رواية حصنك الغائب

بواسطة: كُتاب بيت العز - آخر تحديث: 20 أغسطس 2024
رواية حصنك الغائب



الفصل الثالث


 

“يا ماما افهميني، أنا مش قادرة اكمل معاه”

 

نظرت دُرة لابنتها مذهولة مما تقوله:

إنتي اتجننتي يا بلقيس؟ فجأة كده؟

وبعدين ده وقته. الولد عندنا، وانا شايفاه بيحاول يراضيكي بكل الطرق. يزيد راجل تتمناه اي واحدة، بلاش تكوني غبية وتضيعيه من إيدك عشان كلام فارغ!

 

هتفت مبررة:  حاولت يا ماما اقرب واحس بيه مش قادرة، يزيد مافيهوش أي حاجة عجباني ولا شداني صحيح محترم وبيحبني زي ما قلتي، بس ماهو طبيعي يحبني، في ميت سبب يخليني فتاة احلامه، زي ما انا حلم شباب كتير وانتي عارفة..!

 

أشارت بتحذير: إياكي يابنتي والغرور، لأنه فيه هلاكك! جمالك مش دايم، و يزيد أصيل وبيحبك بكل حالاتك، ولو الزمن مال بيكي هتلاقي راجل حقيقي يسندك في زمن مبقاش فيه زيه كتير!

واستطردت ببعض اللين:  إسمعيني يا بلقيس، أنا وابوكي مش قصدنا ابدا نفرضه عليكي.. لكن احنا شايفين اللي انتي مش شايفاه.. احنا بنهديكي هدية، أدي لنفسك فرصة حبيبتي وحاولي تبصي جواه، صدقيني لو شيلتي غمامة المظاهر الخداعة من على عينك هتشوفي فارس شهم قلبه يتاقل بالدهب!

 

أبى عنادها أن يستجيب، وقرارها صار حتمي:

 

_ ماما لو سمحتي، ماتحاوليش تقنعيني.. وأكيد مش كل اللي حوالية زي ما بتقولي كده.. وكأن مافيش راجل في الدنيا زي يزيد..أنا من حقي أرتبط بحد يطابق خيالي ويزيد بعيد أوي يا أمي عن اللي بتمناه، أنا حاولت عشانكم، بس أكبر غلط أستمر بالإحساس ده.. وأكيد ومش هتجوز مجاملة!

 

وواصلت تبريرها: من مصلحتنا ننتهي على كده، يزيد مش مناسب ليا يا أمي، مظهره ولبسه بيعصبني! رغم إنه مش فقير لكن مابيحاولش ابدا يكون أحسن! أنا بقيت اسمع تريقة البنات بوداني اما بيشوفوه يجي ياخدني من الجامعة.. من حقي اتباهى بخطيبي.. خصوصا إني……… !

 

” أخرسي”

 

نهرتها بقسوة، ثم رمقتها بعتاب:

 

_ المظاهر سهل نغيريها في أي شخص خصوصا لو مالكين قلبه، لكن عيوب الطبع والروح هي اللي مستحيل حد يغيرها.. ويمكن هو انتظر إنك تبادري عشان يحس إنك بتتحركي ناحيته وبتبذلي مجهود، وهو كان هيستجيب ليكي لأنه بيحبك وكان هيفرح باهتمامك، بس انتي  اعتبرتيها حجة ومبرر يخلصك في الوقت المناسب!

 

اخجلها تعريها أمام والدتها، هي بالفعل أرادت أن تدخر من سوء هندمته حجة دامغة تدعم قرارها لوالديها،  ورغم هذا لن تتراجع.. يزيد لا يليق بها گفارس أحلامها.. ولا ترى في قرارها عيبًا أو قسوة، بل الوضوح أكرم في تلك الحالة.. والزمن سيثبت لهم وجهة نظرها.. هتفت أخيرًا لتنهي هذا الجدال:

 

_ كفاية يا ماما كلام لحد كده.. أنا خلاص أخدت قراري، وكل واحد مسؤل عن نفسه، أنا مابحبوش وده مش ذنبي ولا حتى ذنبه، هو ابن عمي اللي بحترمه، بس مش أكتر من كده.. وبكرة ينساني وياخد واحدة يحبها وتحبه..ده حقه انه يتحب.. مش إني اخدعه واتجوزه مجاملة.. أرجوكي اتصرفي مع بابا.. وخلصيني من الخطوبة دي في اقرب وقت! أنا بقيت حاسة بعبء شديد، مش عايزة امثل أكتر من كده”

 

حدجتها بألم غير راضية عن قرارها، ولكن ليس بيدها حيلة، فهتفت باستسلام:

 

ربنا يستر وينتهي الموضوع من غير مايرزع فجوة “جفا” بنا وبين يزيد وأهله! ويفرق العيلتين، ويقويني أوصل قرارك  لابوكي اللي أكيد هيزعله..

 

هتفت بلقيس : أكيد هيتقبلوا الأمر ببساطة، واحنا مش أول اتنين تتفسخ خطوبتهم يعني يا ماما..!

 

وواصلت وهي تهم بالمغادرة: أنا هروح اشوفه بره على ماتيجي، هو قال هيركن العربية ويحصلني!

 

والدتها بتحذير أخير:  ماشي بس بحذرك تعرفيه حاجة دلوقت، سيبي ابوكي يحل الموضوع ده!

 

_ ماتقلقيش، اصلا معنديش الشجاعة اقوله حاجة زي دي، عشان كده كلمتك!

………………… ..

 

ما أن عبرت الممر المؤدي لخارج المطبخ، حتى اتسعت عيناها بذهول وهي تطالع  وردة حمراء ملقاه أرضًا وقد بدا أن احدهم اعتصرها بين يديه بقسوة، فتمزقت أوراقها وتناثرت.. عبس وجهها وأدركت خطأها الفادح.. يزيد استمع لحديثهما.. ليتها تروت وانتظرت مغادرته!  لم تكن تريد جرحه بهذا الشكل!

ولكي تكتمل الطامة، وجدت والدتها خلفها تهتف بغضب هادر:

 

_إيه رأيك في اللي عملتيه ده يا بلقيس؟! جرحتي شاب بيحبك بمنتهي القسوة.. طب كنتي اختارتي الوقت والمكان المناسب ياغبية.. مش تكلميني وهو جاي معاكي.. وواصلت بأسف: ياخوفي يابنتي  تندمي بعد ما يكون فات الآوان!


 

دُرة وهي تربت على كتف زوجها بمواساه لحزنه من ترك ابنته ليزيد، والطريقة التي علم بها الأمر:

 

روق يا عاصم،كل شيء نصيب في الأخر.. وربنا يعوضهم احسن من بعض!

 

التفت لها متمتما:  كان نفسي تفهم يزيد وتقدره، ده أكتر إنسان كنت هطمن عليها معاه لما ربنا ياخد أمانته!

قالت بجزع:  بعد الشر عنك يا حبيبي، ربنا يطول في عمرك وتكون دايما سندنا في الدنيا.. أوعي تتكلم بالطريقة دي تاني..

وواصلت:  يمكن احنا بدون قصد ساهمنا في الغلط ده يا عاصم، بلقيس عمرها ما مالت ليزيد، انا وانت غسلنا دماغها عشان توافق، وهي وافقت عشاننا.. اللي حصل ده كان لازم هيحصل، ويمكن دلوقت أفضل من بعدين، محدش عارف الخير فين لكل واحد فيهم!

 

تنهد معربًا عن ضيق نفسه: طب واخويا أدهم؟ خايف اخسره ويزعل مني ويقاطعني! وكريمة مراته أكيد هتتقهر عشان ابنها وهتزعل عشانوا..! ومقدرش الومها..!

_ اطمن يا عاصم، أدهم اخوك عاقل، ويزيد نفسه مش هيسمح بكده.. لكن الخوف فعلا من كريمة، هي اللي هتحتاح وقت تتقبل اللي حصل.. ودي مهمتي معاها.. هفضل احاول لحد ما ارجع علاقتنا بيها تاني!

بش هنتظر تهدى الأول مع نفسها..!

 

اومأ برأسه وغامت عيناه مردفًا:  ربنا يسترها..!


بأحد الكافيهات العامة!

 

يطالع العم عاصم بنظرة يشوبها التعاطف، هو يدرك أن الأمر لم يكن علي هواه وثقيل على نفسه.. وأكثر ما أساؤه، أن يرى الخجل بعيناه! هتف بمرح زائف لتهوين الأمر:  أيه يا عاصم بيه، أنت مش ناوي تعزم ابن اخوك على قهوة ولا أيه؟ لو مش معاك فلوس قول ماتتكسفش!

 

أدرك محاولته لتلطيف الأجواء، فازداد بعينه قدرا ومعزة، كما تعاظم ضيقه من موقف ابنته الحمقاء، أين ستجد قلبًا طيبا ملائكيًا گ يزيد!

 

تمتم العم:  أنت أكيد عارف يا يزيد أنا بحبك قد إيه!

 

يزيد بصدق: وحضرتك كمان ياعمي عارف قيمتك عندي، أنت والدي التاني.. ومافيش حاجة ممكن تزعلني منك، اللي حصل بيني انا وبلقيس أسمه قسمة ونصيب.. لكن علاقتي بيك مالهاش دعوة. ولا مرهونة بنسب، علاقتنا أكبر من كده! مافيش حاجة هتتغير ابدا.. هتفضل عمي اللي بحبه، وهفضل ابنك زي ما دايما بتعتبرني، وابن عم لبلقيس.. مافيش داعي للحساسية دي، وأوعي ياعمي مهما حصل توطي راسك تاني اما تشوفني، ماعاش ولا كان اللي يخليك تبص في الأرض، انت كبير اوي!  وانا قادر افصل الأمور كويس.. ابنك مش صغير!

 

ترقرقت العم عيناه متأثرًا بتهذيبه الجم، كم هو شاب رائع، كيف يمتلك كل هذا القدر من الخُلق ورقة المشاعر.. فبدلًا من أن يُخفف هو عليه الموقف..هو ذاته ما يحاول تهوين الأمر عليه.. مجددًا احترامه وحبه “گأبٍ” ثانِ له.. آآه يا ابنتي.. لو تعلمين أي قلب خسرتي!!!  لبكيتي دمًا..!


 

ربما ينجح بخداع البعض بابتسامات ودعابات خاطفة أن أحواله بخير ولم يتأثر.. لكن لن يخيل خداعه على من تراقبه الآن خلسة من شرفته المجاورة لها، منفطرًا قلبها على ذبوله وحزنه الدفين .. يزيد أطيب أولادها وربما اقربهم.. لم يستحق ابدا ذاك الجرح.. ليتهم سمعوا لها عندما رفضت اقترانه ببلقيس..وكأنها كانت تتنبأ بنهاية مماثلة.. ابنة العم المغرورة.. لا تقدر سوى المظاهر ولا يعنيها قلب بقيمة الذهب گ أبنها الذي مازال يخبيء آلامه بين جدران غرفته، ولكن من يخدع؟!.. وهي من تحفظه وتقراؤه گ خطوط كفها المتقاطعة!

……………… ..

 

_حسبي الله ونعم الوكيل فيكي ياللي كسرتي قلب ضنايا وقهرتيه!!!

 

تمتمت بسخط أمام زوجها بعد أن عادت غرفتها، ورغم حزنه وضيقه لأجل يزيد.. إلا أنه نهر زوجته بحدة:

 

_ أنتي اتجننتي يا كريمة!  بتدعي على بنت اخويا قدامي؟

 

أجابت بصوت باكي وموجوع:

أمال عايزني اعمل أيه يا أدهم، بعد مابنت اخوك سابت ابني اللي لو لفت الدنيا من شرقها لغربها مش هتلاقي ضفره، مش شايف حالته اللي تصعب على الكافر، ولا بياكل ولا بيشرب وخس النص بسببها..!

مستكتر عليا افضفض بكلمتين، والله حرام عليك!! ”

 

_ كل واحد بياخد نصيبه ياكريمة، محدش عارف الخير فين، يمكن جوازهم كان شر ليهم! ربنا يعوضه أحسن منها.. ويرزقها باللي تتمناه..!

 

أردفت بحرقة: عمرها ما هترتاح بعد ما كسرت خاطر ابني.. وبكرة تشوف! واستأنفت بحدة:

وبعدين انت هادي كده إزاي؟ ده بدال ما تعاتب اخوك علي تربية بنته ودلعهم الماسخ، أما طلعوها انانية ومغرورة وكأن مافيش في الدنيا غيرها.!

ذنبه أيه ابني  تجرحه وتكسر قلبه، ماكانتش عطيته امل واتخطبتله من الأول!

 

أدهم بصوت هادر :

كريييمة، قسمًا بالله لو بطلتي ندب وغلط في الناس يومك ماهيعدي! أنا مش هخسر اخويا عشان الكلام الفارغ بتاعك ده لأن مالوش ذنب، وبعدين انا ابني راجل من ضهر راجل، مافيش حاجة تكسره، وهتشوفي ابنك ده هيبقى ازاي، والأيام ياما بتداوي وتنسي! وبكره ربنا يعوضه بأحسن منها..! وشغله هينسيه كل حاجة مع الوقت!

 

ثم صمت يلتقط انفاسه وواصل بحزم :

مش عايزك تفتحي الموضوع تاني..  خلاص مولد وانفض، وربنا يصلح حاله وحالها..!

 

منحته نظرة حانقة متألمة، ثم تركته لتتفقد حال ولدها المكسور مرة أخرى!

 


“يزيد مش مناسب ليا يا أمي، مظهره ولبسه بيعصبني! رغم إنه مش فقير لكن مابيحاولش ابدا يكون أحسن! أنا بقيت اسمع تريقة البنات بوداني اما بيشوفوه يجي ياخدني من الجامعة.. من حقي اتباهى بخطيبي..”

 

مازال عقله يسترجع حديثها وكلماتها تطعن كرامته وترميه بذنب القُبح! كلمات گ مطرقة حديد مشتعلة مثل جمرة! تحرقه دون رحمة..! وگأنها تعيد تشكيله من جديد لأنسان أخر، لن ينسى أبدا تلك الكلمات.. ستحفر بعمق ذاكرته، ليعلم أن بهذا الزمان لا مكان لأمثاله بضاعته غدت باخسه لا قيمة لها..! والمظاهر أضحت كل شيء.. وبات يُشترط مع الرجولة جمال! وياله من زمن! وكان يظن بسذاجة، أن قلبه وعشقه وحنانه وحدهم سيرجحون كِفته لديها.. ليتها أحبته!  لو فعلت، لرآته جميلًا بعينيها..! لكنها فضلت لفظه من عالمها، وقد كان لجمالها خير حافظ..  ولجنتها خير حارس!! ولحياتها خير أمين!

ومهما أكتوى بفراقها. وطال شقاءه.. لن يستجدي وصالًا بعد الآن..! هو رجلًا وسيظل رجلًا لن يهزمه العشق ويجعله خانعًا..! قصتهم ناقصة ضعيفة گ جنين مشوه لم يكتمل نموه،  وآن له أن يوئد، وتتفتت نطفته..!

………………………… ..

 

بلقيسُ يا ملكة..  لفظتني جنتكِ.!

وآبا جمالكِ الاقترنَ بقبحي..!

فشكرًا لجرحٍ دونه ما علمتُ..!

أني كنتُ عاشقٍ.. لتلكَ الدرجةِ دميم..!


 

( معقولة سبتي يزيد؟!)

 

ردت بلقيس ببساطة لصديقتها تيماء:  أيوة.. مستغربة ليه، أنا توقعت إنك مش هتتفاجئي كده!

 

_ لا متفاجئة، لأن تصورت إنك مش هتاخدي القرار ده.. بس بصراحة عجبتيني، طلعتي شجاعة وبتفكري صح.. يزيد مش شبهك ولا يليق بيكي.. شوفتي البنات اما شافوه جالك كذا مرة ازاي شمتوا فيكي وفضلوا يتريقوا ويلقحوا كلام عليكي.. انما إنتي تستاهلي تاخدي واحد يحسدوكي عليه زي ما بيحسدوكي على كل حاجة

 

_ سيبك منهم. وكفاية كلام في موضوع يزيد.. انا بجد مضغوطة في البيت..ماما وبابا من وقتها زعلانين وده مضايقني جدا..!

 

تيماء:  وإيه يزعلهم، هو انتي قليلة، اكيد يعني يزيد ما كانش فرصة يتزعل عليها أساسا..!

 

_ بس هما شايفين العكس، ماما بتقولي خسرتيه، وبابا بيقولي هتندمي! مش قادرين يفهموا ويقتنعو إن يزيد ممكن يبقى فرصة لغيري، بس مش ليه أنا..!

 

ضحكت تيماء:  بصراحة تفكيرهم عجيب..عموما المهم إن خلصتي من الموضوع ده.. وبكرة ترتبطي براحد الكل يحسدك عليه

 

هتفت بلامبالاة:  عادي اصلا مش عايزة ارتباط دلوقت.. خليني اركز في شغلي مع بابا بعد التخرج واتنفس شوية!

 

_ أيوة صحيح، أنتي هتمسكي الإدارة مع والدك في شركة القاهرة.. بما إنك اتخصصتي في ” إدارة أعمال”..بس على كده هتنتقلوا وتعيشوا في القاهرة؟

 

بلقيس: لا مش شرط.. لأن ماما مش عايزة تسيب المنصورة.. متمسكة بحياتها فيها.. وبابا مش عايزها تعمل حاجة ضد رغبتها، لأنها اتولدت وعاشت هنا..!

 

_ بصي هو اصلا المنصورة والقاهرة مش بعاد أوي عن بعض..!

 

_ ياستي انا مش فارق معايا بالعكس.. أنا عايزة اعوض الكبت ده واورح واجي كل يوم.. اكيد هيكون عندي حرية أكتر..!

 

تيماء بتفهم:  عندك حق! طب يلا بقى نلحق أول محاضرة! وبعدها هعزمك على حاجة في الكافيتريا

( هي الخسرانة.. عمرها ما هتعوض يزيد)

تمتمت عطر بجملة حانقة على مسامع جوري الباكية، فهتفت الأخيرة: بس صعبان عليه يزيد أخويا ياعطر.. رغم إنه بيحاول يداري ويكون طبيعي علشان مانزعلش عشانه.. بس انا حاسة بيه.. الألم والحزن والكسرة مالية عنيه!

_ ما عاش ولا كان اللي تكسر يزيد.. أخوكي راجل يا جوري وهيعدي من أزمته ويكون افضل، وبكرة ربنا هيعوضه بأحسن منها مليون مرة.. أصلا بلقيس دي بنت مغرورة ورخمة وعمري ما حبيتها.. وذنب يزيد مش هيروح، بكرة تتجوز واحد غتت زيها، واحد مش هيحب غير جمالها اللي زايل!

جففت جوري وجهها: عندك حق.. أخويا طيب وحنين وأكيد ربنا هيعوضه.. وواصلت : بس لازم نعمل حاجة تبسطه ياعطر، فكري معايا..!

أجابتها بحماس: سهلة جدا، أيه رأيك نعمله حفلة لعيد ميلاده اللي قرب.. وكلنا نجيبله هدايا ونحسسه إننا بنحبه وحواليه.. وننسيه البت دي خالص، ونخليه هو وياسين وعابد يخرجونا ونتفسح ونضحك ونلعب ونهزر.. ومانخليش لعقله فرصة يفكر فيها.. وهو مع الوقت هينساها.. محدش بيفضل فاكر حد ناسيه يا جوري، صدقيني دي مسألة وقت..!

_ عندك حق.. خلاص أنا وانتي هنظبط كل حاجة ونعمله مفاجأة تفرحه!


عبر الهاتف!

_السلام عليكم.. أيه فينك يا يزيد، مختفي من بعد ما خلصت جيشك..!
_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إزيك يا أحمد، أنا موجود اهو، وكنت هتصل بيك والله عشان نناقش مشروعنا..!

أحمد بمرح: أيوة كده يابشمهندس افتكرتك نسيت عايزين. نشتغل، أخوك مالوش في قاعدة البيت!

هتف مبتسمًا: لا ماتقلقش فترة بسيطة وهكون عند في القاهرة، بس أنت شوفلي شقة قريبة من مقر المشروع عشان أقيم فيها..!

_ لا من الناحية دي ماتشلش هم.. هشوف حاجة مناسبة.. واستطرد: بس انت مش قلت في بيت لعمك عاصم في القاهرة، وهو قالك تقيم فيه؟

يزيد: مش هينفع.. لأن فيما بعد ممكن مرات عمي وبلقيس ينزلوا القاهرة لما تشتغل مع والدها.. وانا مش عايز اعتمد على حد في حاجة.. اجيب شقة خاصة بيا افضل!

احمد باستعاب: وجهة نظر.. وكمان كده أحسن عشان على الأغلب هكون معاك مش هسيبك لوحدك يا معلم!

_ شكرا يا أحمد..!

_ العفو يا زيدو على أيه.. ربنا بس ييسر أمورنا وننجح زي ما بنحلم.. تعرف أما حكيت لبابا إننا هنتشارك في مشروع هندسي للبناء والتعمير .. انبسط أوي وهو كمان هيساعدني!

_ الحمد لله.. أنا بردو والدي حب فكرتي، وبصراحة لولا مساعدته المادية، ماكنتش هقدر اعمل المشروع ده.. وكمان زوج خالتي “العم ناجي” هيشارك معانا بنسبة 25%، عشان ياسين يكون معانا بعد التخرج من كلية تجارة! هو في أخر سنة!

_ حلو جدا.. أهو يتحمل فيما بعد القسم المادي ويظبط الحسابات !
_ بإذن الله!
_ طيب اسيبك بقى، وهكلمك بعدين!
بس هو في سؤال كده يا يزيد، ممكن أسأله؟

_ اتفضل!
_ حاسس صوتك متغير.. حزين. مش متحمس.. هو في حاجة؟ بعد الشر حد من أهلك تعبان؟
_ لالا ابدا كله تمام.. وأهلي بخير اطمن!
_ طب وخطيبتك؟
صمت ولم يجيب، فتمتم أحمد بحذر:
يعني زعلان إنت وخطيبتك؟ ياعم روق كده، هو في اتنين مخطوبين مش بيتخانقوا ويتخاصموا.. أكيد هتتصالحوا يا روميو..!
_ أنا انفصلت أنا وخطيبتي يا أحمد!

صدم من حديثه فتمتم بذهول: نعم؟؟؟ أزاي وليه؟ فهمني لو ينفع تحكيلي! ده انت كنت بتقول عايز تكتب الكتاب بسرعة وكلمت عمك في كده!

تجرع ألمه، وهتف باقتضاب: نصيبنا انتهى لحد كده!

لم يشأ أن يكون لحوحًا، فهتف مواسيًا: هو فعلا كله نصيب.. عموما انت ماتزعلش يا يزيد.. أنت أصلا هتتلهي في مشروعنا، وهتنسى كل ألمك.. وصدقني ربنا هيعوضك بالأحسن.. أكيد سعادتك مش معاها..!

_ الحمد لله على كل حال.. المهم أنت اعمل زي ما اتفقنا.. وأنا هكلمك تاني!


بلقيس: عمو راغب، نزلني بعيد شوية عن الجامعة، عايزة اتمشى!
السائق: حاضر يا بلقيس هانم!
……… ….

بخطوة متأنية هادئة، تسير وذهنها شارد! منذ تركت يزيد.. ووالديها يصيبهما الحزن، هل أخطأت حين تركته؟! أكان لزامًا عليها أن تُكمل علاقة غير متكافئة ومحكوم عليها بالتعاسة؟! يزيد لا يشبهها.. ليس هو فتى أحلامها.. لم يجذبها، حاولت أن تتقبله لأجلهما وكي تسعدهما وفشلت.. ماذا تفعل لتستعيد ضحكتهما الصافية معها.. والدها لم يعد يشاركها مشاهدة أفلامها الأجنبية المفضلة گ عادتهما.. وولدتها كل يوم تفيق من نومها فَزِعة، ولا تحكي ابدا ما تشاهده. فقط تظل تستعيذ من الشيطان! وترمقها بنظرة خائفة لا تفهمها..!

بخضم شرودها انتفضت جميع حواسها بغتة، وذراع قوية تلتف حول خصرها وترفعها أرضًا، وتدور بها بلمح البصر! فانتقلت لجانب الطريق المرتفع بسرعة. خاطفة، وصوت رجولي يصدح بخشونة غاضبة: مش تحاسبي يا أنسة؟! في حد يمشي سرحان وسط الطريق والعربيات رايحة جاية؟!!!

أنعقد لسانها وسيطرت عليها رجفة هلع، بعد أن أدركت أن سيارة أحدهم كانت على وشك الاصطدام بها، لولا تدخل ذاك الغاضب..رفعت عيناها ببطء تناظر تلك البنية القوية، لشاب يستحوذ على قدر وفير جدا من الوسامة والأناقة والجاذبية.. خفضت نظرها سريعا قبل أن يُفضح إنبهارها الخاطف، ولأنه يستحق الشكر، أردفت باقتضاب:

_ مأخدتش بالي.. عمومًا شكرًا..!

منحها نظرة باردة، وهتف بلا مبالة: ركزي بعد كده ..ثم وضع نظارة سوداء تعكس طيف أخضر يشبه لون قميصة، فبدا گ لوحة تنضح أناقة ووسامة ملفتة.. وتركها دون إضافة المزيد.. فتعجبت لإهماله جمالها دون أن يلحظه، وهذا يُعد شيء غريب ونادر حدوثه معها.. كيف لم تنتشي بنظرة انبهار واحدة تروي غرورها وتزيد ثقتها بجمالها الآخاذ..؟!

نفضت كل تلك البعثرة داخلها ولامت نفسها:
هتتأخري على محاضرتك وانتي واقفة زي الهبلة كده!

وهرول حتى يتثنى لها الحضور دون تأخير، أو توبيخ من أستاذها السمج! صاحب المحاضرة الأولى!


أنتهت المحاضرة للتو.. فغادرت القاعة، ملتقطة هاتفها، فصديقتها تيماء لم تأتي گ عادتها.. ويجب أن تطمئن! وبعد عدة رنات، أجابت تيماء:
صباح الخير يا بلقيس!

بلقيس: صباح الخير يا تيمو.. ليه مش جيتي انهاردة حبيبتي قلقتيني عليكي!
بنبرة توشي بالإعياء: معلش يابلقيس جالي دور برد فظيع.. مقدرتش انزل للجامعة.. يومين على ما اتحسن واجي.. مش هوصيكي ع المحاضرات عشان هبقى اخدها منك!

_ سلامتك يا تيمو.. ولا يهمك، هكتبلك نسخة من المحاضرات، وهساعدك فيها كمان أما ترجعي.. المهم خدي بالك على نفسك!

اغلقت الهاتف وهي تشعر بالضجر.. غياب تيماء ترك فراغًا، ولا تريد العودة للمنزل، ربما ذهابها للمكتبة والاطلاع قليلا سيكون شيء مفيد.. بالفعل توجهت للمكتبة، ووقفت تمرر عيناها على الأرفف لتنتقي كتاب مناسب، فوجدت ضالتها، وما أن مدت أصابعها لتلطقته، حتى سبقها كفٍ رجولي ضخم وأخذ الكتاب، وابتعد دون أن يلتفت لها وأخذ موضع للجلوس بزاوية ما.. واتكأ بمرفقيه على طاولته، متصفحًا الكتاب بهدوء وكأنه لا يراها..!

تبينت ملامحه جيدا وأدركت أنه نفس الشاب الذي أنقذها قُبيل ساعات قليلة من تصادم السيارة بها، لا تعرف لما شعرت تجاهه بالاستفزاز..هل لتجاهله جمالها الذي اعتادت أن يخطف لب الناظرين إليها، أم لفظاظته الواضحة..اللياقة والذوق كانا يُحتمان عليه ترك الكتاب لها، خاصتًا أنه أخر نسخة بالرف.. كيف له أن يجمع بين الشهامة بأنقاذها.. والفظاظة بآنٍ واحد؟!

ضمت قبضتها بتحفز، وذهبت إليه بوجهٍ ثائر:

_ على فكرة إنت معندكش ريحة الذوق!

كان منهمكًا بالقراءة، إلى أن سمع جملتها الوقحة بحقه، فرفع بصره إليها ببرود هاتفًا: وانتي لسانك طويل مع إن المفروض تكون بنت مهذبة.. وأحسلك ماتتكلميش بوقاحة أكتر، لأني مش شايف إي عملت حاجة تستدعي غضب سيادتك!

عقدت ساعديها: يعني اما امد ايدي واخد كتاب وانت تتعمد تسبقني وتاخده، دي مش قلة ذوق؟ المفروض تسيبوا وتشوف غيره.. المكتبة مليانة قدامك!

وقف عاقدً ساعديه هو الأخر بتحدي واضح، وتمتم ببرود: انا بالفعل كنت سابقك وانا باخد الكتاب، ومش المفروض اسيب حاجة لحد لأني حر، وهرد نفس ردك… المكتبة. مليانة قدامك!

وجلس مرة أخرى مستعيدا تركيزه بالقراءة، دون الأهتمام بمن تكاد تحترق غيظًا ولا يستبعد أن يشم منها رائحة شياط الآن!

نفخت بنفاذ صبر، فطايرت غرتها الأمامية، وعلمت أن الجدال مع شخص يشبه لوح الثلج لن يثمر شيء. فبحثت عن كتاب أخر، وبالفعل انتقت واحدًا وجلست بزاوية بعيدة عنه وراحت تقرأ بذهن مشتت.. حاولت التركيز وفشلت.. تشعر بشيء جاثم على صدرها، يضايقها ولا تعرف مصدره أو سببه.. ولأن تركيزها غائب، ضمت صفحات الكتاب ثانيًا، ووضعته جانبًا على الطاولة.. وظلت شاردة بعين غائمة حزينة..!

بينما هي على تلك الحالة البائسة، كان ذاك الشخص يُمعن النظر بها خلسة من بعيد، وشعر ببعض الذنب لتصوره أنه ربما يكون سببًا بهذا الحنق والضيق الذي بدا على وجه تلك الفاتنة.. ولن ينكر فتنتها الطاغية، لكن بنظرته الخبيرة أيقن غرورها، فعاملها كما تستحق، وأخفى انبهاره ببراعة يُحسد عليها وأظهر لا مبالاة شديدة..!

يرى أنه ليس عيبًا إن نهض ليعيد لها الكتاب الذي انتقته! ثم التوى ثغرة بابتسامة ماكرة: ربما تحسن مزاج تلك الحسناء النارية قليلا! أقترب حتى صار قُبالتها، ثم وضع الكتاب على الطاولة أمامها، فنظرت للكتاب متعجبة، ثم رفعت أنظارها إليه مستفسرة، فقال ببساطة: مش مستاهلة تزعلي كده.. اتفضلي الكتاب وانا همشي وهكمل قراءة بعدين!

ضيقت حدقتيها مرتابة اتصرفه الغريب على فظاطته السابقة، فاستأنف هاتفًا بابتسامة هادئة:

بس كده ليه عندك حق عرب، أنا عمري ما سبت حقي لحد، بس أنا مايرضنيش زعل ست الخُسن!

أُجفلها مدحه لأول مرة بجمالها، وتأثرت بشكل غريب..فربما أكثر ما أحنقها منه هو تجاهله لذلك.. أما الآن تملكها شعور بالرضا من مدحه الغير متوقع.. رغم أنها غير فقيرة لكلمات الغزل التي يمطرها بها الكثيرون.. لما اهتزت داخلها لمدح ذاك الشاب تحديدًا..؟! وجدت نفسها دون شعور تتأمل ابتسامته وملامحه الرجولية الجذابة، فإن كانت هي أيقونة الفتنة والجمال كما تُلقب من الجميع.. فمن أمامها لا يقل وسامة وجاذبية طاغية، وأناقته الملفتة، وجسده القوي يثير إعجاب أي أنثى.. هزت رأسها بغته لتنتشل نفسها من تلك المشاعر التي اجتاحتها، وهتفت موارية ارتباكها:
مافيش داعي يا استاذ.. أكيد مش ده اللي مضايقني. عموما أنا كمان همشي!

“رائد الغازي..طالب في سنة رابعة، قسم نظم ومعلومات!”

اهكذا عرف عن نفسه سريعًا قبل أن تغادر، فاستعادت غرورها ثانيا هاتفة ببرود: أنت بتعرفني بيك ليه؟ أنا مش بتعرف على حد ولا طلبت تقولي أسمك، واعتقدت مش هتصادف أننا نتكلم مرة تانية.. عن إذنك!

غادرت، فظل هو واقفًا خلفها يرمقها بنظرات غامضة غير مفسرة!


ساعات ليست بالقليلة. مرت، وعطر وجوري يقومان بتزين حديقة المنزل قبل عودة يزيد من الخارج.. فاليوم عيد ميلاده، وقررا سويا أن يفعلوا شيئًا لأسعادة.. سيكون احتفال مميز.. الجميع سيلتف حوله ويشعروه بالحب والاهتمام.. حتى يصرفوا ذهنه عن تلك القاسية..!

وقفت تلهث هاتفة: خلاص مش قادرة.. نفسي اتقطع من نفخ البلالين ياعطر.. وياسين وعابد الأتنين اتخلوا عن مساعدتنا وطلعوا أندال، وراحوا يتابعوا مباراة الأهلي والزمالك!

اجابتها عطر لاهثة هي الأخرى: معلش يا جوري، كله يهون عشان خاطر يزيد.. المهم أما يرجع تعجبه المفاجأة وينبسط!

_ أكيد هتعجبه أنا واثقة.. وهنسهر كلنا للصبح.. وواصلت: وأياكي تقولي هروح.. هتباتي معايا في أوضتي ماشي؟

هزت رأسها بالقبول: اتفقنا.. ونكمل السهرة بفيلم حلو ع النت..!

صفقت جوري بطفولية: وأحلى حاجة مش بنروح المدرسة . أصلا فاضل اسبوعين ع الأمتحان!

شاركتها الجماس: أيوة بس لو عرفوا إننا هنسهر على فيلم وهنسيب نذاكرتنا، هيعلقونا.. امتحانتنا قربت، وبصراحة أحنا مافيش دم.. المفروض نذاكر كل ثانية

_ ياعطر المسلسل وعيد الميلاد ده اعتبري فاصل لذهننا، وبكره ياستي هنذاكر وناكل الكتب كمان، والحمد لله أنا وانتي أصلا بنستوعب في وقت قليل، واذكية.. وواثقة إننا هنجيب مجموع عالي كمان..

هتفت عطر بمرح: أيون.. واثيق م الفوز?
واستأنفت: طب تعالي بقى نجهز قبل مايجي يزيد!
جوري: يلا بينا..!
**


أفادته كثيرا تلك الخلوة على البحر.. هدوء وسكينة وهو يطالع صفحة المياة اللامعه المموجة، كم. بدت صافية وهي تعكس وجه الحزين..يحاول بكل طاقته أن يواري حزنه أمام الجميع، لكنه. يعلم أنه مكشوف لديهم.. هم يشعرون به حتما، خاصتًا والدته.. وكم يؤرقه هذا..يكره أن يكون مصدرا لضيقهم..ويُصبر نفسه أنها محنة وستمضي لا محالة.. لن تظل روحه معذبة.. سينساها.. سيمحي أثرها من قلبه ويحرق صورتها المطبوعة بمرآة عينه ولا تفارقه.. هو تحديه الجديد.. ويعد نفسه بالفوز به! هناك الكثير من الأحلام تنتظره ليحققها..يوما ما سيكون شخصًا ناجح..ومميز.. وسعيد أيضًا..هذا يقينه..!
……………

عاد وما أن عبر داخل حديقة منزله، حتى لاحظ إضاءة ملونة تسطع من بعيد..ملتفة بشكل أنيق حول جذوع الأشجار العالية بالحديقة، وبالونات ملونة مبهجة وكثيرة مُلقاه أرضًا متطايرة باتجاهات عشوائية تتلقفها نسمات الهواء الباردة.. ماذا يحدث يا ترى؟! هكذا سأل نفسه، فعدل وجهته بإتجاه الضوء، وما أن اقترب حتى بوغت بشيء ينطلق من زاوية ما ناحية السماء، وفرُسمت بالتدريج جملة
“بنحبك يا يزيد” بشكلٍ أبهره، وخطف إنتباهه، وهو يطالع الكلمتين وابتسامة صادقة تشق شفتيه، حتى تحولت لضحكة قصيرة.. ثم سمع من خلفة الجميع يهتف بصوتٍ منغم وبآنٍ واحد! :

” سنة حلوة يا يزيد.. سنة حلوة يا يزيد ..سنة حلوة يا حبيبنا.. سنة حلوة يا يزيد”..!

دارت عيناه على الجميع بنظرة فَرِحة ممتنة سعيدة.. ربما كان يحتاج هذا الدفء والشعور بحب الجميع.. كيف يحزن إذًا من لدية عائلة تحبه بهذا القدر؟!


لحقته به حاملة بيدها طبق حلواه، نصيبه من كعكة عيد الميلاد، حيث أشارت لها جوري أنه بتلك الزاوية من الحديقة، عند الشجرة الكبيرة.. ووقفت خلفه هاتفة بصوت رقيق: كل سنة وأنت طيب يا يزيد!
التفت لها مبتسمًا بعد أن أخذ طبقه من يدها:
وانتي طيبة يا عطر..!

مدت يدها مرة أخرى بلفافة لامعة: أتفضل هديتك!
التقطها وهو يقول بمرح: شكرا يا ستي كلك ذوق!

قالت بترقب وإلحاح طفولي محبب: إيه مش هتفتحها؟ عايزة اعرف هتعجبك هديتي ولا لأ؟!
افتحها عشان خاطري وقول رأيك!

هز رأسه ضاحك: حاضر يا قردة هفتحها..!

فك رباط اللفافة الملون، ثم نزع غلافها اللامع، وما أنا فعل وتبين هديتها، حتى اشتعلت عيناه وبرقت بشكل غاضب، وقبضتيه تعتصر هديتها.. رامقًا أياها بقسوة أجفلتها..جاهلة سبب رد فعله!

تُرى ما نوعية تلك الهدية، التي أغضبت يزيد!؟!





13316 مشاهدة