هاه !! .. ”
ابتسم على حذاقتها لينهض من مكانه وهو يجيبها بحنان
” نعم انه رائع بفضل الاخبار التي حملها لنا ”
غادر بعد ان قال هذه الكلمات ليتركها وحيده وقد عادت اليها مشاعر تأنيب الضمير .. وضعت يديها على جبينها لتقول بعد ذلك تحدث نفسها
” اقسم انني لن اتزوج قبل ان اجعل يوسف والاخرون يسامحوني .. ”
قالت هذه الكلمات ومن ثم اغلقت الستائر وخرجت من القاعه متوجهه لغرفة نومها تنشد الراحه الجسديه .. فهي تعلم ان الراحه النفسيه لن تحصل عليها ابدآ وسط ذنبها الكبير ذاك .. واثناء طريقها لغرفتها ناداها والدها لتهرع اليه وتقبل يديه ورأسه وهي تجيبه
” نعم ابي تفضل اتريد شيئآ !! .. ”
اومأ برأسه وهو يقول بحنان ابوي
” ابنتي كما تعلمين لقد كبرت واصبحت شابه يافعه وبما ان والدتك قد ماتت فأنا من يجب عليه قول ذلك .. صغيرتي هناك رجل يرغب بالزواج منك .. ”
خفق قلبها بقوه هل يعقل ان منصور قد تكلم مع والدها عن الموضوع !! .. كسى الاحمرار وجنتيها ورأسها للأرض .. قالت بتلعثم
” أنا .. امم .. ابي .. ”
ضحك بلطف على ارتباكها الشديد مما جعله يقول وهو يربت على كتفيها
” انه منصور صغيرتي .. يريد ان يأتي ليطلب يدك رسميآ مني وانا وعدته انني سأسمع رأيك بالاول قبل ان اجيبه .. اصدقك القول حبيبتي انا اراه رجلآ مناسبآ لك انه طيب ولطيف ورجل يعتمد عليه عند الضيق ”
هزت رأسها بينما بقيت صامته فما عساها تقول بحضرة والدها .. الامر مختلف لو كانت والدتها لربما ابدت رأيها ولكن مع والدها هذا صعب .. لما لم يجد جوابآ منها قال بحب
” سأعتبر صمتك موافقه حسنآ .. ”
عندما قال هذه الجمله لم تستطع ان تمنع نفسها عن الابتسامه فهذا هو والدها احيانآ يكون غربب بطباعه وتصرفاته وهو يصدق مقوله السكوت علامة الرضا .. قبلها من جبينها وهو يقول
” مبارك لك صغيرتي واخيرآ سأراك عروس .. ”
قال ذلك وغادر الى غرفته لتمسك هي بصدرها تضع كفها عليه تستشعر نبضاته الغير منتظمه .. اكل هذا التشتت بسبب منصور !! .. ما قصته هذا الرجل انه يجعلها ترتبك كثيرآ ولا تعرف نفسها جيدآ وكأنها مريم مختلفه لا تعرفها سوى مع منصور .. ازاحت هذه الافكار المجنونه من عقلها وغادرت لغرفتها ..
. . .
اليوم التالي ضهرآ بمنزل متواضع يبدو لعائله من الطبقه المتوسطه حيث يجلس كل من فيصل وسامي وزوجته بأستضافة عائله من الطبقه المتواضعه او ربما كما يقال الدنيه .. هتف سامي برحابة صدر
” على شرف هذه الوجوه الكريمه اتينا نطلب يد ابنتك الكريمه سيرين لأبني فيصل .. ”
ابتسمت دينا وهي تستمع لكلام زوجها في حين فيصل يجلس على جمر وهو يستمع لكلمات والده وكيف انه بعد قليل سيرتبط مع فتاه لا يريدها .. منذ ان اتوا الى هنا وحتى هذه اللحظه لا يزال يحني رأسه ولا ينظر لأي احد .. يخشى لحزنه ان يكون مكشوفآ امام الاخرين .. سمع صوت رجل ما يبدو انه والد الفتاه
” شرف لنا سيد سامي طلبكم ان شاء الله يكون خاطركم طيب .. ”
بعد كلام اخذ وعطا سمعوا الموافقه من الفتاه ليطلب بعدها فيصل ان يتحدث معها كونهم قرأوا الفاتحه على نية البركه ..
جلسا سويآ على الارض بغرفة الضيوف المتواضعه .. كانت تحني رأسها والخجل يغطي ملامحها الفاتنه بينما هو يحدق بها بكل جرأه .. هي بالفعل جميله لكنه الاحمق يرفض ان يتزوج لأجل مشاعر لا وجود لها وهي مجرد اعجاب بسيط .. قال ببرود
” اذن الن تريني وجهك سيرين .. ”
تجاهلت ما قاله وكأنها لم تسمعه .. كيف لا ؟ .. كيف لا وهو استاذها بالجامعه .. هي لا تملك الجرأه لتحدق به .. لقد احبته حقآ منذ ان رأته للمره الاولى بالجامعه وكان ذلك قبل ان تعرف بأنه الاستاذ الخاص بقسمهم .. ابتلعت ريقها وهي تسمعه يقول
” سيرين لا داعي للخجل يمكنك ان ترفعي رأسك ”
لم تستطع هذه المره الا ان تنفذ مطلبه .. رفعت رأسها تنظر اليه بعيون شبه مفتوحه والخجل يعصف بها من كل صوب ونبضاتها تدق كالطبول همست بخفوت
” استاذ انا .. ”
صمتت ولم تكمل وكم بدى له صوتها خلابآ جذابآ وساحرآ ايظآ .. اتسعت ابتسامته ليرد عليها
” لا داعي لأن تنادينني استاذ فنحن سنصبح زوجين عما قريب .. ”
نظرت اليه من بين رموشها وهي ترى كم هو وسيم ورائع ويبدو طيب القلب للغايه .. انه فارس احلامها .. نهض من مكانه ليجلس بالقرب منها بينما التقط كفيها يتناولهما بين يديه ليقول
” سيرين انت لم يجبرك احد على الموافقه اليس كذلك ”
تفاجأت من سؤاله ولكنها هزت رأسها ايجابآ ليهتف مجددآ
” هذا جيد .. ”
صمت بعد ذلك ولم يقل شيئآ بينما هي ينتابها الفضول لتعرف جوابه على نفس سؤاله فهو قد قال لها انه لم يجد من تناسبه .. سألته بتردد
” وانت لم يجبرك احد اليس كذلك .. ”
ضحك على سؤالها بينما يلعب بخصلات شعره بعبثيه .. اجابها وهو ينهض من مكانه
” لقد كنت مجبورآ قبل ان اتي ولكن الان انا سعيد جدآ بخطبتك سيرين .. ”
فغرت فمها من كلامه كيف يمكنه ان يقول ذلك .. يالها من ساذجه ماذا كانت تتوقع بالتأكيد هو صادق دومآ هكذا ولكنها ابتسمت رغمآ عنها اذ انه يبدو قد اقتنع بها .. لم تشعر الا ويداه تحيطان خضرها وقبله دافئه يطبعها على وجنتيها ليقول بعد ذلك بلطف
” سعيد لأنك ستكونين ملكي .. ”
خرج بعد هذه الكلمات لتشيعه نظراتها الولهى الى ان اختفى عن مدار رؤبتها ..
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
بذاك المنزل المتوسط الذي يضم عائلة كرم حيث كان ليث وزوجته يخرجان من المنزل برفقة بعض وبطن زوجته منتفخ يبدو انها حامل الان .. الابتسامه تعلو وجهه وهو يحمد الله ان الامور عادت لمجاريها وقد تحسنت العلاقه بينه وبين اخيه .. بل حتى ان والده قد تغير واصبح يعامل كرم بطريقه رائعه .. لم يعد يفرق بينهما وكل هذا بفضل تلك الشابه المدعوه دارين والتي جعلتهم يفتحون عينيهم جيدآ على ما يملكون قبل ان يضيع .. تتأبط ذراعه بينما تقول
” حبيبي ما رأيك ان نذهب للسينما ”
همهم بتساؤل ليقول بعد ذلك
” لا بأس لما لا .. ”
اتسعت ابتسامتها اكثر كم هي سعيده بزواجها من ليث والاسعد انها واخيرآ بعد سنوات من الحرمان سيكون لها صبي صغير بعد ان من الله عليها بهذه النعمه التي كان حدوثها شبه مستحيلآ ولكن الله قادر على كل شيئ .. افكاره تتراوح حول كرم ومالذي سيفعله الان بخصوص تلك الشابه اللطيفه دارين ..
. . .
تجلس بهدوء على الاريكه بالقرب من والدتها .. وهي تنام على فخذيها بينما الام تعبث بخصلات شعرها .. قالت وهي مفمضة العينين
” امي اين اختفى ابي يا ترى !! .. ”
قطبت حاجبيها وهي تسمع اسمه اللعين يتردد امامها .. بعد فعلته تلك وخيانته مع ساقطه تدعى سماهر فهو يستحق ان يذهب للجحيم .. هتفت ببرود
” لا يهمني اين يكون .. ”
انزعجت من والدتها فهي تبدو قاسيه على ابيها الامر صحيح انه خانها ولكن هو يبقى والدها ولا تستطيع ان تصف بجانب واحد منهما .. قالت باساؤل
” ماذا سنفعل بشأن كرم امي !! .. ”
تنهدت والدتها بتعب وهي تلف خصله من شعر صغيرتها حول اصبعها وملامحها تعكس الضياع .. قالت بتياه
” لا اعلم سنخيره بين ان يبقى حارسآ لك ام انه يود الرحيل .. ”
خفق قلبها بقوه فور ان سمعت كلمة ” الرحيل ” صدرها يؤلمها بشده هل سينتهي دور كرم بحياتها ويرحل ويتركها وحيده تعاني مع والدتها من دون ان يكون قريبآ منها .. لسعت حرارة الدموع عينيها ولكنها نهضت بسرعه كي لا تراها والدتها بهذا الحال البائس .. ربما تأخرت بذلك حينما هتفت والدتها بهدوء
” دارين هل انت معجبه بكرم !! .. ”
شحب وجهها وقد تحول للون الاصفر وكأن الدم قد خلا منه .. قال بتلعثم
” مالذي تقولينه امي .. لا .. لا يوجد شيئ من هذا القبيل انت تتخيلين ”
هذا الكلام لم يكن ليخدع امرأه واعيه وتفهم الامور من غلافها بكل سهوله .. قالت وهي تربت على وجنتيها
” صغيرتي انا اخشى عليكِ .. كوني بخير لأجلي حسنآ .. ”
اومأت برأسها وعندما كانت والدتها على وشك النهوض من مكانها ضهر امامهم كرم بحلته الواثقه وثيابه العمليه قائلآ
” مساء الخير سيدتي .. ”
ابتسمت بوجهه وهي ترد عليه تحيته بينما بقيت دارين صامته وهي تحني رأسها للأسفل .. لم تكن تستطيع النظر اليه مباشرة .. قال بهدوء
” في الواقع سبدتي لدي اخبار لكم ”
قطبت حاجبيها قائله
” تفضل تكلم ”
قال
“انا احمل اخبارآ غير ساره اطلاقآ .. هل تودون سماعها .. ”
وضعت يدها على صدرها تحاول ان تكبح جماح الخوف الذي تشعر به .. لسبب ما افكارها كلها تقول ان اخباره حول زوجها مراد .. ترى هل حصل له شيئ .. قالت بأنهيار
” ماذا هناك اخبرني كرم اهناك اخبار عن مراد ؟ .. ”
احنى رأسه لا يعرف ماذا يقول او كيف سيخبرهم .. هو لا يزال لم يتكلم ويرى ان السيده ستنهار ارضآ فكيف به اذا اخبرها .. ظل صامتآ مما استفزها لتصرخ بحده
” اخبرني هل حدث شيئ لـ مراد !! .. ”
رفع رأسه ينظر اليها قائلآ
” لقد تم العثور على جثته مرمبه بالنفايات ”
فور ان سمعت كلماته اهتز جسدها بقوه لتهرع اليها دارين تسند جسدها وتمنعه عن السقوط .. لقد مات حبيبها .. لقد رحل للأبد .. لم يعد له وجود .. وضعت كفيها تغطي وجهها لتجهش بالبكاء بألم وهي تتمتم بكلمات غير مفهومه .. بينما دارين لا تعلم اتواسي نفسها ام تواسي والدتها .. لقد تلقت للتو اقسى خبر بحياتها كلها ..
تعبت والدتها كثيرآ لتأخذها الى غرفتها بصحبة كرم ويسندوها على السرير ولم يتركاها قبل ان تغط بنوم عميق .. فور ان وطأت قدماها خارج ارض الغرفه انفجرت بالبكاء .. تحاول كبت شهقاتها ولكنها لا تستطيع وكم بدت لـ كرم صغيره وهشه .. لم يستطع كبح نفسه عن اخذها بين ذراعيه يضمها لصدره بكل دفء يمسح على ضهرها ويهمس لها بالكلمات الناعمه علها تخفف من حزنها ولو القليل .. بلا شعور منها ووسط فقدانها للحنان لفت ذراعيها حول خصره تضمه اليها بقوه وهي تردد بأنكسار
” كرم .. كرم ارجوك لا تتركني وحيده ”
زاد من ضغطه عليها واحتضانه لها وخده يستند على شعرها قال بلطف
” لن اتخلى عنك دارين .. سأبقى بجانبك ”
هنا فقط لم تستطع كبح جماحها اكثر وتعالت شهقاتها الواحده تلو الاخرى وهو يربت على ضهرها بكل لطف .
. . .
” كـريـم ”
صدح صوتها العالي بأرجاء المنزل بينما هي تقف ويدها على خصرها لشدة كبر بطنها .. لم تتلقى رد .. عادت تكرر اسمه مرات وكرات ولكن بلا فائده لا حياة لمن تنادي .. زفرت بقوه وخرجت من الغرفه لتذهب لغرفة نومها .. فتحت الباب بقوه لتجده نائمآ كما هي عادته دومآ ايام العطل يتأخر بالنوم كثيرآ ويصبح وكأنه من الاموات .. زفرت بقوه لتعاود الصراخ بأسمه بينما هي تشعر بالتعب من الحمل .. لم يجبها بل ظل يتململ بالسرير .. اقتربت منه بضيق لتحمل كأس ماء بارد من على الخزانه وترشه فوق وجهه ليجفل الاخر من مكانه وينهض بسرعه .. حدق بها بغضب قائلآ
” بحق الله سمر لما فعلتي هذا ”
نظرت اليه بأستمتاع آه كم تعشق ان تضايقه .. لوت شفتيها بمكر
” بمن كنت تحلم هاه .. هيا اعترف ”
ابتسم بسخريه وهو يشير لها ان تقترب ويقول
” تعالي لأخبرك بمن ”
لم تكن لتنطلي حيلته عليها هي تعلم جيدآ مبتغاه ولن تجعله يحصل عليه .. كم تتمنى ان تستفزه بكلامها عن الاحلام بالنساء الاخريات او ما شابه ولكن بلا فائده .. نهض من مكانه بسرعه وامسكها من معصمها قبل ان تهرب .. قربها اليه ببطئ يراعي حالها بينما يده الاخرى تستقر خلف ضهرها .. نظراته كانت تحمل الجوع .. الجوع الحقيقي لحب حياته الابدي .. همس بالقرب من شفتيها
” سمر .. ”
ضاعت به وبسحر وسامته وجاذبيته وقد اصبحت عيناها اسيرتان لديه .. اجابته بتلقائيه
” نعم ”
الابتسامه الماكره لا تفارق شفتيه وبعينيه بريق عابث .. ابعدها عنه بخفه وهو يقول بضحكه بسيطه
” هيا اذهبي واعدي لنا الفطور .. ”
صدمت منه واتسعت عينيها .. هل كان يقصد العبث معها الغبي الاحمق .. زمت شفتيها بزعل لتقول
” بحق الله ايوجد رجل يتصرف هكذا .. ”
رفع حاجبيه ببراءه وهو يجيبها
” وماذا في ذلك .. هل لديك مانع ”
ضربته على صدره بخفه بينما تضاهر بأنه يتأوه متألمآ لتهرع اليه وقد صدقته ولكنها قبل ذلك وقعت بين يديه وقد ادركت بأنه كان يخدعها .. حاولت الفرار من حصاره ولكن بلا فائده لتهمس اخيرآ بأستسلام
” حسنآ قل ما تريد ودعني ارحل ”
قربها اليه اكثر ليهمس قريبآ من شفتيها
” ولكنني لا اريذ ان اقول .. انا اريد ان افعل ”
خفق قلبها بقوه وهي تستمع له ولكلماته التي يبدو انها منمقه جيدآ ..
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
يتبع …
تقف امام المرأه ترتب شكلها فاليوم سيأتي أمين لطلب يدها .. وضعت بعض مساحيق التجميل والقليل من احمر الشفاه .. ابتسمت برضا عن شكلها الخارجي كانت رائعه جدآ .. ترتدي فستان طويل محتشم بأكمام طويله باللون الاحمر القاني والذي ابرز جمالها مع بشرتها البيضاء الصافيه وعيونها البنيه .. سمعت صوت طرقات على الباب لتدخل من بعدها سناريا وابتسامه مشرقه تزين ثغرها هتفت ما ان رأتها
” وااو تبدين رائعه كاريس .. اراهن على ان امين سيفقد عقله فور ان يراكِ .. ”
ابتسمت بخجل وقد كسى الاحمرار وجنتيها لم تعرف ماذا تقول غير انها هتفت بحنق كاذب
” سناري مالذي تقولينه ”
ضحكت الاخرى بمرح وتقدمت نحوها ببطئ لتضع يدها على وجنتيها ترفع رأسها وتقول
” ان تتزوجي من تحبين شيئ رائع مبارك لك حبيبتي ”
تحولت نظراتها لتصبح نظرات حانيه مليئه بالحب ودموع الفرح تلسع جفنيها
-” لو لم تكوني موجوده با سناريا لما تزوجته فأنت من اقنع ماثيو بالعدول عن قراره ذاك شكرآ لكِ .. ”
كلماتها مست ضفاف قلبها لتحتضنها بحنان اخوي لقد اصبحتا صديقتين جدا بهذه الفتره البسيطه التي لم تتعدى الـ 3 اسابيع
” لم افعل شيئآ كاريس انا فقط رأيت ان ما يفعله ماثيو خاطئ وحاولت ان اصحح له ذلك لذا لا داعي لتشكرينني .. ”
بادلتها الاحتضان ولم تستطع الا وان تبكي مما جعل سناريا تتضاهر بالانزعاج وان شكلها سيسوء بسبب سيلان المواد التجميليه ..
بالطرف الاخر بالطابق السفلي للمنزل للتو دخل السيد حسين مع ابنته مريم وامين بعد التحيه والسلام جلسوا جميعآ .. ابتدر ماثيو يقول
” سعيد بزيارتك سيد حسين لقد تشرفنا بوجودك ”
ابتسم السيد حسين بلطف كعادته الدائمه لطيف مع الجميع .. قال بود
” شكرآ لك سيد ماثيو الشرف لي انا ”
اومأ الاخير رأسه وهو بعلم سبب حضورهم جيدآ ولكنه لم يعطي اهتمامآ للأمر .. حدق بـ امين ببرود لا يزال جزء بأعماقه يتمنى لو يموت هذا الوغد ويتخلص منه ولكن ما باليد حيله عليه ان يقبله زوج لشقيقته لأنها تحبه ولكن هو بصدق سيأمن عليها عنده لأنه كما لاحظ مسبقآ يعشق كاريس بغض النظر عن حبه الازلي لـرانيا ..
بعد فتره لا بأس بها من الاحاديث الطويله ومن ثم افتتاح موضوع الخطبه وطلب يد كاريس وافق ماثيو بأستسلام رغم كرهه للأمر .. قال ببرود
” مبارك لك امين .. ”
ابتسم الاخير بدفء قائلآ
” شكرآ لك ماثبو ”
اومأ برأسه بلامبالاه بينما نهض ليقول
” اسمحوا لي ان انادي صغيرتي لتتعرفوا عليها ”
اومأ السيد حسين بينما ابتسمت مريم وهي متشوقه لرؤية زوجة اخيها المستقبليه التي سرقت عقله قبل قلبه وجعلت امارات العشق تشع من وجهه .. بينما امين المسكين فقد كان يشعر بأرتباك فظيع ونبضاته تتسارع وكأنه على حافة جبل بين السقوط والنجاه .. ما هي الا دقائق حتى دخلت محبوبته كاريس بهيئتها الخجوله ليسقط قلبه بين قدميه .. اه كم اشتاق اليها لقد مضى وقت لم يراها به .. نهض الجميع ليحيي الشابه وبعد مضي الوقت لم يتكلم امين معها على انفراد وقد غادروا بعد ان اجتمع قلبين تحت رابط مقدس سيتم قريبآ جدآ
. . .
يجلس على مقعده منهمك بالعمل ووجهه شاحب جدآ يبدو وكأنه من الاموات !! .. يراجع الملفات التي بين يديه تبآ لقد اخذ الوغد امين اجازه من العمل اليوم نحت حجة انه سيذهب ليخطب !! .. العمل مرهق من دون وجوده انه يشعر بالمتعه حينما يكون موجودآ على الاقل يذهب ويعبث به ويستفزه وهذا يخفف عنه الملل قليلآ .. سمع صوت طرقات على الباب ليدخل من بعدها كاظم وعلى وجهه ابتسامه مشرقه
” صباح الخير عبد الله ”
قطب حاجبيه وكأن الامر لم يعجبه
” سيدي الضابط عبد الله وليس اسم مجرد كم مره اقول لك ذلك .. ”
زم شفتيه بطفوليه وهو يتقدم ليجلس على المقعد بتثاقل من دون اذن
” ما بك نحن اصدقاء دعنا من الرسميات السخيفه ”
تجهم وجهه هذا الشاب لا فائده منه انه لا يستمع للكلام ابدآ
” حسنآ حسنآ اصمت انا اعمل .. ”
نظرته كانت تحمل شيئآ ما .. شيئآ غامضآ وهو يحدق بـ عبد الله .. ابتسامه ماكره تتلاعب على شفتيه ليقول بعبثيه
” هل تعلم من هو yr ؟ .. ”
هذا السؤال اخرجه من صمته وقد تفاجأ من طرحه عليه .. جرجر نظراته من على الاوراق ليحدق بـ كاظم بتساؤل يا ترى لما يسأله !! .. قال بلامبالاه
” كلا لا علم لي بهويته ”
لاحظ شيئآ غريبآ بنظرات كاظم شيئ اخافه بعض الشيئ ينبأ بوجود معلومات سيئه ربما .. عاد يقول
” ماذا هناك ”
اجابه الاخير وهو يستند بكوعه على المكتب
” صديقك يوسف هو yr وانت من كنت تدعمه بالمعلومات الكافيه وتسرب له اهم الاخبار .. ”
شحب وجهه واتسعت عينيه بصدمه بينما تسارعت نبضاته .. لا يمكن ان يكون حقيقيآ هل تم اكتشاف امره .. كانت نظرات كاظم حاده جدآ تحمل تهديدآ خطيرآ .. لم يستطع التفوه بحرف ليعاود كاظم القول
” ما فعلته يعتبر جريمه لا تغتفر لك .. هذه خيانه وان لم تكن بمفهومها المتعارف عليه .. ”
تراجع جسده للخلف يستند على ظهر المقعد لم يشأ ان يكون بموقف الضعيف .. لا يهمه ان تم اعفائه من عمله او حتى تم سجنه او اي شيئ اخر المهم هو انه ساعد صديقه على الانتقام من حثاله اوغاد .. قال بهدوء
” نعم انا ساعدت يوسف على الانتقام .. ”
قطب الاخير حاجبيه متسائلآ
” عن اي انتقام تتحدث !! .. ”
اغمض عينيه بقوه ينشد الراحه ليهمس ما بين ذلك
” الجرائم الثلاث تحت رمز yr كانت لـ يوسف من ضمنهم ماري والتي كانت من ضمن قتلة طوني رويس وشجن الذان هما والدي يوسف الحقيقيين وليس كما يعتقد الاخرون انه متبنى .. يوسف رويس هو سليل عائلة الماكيز الالمانيه رويس عابث قرنه بذاك الزمن البعيد ”
علت الصدمه ملامح كاظم وقد بان عليه الدهشه الواضحه وعدم التصديق .. همس بأنشداه
” هل قلت ان يوسف هو الوريث الشرعي للعائله !! .. ”
اومأ برأسه وقد خاطر واخبر كاظم عن الامر ولكن الانتقام قد انتهى بمقتل مراد ولم يعد هناك خطر عليهم .. عاد يكمل
” نعم هو الوريث الشرعي .. لقد كنا نسكن بنفس الحي منذ ايام الطفوله .. ”
اشاح الاخير رأسه لا يعرف لأي شيئ ينظر وهو لم يستوعب بعد ان يكون يوسف ابن رويس .. صحيح انه اكتشف انه القاتل والرمز يشير للجد الالماني الاكبر لكن كان يعتقد ان هذا تحت شعار انه رجل متبنى وليس انه حامل ذلك الدم البارد .. نهض من مكانه يضع كفه على جبهته
-” يا اللهي اكاد اجن .. لا يمكن تصديق الامر .. هل كل هذا خدعه منذ سنوات والكل يعتقد انه ابن خادم طوني .. والان انت تقول انه ليس كذلك !! .. ”
تنهد بصبر وهو يتفهم موقف كاظم من حقه ان لا يصدق فالامر لا يستوعبه عقل ابتدر يقول
” لقد تمت ابادة عائلة رويس بأكملها على يد عائلة الشهري وعائلة اوزان .. لقد كان هناك خائن بالاستخبارات بذلك الزمن البعيد وقد وشى بـ جورج وانه يملك ادله عن تورط العائلتين بأعمال فير مشروعه وبنفس اليوم من وشاية ذلك الضابط الخائن تمت ابادة العائله بأحراق القصر وموت كل من بداخله .. عدا عن طوني الطفل ذو الـ 13 عامآ هرب بأعجوبه وهكذا بهروبه لم تنتهي السلاله وقد تزوج لينجب يوسف ولأنه لم يكن قادرآ على انجاب غيره فزوجته لم تكن بوضع يسمح لها بذلك .. وهكذا تم التمويه بأنه ابن الخادم كي اذا علم احدهم بهروب طوني لا يقتلون يوسف لأنه ليس من العائله .. وقد حدث ما توقعه طوني وتم قتله على يد مراد وماري التي كانت مشتركه بالجريمه هي والاثنان الاخرين الذي تم قتلهم تم رمز yr .. هذا هو الامر الذي لا يعرفه احد ..”
حدق به بصدمه فاغر الفم .. ابتلع ريقه بصعوبه ليقول
” ولكن من اين اتت قصة ابن الخادم تلك .. ”
اجابه بأهتمام
” الخادم يدعى ميخائيل الماني الاصل كان بيوم الاباده خارج القصر ينفذ بعض الاوامر التي اوكلت اليه وقد كان من ضمن الناجين ايظآ وهكذا بقي طوني وميخائيل .. وابن الخادم هو عمر الحارس الشخصي لـ يوسف ”
تأوه بعدم تصديق وعيناه قد اتسعت وكأنه يرى شبحآ امامه انهار على مقعده وكفه يتحسس جبينه قائلآ
” كيف هذا يا اللهي اي عائله هذه انهم بالفعل شياطين .. ”
ابتسم ببرود نعم هؤلاء هم اسرة رويس وله شرف صداقة يوسف الرجل البارد ذو القلب الطيب الذي يرفض ان يظهره للأخرين .. قال بجديه
” اذن هل ستخبر السيد عبد العزيز عن الامر ويتم تسريحي من خدمتي ام ماذا ؟ .. ”
مسح كاظم وجهه بكفيه وهو يحاول ان يسيطر على صدمته بعدما سمعه من المستحيل ان يخبر القائد فقد كان من حق يوسف الانتقام ورغم ان عبد الله اخطأ ولكن اجرى العداله المنشوده .. نهض من مكانه وهو يؤدي التحيه
” سيدي الضابط هذا سر سيبقى مدفون للأبد اقسم لك .. ”
ابتسم عبد الله فهذا هو كاظم الذي يعرفه عبقري ذو عقل لا مثيل له ودومآ يكون على صواب بصدق انه رجل خطير للغايه يملك اشياء لا يملكها سوى عدد قليل من البشر بهذه الارض
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
يتبع …
(( بعد مرور ايام )) ..
ركبت سيارتها الخاصه بعد ان اخبرت والدها انها ستذهب لأمر مهم عليها ان تفعله بسرعه .. لم يكن الامر المهم سوى ذهابها لمنزل سعود وميرفات لتعتذر منهم .. لابد ان تطلب منهم الغفران واذا لم يسامحوها فلن تتزوج من منصور او اي رجل اخر بل ستبقى امرأه وحيده منغلقه على نفسها .. فهي لا تستحق السعاده اذا لم يغفروا لها خطيئتها .. لقد تقدم لها منصور قبل ايام ولكنها طلبت منه بعض الوقت لتفكر ولكنها كانت تكذب فهي كانت تفكر بزيارة عائلة اوزان وطلب الغفران منهم وموافقتها تعتمد عليهم فحسب .. تقود بسرعه متوسطه وهي ترتدي النظارات الشمسيه تمنع اشعة الشمس من ايذاء عينيها .. وصلت للمنزل اخيرآ وصفت السياره امام باب القصر وترجلت من السياره بكل ارستقراطيه بمنظرها الساحر الجذاب .. دلفت للمنزل بعد ان فتحت لها الخادمه الباب ..
فور ان وطأت قدميها ارض القصر ارتعش جسدها بقوه والخوف تسلل لقلبها كيف ستواجههم من جديد .. تنفست بعمق وتقدمت بتردد لتدخل لقاعة الجلوس حيث يجلس سعود وميرفات .. فور ان رأتهم توقفت ساقيها عن الحراك وقلبها سقط تحت قدميها ابتلعت ريقها ولم تتفوه بحرف كانت عاجزه عن كل شيئ ..
ما ان رأتها ميرفات حتى احتدت ملامحها ونهضت من مكانها لتصرخ بها بحقد
” ماذا تفعلين هنا ايتها الحقيره .. ”
ارتعشت شفتيها لتتقدم خطوه قائله بتلعثم
” عمتي ارجوك انا .. ”
صرخت بها بحده
” اخرجي من منزلي ايتها الحثاله .. اخـرجـي ”
تساقطت دموعها وهي تتمتم بكلمات الاعتذار تتوسلهم ان يسامحوها ولكن هذا كله لم يجعل قلب ميرفات يلين .. اما سعود فقد بقي صامتآ يحدق بما يجري امامه .. تقدمت ميرفات نحو مريم لترميها خارج المنزل هنا لم يستطع البقاء صامتآ هتف بهدوء فصحته لا تزال متعبه بعض الشيئ
” ميرفات على رسلك حبيبتي .. دعي الفتاه حبيبتي ”
نظرت اليه بحده وقد فقدت تعقلها
-” لقد فقدت صغيرتي بسببها وانت تطلب مني ان اسامحها !! .. انا لا اعلم اين ابنتي وكل هذا بسبب هذه اللعينه .. ”
بكت .. نعم بكت مريم وميرفات ايظآ .. عادت تردد كلمات الاعتذار
” اقسم لك عمتي انا اسفه لقد اخطأت ارجوك سامحيني .. اتوسل اليكم انا اشعر بالقرف من نفسي لقد ارتكبت خطأ كبير ولكنني نادمه .. ”
برزت عروق ميرفات من كلام مريم لتلتفت اليها وتصرخ بها بقوه
” نادمه !! .. نادمه هاه .. وهل الندم سيعيد لي ابنتي .. اجيبيني هل ستعود لي سارا بندمك هذا ايتها اللعينه .. ”
تعالت شهقاتها وانهارت على الارض تضع يديها امام وجهها تنتحب على نفسها الملوثه بالاثم البشع ..
-” سيده ميرفات لا داعي لكل هذا الغضب .. لقد احضرت لكِ هديه .. ”
التفت الجميع الى مصدر الصوت والذي لم يكن سوى يوسف وتقف بجانبه شابه متوسطة القامه نحيفه مغطاه باللون الاسود ولا يبرز شيئآ من شعرها لأنها ترتدي وشاح تلفه حوله .. سـارا !! .. هتف الثلاثه بصدمه
” سـارا !! .. ”
شحبت وجوه الثلاثه غير مصدقين لما يرونه الان .. سارا عادت مع يوسف !! .. كانت تقف بخجل ورأسها محني للأرض لقد بدت امرأه مختلفه عن تلك الشابه التي يعرفها الجميع .. كانت مختلفه تمامآ .. ركضت ميرفات الى ابنتها واحتضنتها بقوه وهي تقبلها بكل مكان تصل له شفتيها وتردد كلمات الاشتياق وتزيد من شدة احتضانها .. بينما سارا تقف كـالصنم الجماد الذي لا حياة فيه ..
نهض سغود من مكانه يحدق بصغيرته تارة ويوسف تارة اخرى وعيناه تذرفان الدموع .. لقد ترائى له يوسف وسارا على انهما ” طوني و شجن ” ان صغيرته تشبه شجن المرأه التي كان يعشقها من ايام الجامعه لكنها احبت طوني بدلآ عنه .. وهو لم ينزعج بل تركها له بكل بساطه لأن حبه لـ طوني كان اقوى من حبه لـ شجن ولكن رغم انه خسر طوني الا ان من شدة حبه لـ شجن قد رزقه الله بفتاه تشبهها للغايه وكأنها توأم لها .. كما يقال الان حسب العلم الحديث يقال بقدر قيمتك لحب شخص ما يخرج الطفل من صلبك يشبهه .. وهكذا اتت حبيبته سارا تشبه حبيبته شجن .. اما شجن فقد انجبت رجلآ يشبه حبيبها وزوجها طوني وهو يوسف .. انسابت دموعه تغطي وجهه وهو يرى صغيرته امامه .. صغيرته التي كاد ان يقتلها قبل شهرين من الان .. صغيرته التي شك بشرفها بكل حقاره منه .. رأى كيف ميرفات تحتضن سارا وتبكي وكأنها غير مصدقه بعد ان ابنتها قد عادت اليها اخيرآ .. ابتعدت سارا عن والدتها بينما التفتت ميرفات ناحيته لتقول والدموع تترقرق من محجريها
” سعود الن ترحب بأبنتك !! .. ”
لم يحتمل شدة الموقف .. رفع رأسه للسماء عاليآ يطلب من الله ان يعفو عنه وعن ظنونه السيئه بأبنته .. سمع صوت صغيرته تقول بصوت ناعم خجول
” ابي .. ”
خفق قلبه بقوه وازداد جريان دموعه ليفرد ذراعيه يدعوها لأحضانه .. ركضت اليه تدفن نفسها بصدره وهي تبكي بقوه وتضمه الى صدرها تنهل من حنانه الابوي .. تردد بكلمات اشتياق مؤلمه
كل هذا كان يحصل امام عين يوسف الذي لاحظ كم الحب الذي يلف هذه العائله .. تألم قلبه بشده وهو يرى مقدار اشتياق سارا لـعائلتها بينما هو تخلت عنه بكل سهوله من دون ان تهتم لأمره .. وكأنها لم تحبه يومآ .. ابتسم بحزن حقيقي للمره الاولى يضهر على وجهه بهذا الوضوع وغادر بصمت كما اتى من دون ان ينته اليه احدهم فقد كان الجميع مشغول بعودة سارا
نظرت ميرفات شزرآ نحو مريم قائله
” هيا اخرجي من منزلي .. ”
ظلت واقفه مكانها متجمده لا تتحرك .. احنت رأسها والان قد ادركت كوضح الشمس بالنهار ان ذنبها لا يستحق الغفران حقآ .. كل هذا الحب والدفء بين هذه العائله هي دمرته بغيره منها .. تحركت لتغادر من المنزل ولكن صوت سارا اوقفها
” توقفي مريم .. ”
توقفت ساقيها عن السير والتفتت ببطئ نحو سارا وهي تشعر بالخجل من فعلتها الدنيئه .. تقدمت سارا نحوها بثقه واحتضنتها بكل لطف
-” ان كنت تلومي نفسك لما فعلته فلا داعي لذلك .. صدقيني انت بتصرفك هذا جعلت حياتي تتغير للأفضل .. انا شاكره لك كل شيئ ولست منزعجه متك لانني اعلم ان حبك لـ يوسف جعلك تتصرفين هكذا ”
تعالت شهقاتها واحتضنت سارا بكل قوتها ولسانها لا يكل عن ترديد عبارات الاعتذار
. . .
خرج من المنزل بكبرياء يهز الجبال ولا تزال صورة سارا وهي تعبر عن اشتياقها لعائلتها يقتله .. كل ما استنتجه من هذا الموقف هو ان سارا قد تخلت عن حبه للأبد ولم يعد يعني لها شيئآ .. ضحك بسخريه على نفسه اي غبي واحمق هو لقد دمر كل شيئ قبل شهرين عندما طردها .. قال ماذا قال انها ابنة قاتل والديه ومن ثم يتفاجأ بأن سعود ليس قاتل بل صديق مقرب لوالده ومن بين كل شيئ الخاسر الوحيد كان هو .. الخاسر الوحيد هو يوسف رويس خرج عاشقآ ولهانآ وخسر قلب من يعشقها بتصرفه الغير مدروس .. ركب سيارته وقادها بسرعه الغضب يعصف به يكاد ينفجر كيف خسر بهذه السهوله .. كيف لم يستطع الحفاظ على حبه كيف استطاعت سارا ان تنتزع حبه من قلبها .. رن هاتفه وسط موجة افكاره .. نظر لأسم المتصل لم يكن سوى عمر .. اغلق الاتصال ومن ثم اغلق الهاتف ورماه بقوه وهو يسب ويلعن كيف يستطيع ان يعيش بدونها !! .. لقد قضى شهرين كالجحيم ببعدها عنه ثم عندما تضهر تتوسله ان يتركها وهو الاحمق نفذ لها طلبها لماذا !! .. لأن كبريائه اللعين يرفض ان بتوسل لأمرأه ان تبقى له .. ذهب الى المقبره لزيارة والديه ويخفف قليلآ من الاحزان التي تجثم على صدره .. بعد فتره وصل للمقبره وترجل من السياره ليسير بخطى بطيئه حيث يرقد والديه بسلام .. توقف امام القبر ينظر اليه بشرود .. عيناه غائمتان وكأنه بعالم اخر بعيد عن هذا تمامآ .. جلس بجانب القبر يفضفض عن مكنونات صدره فهما الوحيدان اللذان يستطيعان ان يتفهمانه
. . .
توالت الايام وانقضت سنون طويله (( 3 سنوات ))
يجلس هو وزوجته على العشب وبطنها منتفخ يشير الى طفل صغير ينمو بأحشائها .. المروج الخضراء تغطي المكان وتشرح الصدر بمنظرها الخلاب والنسمات الرقيقه التي تنسل للأعماق تشعر الجميع بالراحه والطمأنينه .. الابتسامه تشق وجهها وسعاده غامره تسكنها منذ ذلك اليوم الذي عادت اليه فيه …لقد تغيرت حياتهم للأفضل منذ ان تخلت عن خوفها ووثقت به .. ادركت ان السعاده قد تنغصها اشياء بسيطه بنظر الجميع .. مثلآ الثقه او الخوف كلاهما قد يبدوان بسيطان للبعض ولكن هما من يحددان ان كانت هناك سعاده او لا .. ان فقدت الثقه بمن تحب فقدت السعاده .. ان خفت ممن تحب فقدت السعاده .. وهكذا .. هذه الامور البسيطه هي من تقرر نمط حياتك .. حولت نظراتها اليه تحدق به بحب انه اجمل شيئ اقتحم حياتها وسيظل كذلك للأبد .. اتت اليها صغيرتها تبكي .. تضع كفيها الصغيرين على عيناها ومن بين شهقاتها تردد
” امي رامي يزعجني .. لقد ضربني على يدي ”
ضحكت بخفه بينما تجرها لحظنها تمسد على شعرها تهمس لها بكلمات حنونه تطيب خاطرها
” صغيرتي الحلوه لا داعي للبكاء هو يلعب معك ”
اعترضت الصغيره
” لا امي انه يكرهني ويضربني عن عمد .. ”
نهرتها بلطف وهي تداعي وجنتيها
” صغيرتي انه شقيقك يحبك كثيرآ .. هيا اذهبي والعبي حسنآ .. ”
مسحت الصغيره دموعها وكم كانت سهلة الارضاء .. ذهبت تركض الى حيث يقف اخيها الصبي صغير بعمر السنتين ونصف تقريبآ .. تنهدت بقلة حيله
” يا اللهي الى متى يستمران بالمشاجره هكذا !! .. ”
اجفلت وهي تستشعر يدين تحيطان خصرها النحيف من الوراء وصوت رجولي خشن يردد بمرح
” شجارهما يذكرني بمغامراتي معك سمر .. ”
ضحكت بسعاده بينما كفها يحتضن كفيه اللتان تقيدانها قالت بهمس حنون
” اممم ربما ولكن هذا قبل سنوات هاه .. ”
اومأ برأسه من دون ان ينبس بحرف .. كانت اللحظه تبدو لا تقدر بثمن وكلاهما يتغزلان ببعض عبر الصمت والنسمات التي تنقل احاديثهم .. بعد فتره همست
” كريم .. ”
همهم بخفوت وهو يمرغ وجهه بعنقها يستشعر رقتها ويستنشق عبيرها المغري .. عادت تهمس
” أتعلم انني اعشقك بجنون ! .. ”
ضحك فور سماعه لكلماتها وادارها اليه يحدق بوجهها الجميل وعيناه تتفرسان بملامحها بجوع حاد .. قرب وجهه منها وهمس بالقرب من شفتيها
” وانا اهيم بك عشقآ سمرائي .. انت كل حياتي ”
شقت الابتسامه وجهها واحتضنته بقوه تدفن رأسها بين اضلاعه .. تعالى صوت ضحكاته كأن هذه الثلاث سنوات التي مرت عليه حلم غريب .. مشاعر قويه جياشه تغرقه بها ..
استمرت تحدق بصغيريها بحنان فائض من كان يتوقع ان تحصل على كل هذه السعاده لمجرد انها قررت ان تتغير كما يريد زوجها .. آه مهما شكرت الله فهي لن تفيه حقه فهو قد اعطاها كل شيئ .. زوج .. اطفال .. عائله متماسكه .. حب .. سعاده .. كل ما ترغب به النساء هي تملكه .. ابتسمت بلطف وهي تقول
” كريم حبيبي ماذا سنسمي طفلنا القادم ؟ .. ”
ابتعد عنها قليلآ بينما هي تنظر اليه بتساؤل .. حسنآ هذا سؤال وجيه ماذا عليه ان يسمي صغيره القادم .. قال بتمهل
” ولكن نحن لم نعرف بعد ما جنسه !! .. ”
وافقته وهي تهز برأسها بدلال لتقول
” اعلم ولكن اود ان اعرف رأيك .. ”
ضيق عينيه وهو يمسك ذقنه بأصابعه يفكر بعمق .. جال عقله بشتى الاسامي ليهتف اخيرآ بحماس
” ما رأيك بأسم علي .. انه رائع جدآ اليس كذلك !! . ”
غطت وجهها ابتسامه حنونه وهي تجيبه
” نعم رائع جدآ حبيبي .. ”
عادت تحتضنه بحب وهي تدعو الله ان يديم سعادتهما هذه
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
يتبع …
تسللت اشعة الشمس لتنير الغرفه بنورها الوضاء .. تململت بالسرير منزعجه من الضوء القوي وحاجبيها متغضن .. فتحت عينيها ببطئ لتنسجم مع الضوء .. تثاؤبت بكسل لتلاحظ ان زوجها ليس موجود بالغرفه .. جلست بأعتدال وهي ترى مكانه خال مدت يديها لتتحسس الفراش فكان باردآ مما يدل على انه نهض منذ فتره طويله بعض الشيئ ..x يا اللهي ما هذه العاده اللعينه لديه زمت شفتيها بعبوس لماذا هو بهذه العجرفه !! .. كم مره قالت له انها تكره ان ينهض من السرير قبل ان تستيقظ !! .. منذ ان تزوجا لليوم هي كلما تستيقظ ترى فراشه خالي .. الا يمكن ان ينتظرها او ان يوقضها على الاقل !! .. تريد ولو لمره واحده ان تسبقه بالاستيقاظ كي ترى شكله وهو نائم ولكن الاحمق دومآ ما يحرمها من هذه الامنيه البسيطه .. تنهدت بملل بينما تمط شفتيها علامة انها مستاءه للغايه .. اخذت نفسآ عميقآ ونهضت من مكانها لتتوجه الى الحمام .. بعد فتره خرجت وهي تلف حولها منشفه واختارت لها فستان باللون البني يصل لما دون ركبتيها .. ارتدته على عجل ووضعت القليل من احمر الشفاه وخرجت من الغرفه متوجهه للأسفل .. استقبلتها الخادمه بطريقها وهي تقول بلطف
” صباح الخير سيدتي .. ”
اجابتها بأبتسامه لطيفه تشق وجهها الملائكي
” صباح الخير عزيزتي .. هل امين هنا !! .. ”
هزت الخادمه رأسها بالايجاب بينما تقول
” نعم سيدتي انه بغرفة الجلوس مع والده .. ”
هزت رأسها بأسى يا اللهي ما بال هذا الرجل لا يشعر مطلقآ منذ ان تزوجته لليوم نادرآ ما يتكلم معها .. الم يقل لها انه يحبها اذن لما كل هذا الجفاء !! .. تنهدت بضيق ودلفت الى قاعة الجلوس .. فور ان رأت عمها وزوجها ابتسمت بأشراق وقالت
” صباح الخير عمي .. صباح الخير امين .. ”
اومأ امين برأسه بينما اجابها السيد حسين بعذوبه
” صباح الخير صغيرتي .. تعالي واجلسي سيجهز الفطور بعد قليل .. ”
اومأت رأسها وتقدمت لتجلس بالقرب من زوجها الاحمق الذي لا يفهم شيئآ .. تجلس على اعصابها وهي ترى العم حسين يحدق بالتلفاز وزوجها مشغول بالعبث بهاتفه .. لم تتحمل ان تجلس كصنم لا يتحرك .. ضربت امين على فخذه بقوه وهي تهمس له
” هيي انت .. ايها السيد المبجل .. ”
التفت اليها وعلى ثغره ترتسم ابتسامه تسحر الالباب بينما اجابها
” نعم حبيبتي .. ”
لم تتوقع حركته هذه ابتلعت ريقها بصعوبه وهي تعاتبه بخفوت
” كم مره قلت لك انتظرني لننزل سويآ !! .. بحق الله لما لا تستمع لي .. ”
ضحك بخفه على تذمرها منه حسنآ هي دومآ تؤكد له ان ينتظرها ولكنه لا يفعل لماذا !! .. لأنه ببساطه يعشق ازعاجها .. صغيرته كاريس المرأه التي لم يتوقع اطلاقآ ان جان قد خدعه بها وموه له انه قد اذاها بذلك اليوم عندما مثل امامه بأنه قد سلبها عذريتها .. تنهد بعمق وهمس بأذنيها
” كاريس اليوم سنذهب لمكان سيعجبك كثيرآ .. ”
حدقت به بشغف وهي ترمش مرات وكرات والدهشه ترتسم على محياها الجميل .. قالت بهمس مليئ بالفضول
” الى اين ستأخذني امين .. ”
زم شفتيه حتى باتت كالخط المستقيم وهو يهز بسبابته اشارة النفي .. توسلته ان يخبرها لكنه لم يفعل ذلك لأنه سر ..
لا يزال ليس لديهم اطفال لأنه يرفض ذلك ودومآ يردد بأن الوقت لا يزال باكرآ لينجبا الاطفال وهي تقبلت ذلك بكل حب وتفهم وهذا حقآ يجعله يهتم بها اكثر .. لأنها ببساطه تلبي له كل ما يرغب لدرجه لو قال لها ارمي نفسك بالبحر فستفعل ذلك .. انها مطيعه له جدآ .. وهذا ما يجعله يحبها ويحترمها اكثر فأكثر .. آه كم يعشق ان يشاكسها ويثير غضبها ثم تأتي اليه تتذمر منه وتشكوه منه لنفسه ..
حاولت كثيرآ ان تجعله يخبرها ما هي مفاجأته ولكنه لم ينبس ولو بحرف .. بعد ان تناول الجميع الافطار استأذن من والده وخرج هو وزوجته لمكانه المنشود .. اثناء قيادته للسياره لم تكف عن جر الكلام من شفتيه ولكنها عبثآ تحاول .. قطب جبينه وهو يهتف ببرود
” لقد صدعت رأسي كاريس .. سنصل بعد ربع ساعه كحد اقصى انتظري وستعرفين .. ”
اجابته بسرعه وهي متلهفه
” اعلم اعلم ولكن الا يمكن ان تقول لي ما هي المفاجأه .. اعني لما لا تلمح لي !! .. ”
تأوه بضجر وامسكها من اذنيها وهو يقول بضجر
” بحق الله الا يمكن ان تنتظري ربع ساعه فقط .. ”
بعد ان يأست من اقناعه التزمت الصمت وبداخلها نيران اوقدها الفضول .. لم يدم الامر طويلآ حتى وصلا الى مزرعه متوسطة الحجم رائعه للغايه .. ترجلا من السياره وقد ابهر جمال المزرعه لب كاريس وبقيت تحدق بها بدهشه واعجاب شديدين .. كم بدى سعيدآ برؤيتها بهذا الشكل اقترب منها ليقف خلفها وهو يحيط خصرها بيديه ليهمس بأذنيها بحب
” ما رأيك جميلتي بهذه المزرعه .. ”
اجابته بنبره مخلوطه بالسعاده والدهشه
” انها خلابه حبيبي .. رائعه جدآ .. ”
كان راضيآ عن فعله هذا .. لقد اشترى هذه المزرعه لهما وكما قرر مسبقآ سيقضي اسبوع هنا لوحده مع محبوبته .. امسكها من معصمها وسار ليدخل المزرعه ليقف اخيرآ امام منزل متوسط الحجم متواضع ليقول بحب وهو يلتف اليها
” هذا هديتي لك .. لقد اشتريتها وسجلتها بأسمك تعبيرآ عن اسفي لأنني لم اخذك لشهر عسل عندما تزوجنا .. ”
لم تصدق ما تسمعه اذنيها .. هل امين بهذه الدرجه من الرومانسيه !! .. هل كان اسفآ لأنه حرمها من ذلك الحق الصغير .. خنقتها العبره وهي تستشعر مدى حبه واهتمامه بها .. التفت اليه ودموعها تغطي وجهها .. احتضنته بقوه تتشبث به وكأنها تخشى ان يفارقها يومآ .. قالت من بين عبراتها
” حبيبي .. انا احبك بشده يا عالمي .. ”
ابتسم بلطف وهو يبادلها الاحتضان ويربت على ضهرها بخفه .. بعد فتره وجيره ابتعذت عنه وهي تحدق به وعيناها مليئه بدموع الفرح .. التوى فمه بمكر ليحملها وسط دهشتها وهو يقول
” لقد اشتقت اليك كثيرآ حلوتي .. ”
توجه نحو المنزل وهو يضمها بين ذراعيه ..
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
تقف صامته على وجهها يرتسم الحزن العميق وكأنه جزء منها .. تستند للحائط تحدق بالناس .. انهم يسيرون هنا وهناك ينتشرون بالمكان .. عيناها لا تعكس غير الحزن الفظيع وكأنها تفتقد شيئآ ثمين .. اخذت نفس طويل علها ترتاح قليلآ وتكف عن التفكير بذلك الرجل الذي لم يهتم لها يومآ .. كم مؤلم الحب لو كان من طرف واحد .. نكست رأسها للأرض تنظر اليها بشرود وحرارة الدموع تلسع جفنيها .. ابتسمت بألم كم هي مثيره للشفقه لطالما كانت توضح له انها تحبه بطريقه غير مباشره .. زفرت بقوه وهي تلعن نفسها على غبائها هذا .. كيف لم تجعل لنفسها قدر ولا قيمه وتركض وراءه كالمتشرده .. قلبها يؤلمها بشده .. لا تزال تتذكر عندما ذهبت اليه بالامس تخبره بأنها ستسافر مع والدتها .. ضحكت بسخريه من نفسها لقد قالت له بأنها ستنتظره وكأنه سيأتي لأيقافها !! .. فلتت شهقه الم ودمعه يتيمه سقطت على خدها آه يا اللهي كم تشعر بالخزي من نفسها تبدو كمن ترمي نفسها لرجل والسبب فقط لأنها تحبه من اعماق قلبها .. تنهدت بأسى على حالها البائس .. اعتدلت بالوقوف وهي تسمع الاعلان عن رحلتها استدارت تنظر لوالدتها
” هيا امي حان وقت رحلتنا .. ”
كسرت قلب والدتها بشكلها هذا لتقول بحنان
” صغيرتي هل انتِ متأكده من قرارك هذا !! .. ”
حدقت بوالدتها بعمق وهل الامر يستحق التفكير !! انه لا يهتم لأمرها فما نفع بقائها هنا .. انها تعذب نفسها فقط .. هزت رأسها بالايجاب وهي تجيب
” نعم امي انا متأكده .. ”
استدارت لتسير بأتجاه الطائره وهي تجر الحقائب خلفها لتعاود القول
” هيا قبل ان نتأخر .. ”
استسلمت والدتها وهي ترى اصرارها على الرحيل .. غريب حقآ لقد ظنت ان كرم يحب صغيرتها لقد كادت تقسم على ذلك فقد كانت ترى العشق بعينيه .. تنهدت بأسى ياللحياه التعيسه التي تحرمنا من اشياء كثيره .. خطت خلف صغيرتها وتوقفت اخيرآ بالقرب منها وهي تتنهد بضجر وتقول
” ان كنتِ تفتقدينه هكذا فلما لا تبقين .. ليس ضروري ان نسافر .. ”
لم تجبها بل بقيت تنظر لنقطة ما بعيده .. تلك التي قد يضهر من خلفها كرم .. انتظرت وانتظرت ولكن بلا فائده .. ابتسمت بألم واستدارت على عقبيها .. ركبت والدتها الطائره لتصعد من خلفها دارين المدرجات وفجأه صدح صوت عال
” دارين .. ”
يركض بسرعه يبحث عنها بالمطار لكنه لم يعثر عليها .. شعر باليأس عليه ان يجدها قبل ان تسافر .. لا بد ان يخبرها بأنه يحبها ولكن هل فات الاوانx .. هل رحلت هل خسرها للأبد .. لاح طيف الامل امام ناظريه عنلما شاهد فتاه من الخلف تشبه الى حد كبير منشودته .. صرخ بقوه وهو يلهث
” دارين .. ”
استدارت ناحيته وعلامات الدهشه مرسومه بقوه على ملامحها .. فغرت فمها وسط نظراته الغير مصدقه .. لقد كان يشعر بأنه فقدها ولكن ولله الحمد بأخر اللحظات عثر عليها .. توقف مكانه وهو يحاول السيطره على انفاسه المتلاحقه .. يحاول ان يلتقط انفاسه وعيناه مثبتتان على الشابه التي تقف على مدرجات الطائره تقف بين الرحيل الابدي او البقاء .. عاد يقول بصوت مرتفع
” اود التحدث معك هل تسمحين لي ..”
ربما كلامه لم يكن سؤال بل امرآ او ربما اي شيئ غير انه ليس سؤال فهو يعرف انها ستنصاع له ببساطه لأنها كانت تنتظره .. يعلم هذا جيدآ .. نزلت مدرجات الطائره خطوه بخطوه تتقدم نحوه بينما نزلت والدتها خلفها بعدما اخذت الحقائب من ابنتها وهرعت تهبط فهي تعلم الان انهما لن تسافرا .. سارت بأتجاه كرم وقالت له
” اعتني بصغيرتي جيدآ كرم .. ”
ادار وجهه ناحيتها واجابها بأحترام
” انا لا ازال حارسها وهذا من واجبي سيدتي ”
ابتسمت بمكر وغادرت لتترك كرم ودارين يقفان لوحدهما وسط هذا المكان الشاسع
صدره يعلو ويهبط وانفاشه مضطربه بعض الشيئ .. بحياته كلها لم يعرف كيف يعترف بمشاعره ناحية شخص ما .. لطالما كان يشعر بأشياء تجاهها بالاخص بعد ان اصلحت علاقته بعائلته .. لقد اعترف به والده واصبحت معاملتهما له ولـيث متساويه .. كان مدينآ لها من اعماقه ولكنه اصر على انه لم يحبها بل كان مجرد اعجاب بشخصيتها .. ولكن الان وعندما احس أنه سيفقدها قرر ان يتنازل ويأتي اليها .. رأها تحدق بالمكان الذي اختفت منه والدتها ليهمس بعبثيه
” اعتقد انها تعلم انك لن ترحلي بعد الان هاه .. ”
جذبت كلماته انظارها ليغمز لها بمكر .. احمرت وجنتيها منه واحنت رأسها بخجل ليعاود القول
” انا لست بارع بالمقدمات دارين .. لذلك هل تتزوجيني ؟؟ .. ”
رفعت رأسها لتحدق به بدهشه غير مصدقه لما تسمعه اذنيها .. هل طلب يدها للزواج .. وفكن كيف هكذا ببساطه من دون حب او اي مشاعر .. هل شعر نحوها بالشفقه !! .. شعرت بالاهانه منه لتقول بحده
” انت لست مجبرآ للزواج مني .. صحيح ان والدي قد قتل تحت ضروف غريبه ومشككه ولم يعد لنا احد يحمينا غيرك .. لكن هذا لا يعني ان تجبر نفسك وترتبط بي ”
ضحك بسخريه على كلماتها ليقترب منها ويقف امامها مباشرة وهو يحني رأسه كي يراها .. هتف بصوت اجش مليئ بالعاطفه
” انا لن اتزوج امرأه لا اكن لها شيئآ .. ”
ابتلعت ريقها وهي تنظر اليه بترقب .. كانت تنتظر ان يعترف لها ويقول انه يحبها .. نعم تنتظر ان يتلفظ بتلك الكلمه التي لطالما انتظرتها .. عاد يقول بوله
” دارين انا احبك .. نعم احبك بجنون .. لطالما حاولت كبح جماح مشاعري لكنني لم استطع .. الان هل تتزوجينني !! .. ”
انسابت دموعها لأعترافه الغير رومانسي اطلاقآ ولكن هذا ما كانت تنتظره منه .. فهو لا يمت للرومانسيه بصله .. احتظنته بقوه تدقن رأسها بصدره .. وتقول بصوت مختنق
” انا احبك كرم احبك بشده .. لطالما انتظرت هذه اللحظه .. لطالما تمنيت ان تقول لي هذه الكلمه .. احبك بشده كرم .. ”
ابتسم بلطف وهو للمره الاولى يشعر بالاستقرار .. يشعر انه وجد نفسه عندما تعرف على دارين .. لقد بات يعرف من يكون بقربها وهو لن يفرط بها ابدآ ..
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
ترتدي فستان طويل محتشم وشعرها الاشقر حر مسترسل على ضهرها بكل عنفوان بينما هي ترتب المنزل تضع الوسائد الصغيره بمكانها المناسب على الاريكه .. كانت تبدو كزهره تفتحت منذ مده قصيره تبدو رائعه جدآ .. كانت مشغوله بعملها من دون ان تنتبه للرجل الذي يقف خلفها يراقبها بحب .. قال بخبث
” ارى ان حبة الكرز تعمل !! .. ”
اجفلت وقد سقط قلبها تحت قدميها وهي تستمع له .. التفتت اليه بسرعه وهي تضع يدها على صدرها
” يا اللهي لقد اخفتني منصور .. ”
تنهدت بأرتياح وكأنها نجت من امر ما بينما استرسل هو بضحكاته تقدم منها ليقف امامها وهو يمسك بخصله من شعرها ويقبلها بحنان
” ما ذنبي ان كنت اعتقد انك تلك السمراء لأتفاجأ بيوم خطبتي لك انك ساحره تخلبين اللب .. ”
ابتسمت بخجل من اطراءه الدائم لها .. يبدو انه سيظل هكذا دومآ .. فمنذ ثلاث سنوات ومنذ اللحظه التي وطأت منزله هذا وهو على هذه الحال يظل يتأملها كل صباح ويقول لها ” حبة الكرز ” قالت بهمس
” اليس هذا جيدآ !! .. ”
عاد للضحك وضمها الى صدره بحنان قائلآ
” بالتأكيد هذا جيد .. جيد جدآ .. ”
وضعت يديها على صدره وهي تغمض عينيها تستمتع بهذه اللحظات الرائعه .. لا نزال تذكر انها لم تتزوج منه الا بعد ان سامحتها سارا والعم سعود والعمه ميرفات .. وقد عادت المياه لمجاريها وتوطدت علاقة الجميع عدا ان سارا الوحبده التي لم ترتبط بيوسف .. ابتعد عنها فليلآ واحتضن وجهها بكفيه بكل حب ليهمس لها
” احبك ملاكي الفاتنه .. ”
قال ذلك ليطبع قبله عميقه على شفتيها بينما هي استسلمت له وهي تلف يديها حول عنقه بكل رقه .. لم تدم اللحظات اللطبفه هذه سوى ثوان معدوده قبل ان يرج المنزل صوت طفل صغير يبكي .. ابتعدت عنه بسرعه وهي تقول بأهتمام
” يا اللهي يبدو ان صغيري حسين قد استيقظ ”
غادرت بسرعه لتترك منصور لوحده وهو مقطب الجبين وفمه مزموم بزعل .. رفع يدبه وهو يمرر اصابعه بين خصلات شعره قائلآ بأنزعاج
” يا اللهي ارحمنا .. الى متى هذا الصغير يقطع علينا اللحظات الجميله مثل هذه .. ”
تنهد بضجر وجلس على الاريكه ليشاهد التلفاز
“””””””””””””””””‘”‘”””””””””””””””””””””””””
يتبع …
تجلس مع والديها بقاعة الجلوس يتناولون شتى انواع الاحاديث قبل ان تخبرهم الخادمه ان هناك رجلآ يدعى عمر يود رؤبة الانسه سارا .. صغرت عيناها لتخرج تلتقي به كما اراد ..
القت عليه التحيه لتباشره بعدها
” نعم عمر هل تريد شيئآ .. ”
هز الاخير رأسه ليقول وهو يحدق بها
” السيد يوسف يرغب برؤيتك .. ”
تفاجأت من كلامه لتقول بدهشه
” يود لقائي !! .. ”
هز رأسه ببرود
-” نعم انستي يرغب بلقائك بالقرب من شاطئ البحر بعد ساعه من الان .. ”
قال ذلك ورحل بسرعه من دون ان يستمع لما ستقوله .. بقيت تقف مكانها متفاجأه .. بعد ثلاث سنوات من الهجران يطلب يوسف لقائها !! .. بعد سنوات من عدم اللقاء يرغب بلقائها !! .. ربما كانت متفاجأه ولكن بأعماقها كانت سعيده جدآ جدآ .. تحركت للداخل وتوجهت للأعلى لتستعد للقاء يوسف عليها ان تكون بحله جميله حتى وان كانوا منفصلين ولا شيئ بينهم .. ارتدت عباءه جديده ووشاح من الحرير الناعم بدت خلابه جدآ بالاخص وان اللون الاسود بات يضفي شيئآ خاصآ عليها ..
. . .
دلف الى داخل القصر وهو يصفر بكل مرح ووجهه يعكس السعاده الغامره .. استقبلته ساندرا بوجه متسائل مليئ بالفضول من اشراقه الغير معهود .. قطبت حاجبيها بينما تحمل بين يديها صغيرتها ذات عمر الـ 2 سنوات .. قالت بتساؤل
” ما بك حبيبي تبدو اليوم سعيد على غير عادتك ”
تقدم منها وطبع قبله على وجنتها وهمس بالقرب من اذنيها
” انا سعيد لأن سيدي سعيد .. ”
احمرت وجنتيها خجلآ من تصرفه الجريئ مع وجود صغيرتها بين احضانها .. ولكنها تسائلت ماذا يعني بسيده سعيد !! ..
” هل تمزح معي ان يوسف متجهم طوال الوقت منذ اتيت الى هذا المنزل قبل 3 سنوات وقرابة الشهرين وانا اراه بحال لا يحسد عليها .. ”
اومأ رأسه بتفهم والقى بجسده على الاريكه وهو يجيبها
” انت محقه لكن كما تعلمين انا خططت لشيئ وهو سيجلب السعاده لسيدي .. لقد قلت له انني اريد رؤيته عند شاطئ البحر لأمر مهم وقلت نفس الكلام لشخص اخر وهكذا سيلتقي سيدي بسعادته ولن يفلتها بعد الان .. ”
قطبت حاجبيها بأستنكار ولم تفهم اي شيئ مما قاله كما انه لم يهتم بتوضيح الامر لها اكثر من ذلك
. . .
يقف على شاطئ البحر بكل شموخ والهواء رغم انه ليس باردآ ولكنه يداعب بشرته بكل نعومه وشعره يتطاير من اثره .. لا يزال منذ نصف ساعه هنا لقد اتى قبل الموعد المحدد لأنه يود ان يقضي بعض اللحظات الجميله هنا لوحده .. لقد اتصل به عمر اثناء عمله وقال له انه يريد ان يلتقي به عند شاطئ البحر لأمر هام ولم يتبق سوى بضع دقائق ويكون هنا .. يتنفس بأنتظام وعمق ونظراته لا تفارق هيجان هذا البحر العميق وصورة سارا تترائى امامه .. لقد مضت ثلاث سنوات كأنها قرون .. آه كم الفراق مؤلم بالاخص لو كنت تحب بصدق وقوه .. اخذ نفسآ عميقآ ليسمع من خلفه صوت انثوي خجول يقول
” يوسف ”
استدار بسرعه للخلف ليرى امامه اخر شخص توقع ان يراه هنا بعد هذا الوقت
- نزلت من سيارتها بأرستقراطيه وتوجهت بخطوات ثابته نحو شاطئ البحر رأت العديد من الاشخاص هنا .. بحثت بنظراتها عن يوسف الى ان اخيرآ لاحظت رجلآ يقف وحيدآ بمكان بعيد بعض الشيئ ورغم انها لم ترى سوى قفاه لكن قلبها خفق بقوه وقد تحفزت واستعدت كل احساسيها لهذا الرجل مما جعلها تدرك بسهوله انه يوسف .. الرجل الذي تعشقه بجنون .. استجمعت شجاعتها واخذت نفسآ عميقآ لتتوجه نحو ذلك الرجل القاسي البارد الذي لطالما كان يوجه اليها الاهانات المبطنه .. وقفت خلفه من دون ان يشعر وهي تراه بوضوح تدقق به لتهتف اخيرآ بخجل
” يوسف ”
رأته يستدير نحوها بقوه لتتلاقى نظراتهما بعد طول غياب وكم بدت الدهشه واضحه على ملامحه عادت تقول وسط هيجان مشاعرها
” كيف حالك يوسف ؟؟ .. ”
اجابها بهدوء محاولآ السيطره على انفعالاته
” انا بخير وانتِ ؟ ”
تحدق به بجوع آه كم اشتاقت لرؤيته .. لهذه الملامح التي تجعلها تضيع .. نظره زائغه منحرفه سقطت على شفتيه لتبعدها بسرعه وقد هاجمتها كل تلك الذكريات عندما كان يقبلها بكل تملك وكأنها شيئ يخصه وحده شيئ ملك له فحسب .. ولكن بالنهايه ادركت ان كل ذلك كان خداعآ لا اساس له .. كل قبلاته كانت للتمويه عن محاولة الانتقام لديه .. ابتسمت بلطف واجابته
” انا بخير شكرآ لك .. “
لم يجبها بشيئ بقي صامتآ يحدق بها اما هي فلم تحتمل نظراته الثاقبه مما جعلها تحني رأسه قائله
” لقد طلبت رؤيتي اليس كذلك ؟.. ”
قطب حاجبيه لم يفهم ما تعنيه قال بهدوء
” انا لم اطلب لقائك اعتقد ان لقائنا حدث بالصدفه ”
رفعت رأسها اليه تعتقد انه يسخر منها ولكنها لا تعلم بأن الامر خدعه من عمر قالت بتهكم
” لا اؤمن بالصدف سيد يوسف .. لقد اتى الي حارسك واخبرني انك ترغب برؤيتي هنا ”
تغضن جبينه من كلامها وفجأه حول نظراته بأتجاه البحر وقد ادرك ان عمر قد خطط لهذا اللقاء من دون ان يشعر اي منهما بذلك .. ابتسم بسخزيه هكذا اذن
” فهمت ”
شعرت بالانزعاج من بروده القاتل هذا وفوق كل ذلك يقول انه لم يطلب رؤيتها ياله من كاذب .. هذا ما كانت تفكر به قالت بأنزعاج وقد استفزها بتصرفه
” اذن قل ما لديك لأرحل .. ”
نظر اليها ببرود قائلآ
” ليس لدي ما اقوله لك .. ”
فغرت فمها هل هذا الرجل مجنون كيف يطلب رؤيتها ثم ينكر الامر !! .. هل به انفصام بالشخصيه !! .. طفح بها الكيل لتستدير وتغادر لكنه امسك بمعصمها بسرعه وجرها اليه لتقف امامه مباشرة لا يفصل بينهما سوى سنتمترات قليله .. قال بخفوت
” لما انتِ متعجله للذهاب .. ”
ابتلعت ريقها تنظر اليه بأنشداه
” الم تقل انه ليس لك كلام معي ”
اجابها بمكر
” اشتقت اليكِ ”
خفق قلبها بقوه من سماعها لهذه الكلمه .. مشاعرها لم تكن تحتاج سوى هذه الكلمه لتطلق العنان لدموعها التي لطالما حاولت ان تكبتها .. تحدق به بأنكسار بينما لم يحتمل اكثر .. ضمها الى صدره بقوه
” يوسف انا احبك .. اقسم انني احبك .. لقد عشت اسوء ثلاث سنوات بحياتي بأبتعادك عني ”
زاد من شدة احتضانه لها وهو يمرر خده على اجزاء شعرها لم يجب على كلامها بينما عادت تقول
” انا اريدك يوسف .. اريد ان تكون لي وانا لك .. اقسم لك لم يلمسني اي رجل سواك .. ارجوك تزوجني ”
ابعدها عنه قليلآ مصدوم من كلماتها بينما تقابله نظراتها الحزينه فجأه انفجر بالضحك ليهمس لها
” منذ متى المرأه من تطلب يد الرجل ”
اجابته بأبتسامه ذابله
” منذ ان تعرفت عليك ”
امسك وجهها بكلتا يديه وقد قرر اخيرآ ان يكون جريئآ ويدوس على كبريائه قائلآ
” انا احبك سارا ”
لم يعرف هل يضحك على نفسه ام ماذا وهو يرى ملامح سارا قد شحبت بالكامل ووجهها قد عكس صدمه لم يكن يتوقعها يومآ بحياته قالت بدهشه
” مـ .. ماذا قلت !! .. ”
اجابها بحنو وهو يطبع قبله رقيقه على وجنتيها
” قلت انني احبك سارا .. احببتك منذ ان التقينا للمره الاولى بمطعم هولي اتذكرين ذلك .. عندما قبلت وجنتيك الرقيقه ”
اشرق وجهها ودفنت نفسها بين احضانه تردد بسعاده غامره
” انا لا اصدق يوسف .. لا اصدق هذا لقد اعتقدت انك تكرهني ”
زم شفتيه بمكر يجيبها
” ربما كنت اوهم نفسي انني كذلك فقط كي لا اعترف بحبي لك .. ”
زادت من احتضانه وهي تلف يديها بقوه حول خصره
” انا احبك يوسف لا بل اعشقك بجنون ”
ضحك بخفه عليها ليبعدها عنه بلطف بينما جثى على احدى ركبتيه كما يحدث بالافلام حينما يتقدم الشاب لخطبة الفتاه قائلآ
” هل تتزوجينني سارا ؟ ”
شهقت بقوه من تصرفه الرومانسي كما يحدث بالعصور القديمه .. من دهشتها انعقد لسانها ولم تعرف ماذا تقول ليباشرها بدهاء
” هل اعتبر انك غير موافقه !! .. ”
هزت رأسها بسرعه فور ان سمعت جملته لتقول وهي تركع على الارض تحتضنه
” انا موافقه .. مـوافقه ”
احتضنا بعضهما البعض وسط ضحكاتهما المجلجله ودموعها المنسكبه بكل سعاده ..
بعد فتره ابعدها عن حظنه وظل يحدق بعينيها بكل حب لينحني قليلآ ناحيتها ويطبع قبله عميقه على شفتيها يرسل فيها كل مشاعره نحوها ومدى الحب الذي يكنه تجاهها بينما هي لفت ذراعيها حول عنقه متناسيه المكان والزمان ليعودا الى نفس سارا و يوسف منذ ثاني لقاء بينهم بحفلة اميره ..
. . .
وهكذا رغم ان الحزن يسيطر على الحياة الان .. آلا ان الحياه بصدق لا تخلو من السعاده .. رغم انني لا اؤمن بالسعاده الكامله ولكن لا انكر وجودها ايظآ .. لذلك ليس علينا ان ندع الحزن يتغلب علينا في يوم من الايام .. في نهاية المطاف جميع الابطال عاشوا بسعاده .. اتمنى ان تعجبكم النهايه التي كتبتها امس فقط بسبب الالهام اللعين اللي اختفى فجأه وعاد امس ليلآ .. اود من اعماق قلبي معرفة ارائكم ..
. . . (( تمت بحمد الله )) . . .