الفصل التاسع عشر الجزء (( 2 )) ما قبل الاخير …
الـفـصـل الـتـاسـع عـشـر الـجـزء (( 2 )) مـا قـبـل الاخـيـر .. لـ روايـة (( عـــــذراء الــــــشيطان )) ..
ضغط على الزناد بقوه لتنطلق الرصاصه باتجاه يوسف بينما اغمض عينيه بهدوء مستسلمآ لقدره واطياف ميخائيل وطوني وشجن تتلاعب تحت جفنيه وصوت طوني يهتف وهو يفرد ذراعيه
” تعال الى احضاني يوسف لقد اشقتنا اليك .. ”
دوى في المكان صوت عالي هز الارجاء وحطم حاجز الهواء
” سـيـدي .. ”
سقط على الارض والعيون من حوله جاحظه غير مصدقه للأمر !!! ….
تجمد مكانه يحدق بالذي امامه مطروح على الارض تغطيه الدماء وقد حولت قميصه الناصع البياض الى لون قاني .. عيناه مفتوحتين على وسعهما لا يصدق ما يراه .. هل يحلم ام ان ما يراه حقيفه .. ثم ما هذه الابتسامه التي تزين ثغره بمثل هذا الوقت !! .. لماذا !! .. مالذي يجري من حوله !! .. هل بدأ يتخيل ام ان كل هذا حلم لا اساس له .. قال بأنشداه وصوته بالكاد يخرج من حنجرته
” أنت !! .. ”
ابتسم بضعف وقد سالت دمعه من طرف عينه .. قال بصوت واهن
” لم تتوقع هذا اليس كذلك .. ”
سقط جسده على الارض وقد خارت قواه تمامآ .. جثى على ركبتيه محني الرأس ما معنى ما يحصل .. عاد يقول بعدم تصديق
” لما انقذتني انا .. انا .. ”
رفع يده ليمرر كفه على خد يوسف يتحسسه بطريقه مليئه بالحنان والابتسامه لا تفارق وجهه قائلآ
” انت تشبه طوني الى حد كبير .. ”
في هذه الاثناء دوى صوت مراد وهو يصرخ بحقد
” سعود ايها الحقير لما تدخلت .. ”
كاد ان يضغط على الزناد ليقتل يوسف ولكن هذه المره سبقت رصاصه من طرف مجهول واخترقت جسد مراد ليسقط على الارض .. تقدم عبد الله هو وعبد العزيز من جهه مظلمه نحو مراد ومجموعه من العملاء خلفهم .. اما عمر فقد كان مصدومآ لم يستوعب بعد ما حدث في لحظه ما وسط ضنونه انها النهايه وسيده سوف يموت وهو يقف عاجزآ عن انقاذه يضهر من العدم سعود ليقف امام يوسف وينقذه .. ويتلقى الرصاصه هو بدلآ عنه .. كيف هذا !! .. لما قد يساعد رجلآ مثل سعود يوسف وينقذه بعد ان قتل والديه .. لما قد يفعل ذلك بعد ان دمره يوسف واعترف له بالامر .. !!
لم يكن يوسف يراقب الموقف بل كان مشغولآ بمن امامه وقد انقذه من الموت وفداه بروحه .. لماذا سعود قد ينقذه وهما اعداء .. قال بتياه
” انا لا افهم شيئ .. ”
يدرك جيذآ انه بدى غريبآ جدآ فهو قد انقذه من الموت المحتوم بينما هما اعداء .. ولكن لا احد يعلم اي شيئ عن الحقيقه .. لا شيئ .. شهق بقوه وكأنه ينازع الموت .. صدره يؤلمه للغايه .. الرصاصه اخترقته بقوه ودمائه تفور .. اغمض عينيه بقوه وكأنه يتجنب الشعور بذلك الالم الفضيع .. وضع يده مكان الاصابه وهو يحاول ان يجر نفسآ قويآ ليقول
” يمكنني ان اشرح لك كل شيئ ببساطه .. ”
هز رأسه وكأنه تائه ليعاود سعود القول وهو ينظر للقمر حيث يتربع بوسط السماء
” لقد كنا انا ووالديك اصدقاء مقربين .. ”
فتح عينيه على اتساعها غير مصدق لما يسمع بينما سعود لا يزال ينظر للبعيد يتذكر تلك الاحداث التي مرت عليه ومقدار سعادته بها لينتهي كل شيئ بليلة ضلماء سلبت منه اغلى شيئ انذاك ..
(( قبل سنوات عديده )) ..
يقف بجانب احد الاشجار يحدق باللاشي وعيناه لا اثر للحياه بهما كان يبدو بعالم اخر تمامآ بعيدآ عنهم .. يفكر ان حياته خاليه لا حبيبه ولا اصدقاء سوى شخص واحد ولا متعه .. هذا ممل بالفعل .. لمح امامه طيف رجل يجلس على احد المقاعد الخشبيه بزاويه بعيده من الحديقه .. صغر عينيه وهو يحدق به بعمق كان رجلآ ذو شعر اسود كالليل وعيناه تبرقان تحت ضوء الشمس ليلتمع سوادها بقوه كالزجاج .. زم شفتيه بطريقه طفوليه وهو يدقق النظر به حتىx اشرق وجهه وهو يتذكره .. انه احد الطلاب الذين معه بالجامعه .. ماذا كان يدعى !! .. آه يدعى طوني .. اعتدل بوقفته وعدل من ثيابه ونفض عنها الغبار لينطلق نحو ذاك الرجل عله يجد قليلآ من المتعه معه .. توقف امامه وامال برأسه ناحية الرجل المدعو طوني .. لكن الاخر لم ينتبه له .. تغضن جبينه ليقول بصوت عال
” مرحبآ طوني .. ”
اجفل الاخر من مكانه لينظر نحوه بطريقه غريبه .. عيناه حادتين تنبئان بخطر كبير وكأنهما تعكسان حقد غريب لا يفهم سببه .. جذبته نظراته فمن النادر جدآ رؤية هكذا نظرات تسلب اللب .. عاد يقول بمرح
” ايمكنني الجلوس معك .. ”
لم يقل شيئآ بل تنحى بجسده قليلآ ليفسح المجال له .. جلس بجانبه وهو يضرب بقدمه الارض .. الفضول يأكله ليتعرف عليه عن قرب .. لكن هذا المدعو طوني يبدو انه لا نيه له ليتكلم معه انه هادئ جدآ .. قال بمرح ليخرجه عن صمته
” الجو جميل اليس كذلك !! .. ”
لم يسمع ردآ وكأنه يتكلم مع نفسه قطب حاجبيه وهو يقدم شفتيه للأمام بطريقه مضحكه ليقول مره اخرى
” لا زلنا بمقتبل العمر ونفتقد للمتعه اليس شيئآ غريبآ !! .. ”
كما سابقتها لم يشرفه بأي رد مما جعله يصمت لفتره يشعر بالخجل .. اليس واضحآ ان هذا الشاب لا يود التحدث معه .. بقي صامتآ لبضع دقائق ربما خمس دقائق فحسب ولكنه لم يستطع البقاء صامتآ اكثر ليعاود الهتاف بمرح اكبر
” ما رأيك أن نتعرف !! .. انا ادعى سعود .. وانت طوني اليس كذلك !! .. ”
بقي الاخر صامتآ وكأنه اصم لا يسمع ما يقوله .. انتابه الانزعاج حقآ ما قصة هذا الشاب لما هو صامت هكذا .. فجأه خطرت بباله فكره .. هل يعقل انه اصم .. شهق بقوه من افكاره هذه ولكنه لسانه السليط ذو الشباب المندفع هتف بسرعه
” هل انت اصم !! .. ”
انزلقت الكلمات من فمه بسرعه كالسيل وفور نطقه لها اغلق فمه بكفه يضغط عليه .. ولكن بكلماته حدث مالم يخطر على باله .. اخيرآ انتبه الرجل لوجوده واعطاه شرف نظره منه .. حدق به الاخر بعمق وحاجبيه معقودان .. قال ببرود
” لما لا تكف عن الكلام .. يالك من مهرج .. ”
رغم صوته البارد الا ان نبرته كان يتضح فيها الحده .. رمش بعينيه عدة مرات غير مستوعب بعد لما قاله هذا الشاب .. هل ينعته بالمهرج !! .. ضحك بقوه وجسده يرتد للخلف .. قال وهو يحاول كتمان ضحكته
” هل ابدو كذلك حقآ .. الامر ممتع بحق .. ”
خرج الاخر عن صمته وبدأ يتكلم وهو يحدق بالكتاب الذي يحمله بين يديه
” وما هو الممتع بالامر .. ”
توقفت ضحكاته فور سماعه لكلمات الشاب الذي بجانبه وشعر بداخله انه يتوجب ان يكون عاقلآ ويتكلم برزانه كي يكسب الذي بجانبه ويكونا اصدقاء .. اجابه بصوت حالم
” انا احب كل شيئ يجلب الاثاره .. احب المرح وكل هذه الامور .. في الواقع قد ابدو احيانآ طائشآ هل تصدق هذا !! .. ”
التفت اليه طوني يحدق به بغرابه وكأنه لا يصدق ان هناك شابآ يقول عن نفسه طائش .. لوهله بدى سعود احمقآ بنظره قال بتساؤل
” هل تعاني من مشكله في عقلك .. ”
رمش بعينيه بقوه وهو يحاول تفسير مغزى كلماته ولما نطق بها ولكنه لم يعثر على السبب .. لذلك قال ببلاهه
” كلا لست كذلك .. ”
التوى فم الاخير بشبه ابتسامه ساخره ونظراته تعود لتحدق بذلك الكتاب .. شعر بالملل من هذا حقآ .. هو لا يصدق ان ينتهي الدوام ليعود للمنزل ويمرح وهذا الشاب الذي امامه يحمل كتابآ خارج اوقات الدوام .. غريب بالفعل .. شعر بالانزعاج فهو يكره الكتب كثيرآ .. امسك الكتاب وجذبه من يد طوني بقوه ورماه بعيدآ وهو يهتف بملل
” يا رجل ما هذا .. انا اكره الكتب .. ”
امسك بيد طوني الذي يحدق بكتابه المرمي على الارض ليقول برجاء
” هل نصبح اصدقاء .. ارجوك انا لا املك صديقآ .. ”
تنهد طوني ببرود وهو يجر يده من بين كفي سعود قائلآ
” لا احب تكوين الصداقات .. اعذرني .. ”
نهض من مقعده وتناول كتابه من الارض وسار بعيدآ ليغادر المكان ولكن ولحظه السيئ فـ سعود لم يتركه بل لحق به وهو يسير بمحاذاته قائلآ
” لماذا لا تحب ذلك .. الصداقه شيئ رائع .. ”
لم يجبه بشيئ بل بقي صامتآ واكتفى بالصمت يسير ليخرج من هذا المكان الممل .. لم يتوقف عن الكلام وهما يسيران بينما الاخر صامت وكأنه لسانه ثقيل لا يعرف كيف ينطق .. في طريقهما للخروج صادفهم دخول شابه بمقتبل العمر جميله ذات شعر ناري وعيون بلون الزمرد مع بشره سمراء .. كانت تبدو خلابه بمعنى الكلمه .. لم يستطع لوهله ان يبعد نظراته عنها لقد بدت اروع مخلوق على وجه الارض بينما حانت من طوني نظره سريعه نحوها ولكنه تجاهلها تمامآ عكس سعود الذي بدو منجذبآ لسحرها لأقصى حد .. غادرا الحديقه بينما سعود يقول بتعاسه
” لو بقينا اكثر لكنت تعرفت على تلك الحوريه .. ”
كان يشعر بالحزن بداخله ليته ترك طوني وذهب ليتعرف على تلك الشابه فقد بدت اروع من اي شيئ اخر .. خفقات قلبه سريعه لا يعلم ما سببها .. وعقله يتمحور حول صورتها .. تنهد بضيق وهو ينظر للسماء رافعآ يديه للأعلى ويدعو قائلآ
” يا رب ارجوك اجعل لي لقاء اخر بتلك الشابه .. ارجوك يا رب .. ”
ارخىx نظراته للأمام ولكنه تفاجأ انه لم يجد اي احد امامه .. وقف كالابله بمكانه لا يتحرك .. ينظر يمينآ ويسارآ .. لا يوجد احد .. اين اختفى ذلك الشاب المدعو طوني !! .. اتسعت عينيه بدهشه هذا غير معقول مطلقآ .. لقد كان قبل ثواني برفقته يسير امامه اين اختفى بهذه السرعه !! .. تعالت انفاسه بينما احنى رأسه بأسى .. كم حظه تعيس للمره الاولى يرغب بأحد ان يكون صديقآ له لهذه الدرجه بينما الاخر غير مهتم .. وما يزيد عليه ان اختفى بسرعة البرق وكأنه يملك قوى خارقه .. شعر بالضيق والحزن يتسع بداخله وسار نحو منزله يجر اذيال الخيبه وراءه .. اما الاخر فقد كان يختبئ خلف احد الاشجار ويتطلع بكتابه .. همس بصوت حاد مليئ بالحقد
” صبي مزعج .. ”
انصرف وهو يتخذ طريقآ اخر .. يسير بخطوات متناسقه بطيئه بعض الشيئ .. وعيناه لا تفارق هذا الكتاب وكأن به كنزآ ما لا يجب ان يفقده !! ..
فجأه تناهى الى سمعه صوت انثوي خجول
” انتظر ايها الشاب .. ”
توقف مكانه يشعر بالانزعاج .. ما بال هؤلاء البشر الا يكفون عن الازعاج .. التفت بنصف جسده دون ان يقول شيئ .. اقتربت الفتاه منه وهي تحمل شيئآ بيدها دقق نظراته عليه وقد ادرك انها محفظته .. تفحص جيب بنطلونه ولكنه لم يعثر على محفظته هناك .. ادرك ان محفظته قد سقطت منه .. خفق قلبه بقوه هل اكتشفت حقيقته .. سمعها تقول بخجل ووجهها مكسو باللون القاني
” لقد سقطت منك محفظتك .. ”
مدتها نحوه وهي تعاود القول
” اليس انت طوني رويس .. ”
فتح عينيه على اتساعها .. نبضاته تسارعت .. تجمد جسده عاجزآ عن الحركه .. رويس .. حقيقته تم اكتشافها ..
نظرت اليه بأهتمام تدقق بملامحه لقد بدى وسيمآ لأبعد خيال .. عيناه السود كأنهما مغناطيس تجذب كل شيئ اليها .. شعرت وكأنها تحت تنويم غريب يجعلها اسيره لهذا الرجل .. اجفلها صوته الحاد وهو يصرخ بها
” ايتها السارقه .. ”
خفق قلبها بعنف تنظر اليه بدهشه .. لما ينعتها بهذه الالفاظ !! .. هي لم تفعل شيئآ .. كسى الالم وجهها وهي تشعر بالخزي كيف يمكن لشاب ان يقول هذا لها وهي قد ساعدته واعادت له شيئآ يخصه .. قالت بتلعثم
” أ .. أنا فقط .. كنت .. اعني .. ”
اقترب منها بسرعه وجر محفظته من بين اصابعها .. شهقت بقوه وهي ترى تصرفه الهمجي معها .. تراجعت بضع خطوات للوراء ووجهها يعكس بعض الخوف منه .. لقد كان يبدو كالحيوان بهمجيته .. كأنه انسان بدائي لا يعرف معنى للتحضر .. همست بحشرجه
” انا رأيتها على الارض .. لم اسرقها اقسم لك .. ”
حدجها بنظره حاده ولو كانت النظرات تقتل لكانت اردتها صريعه على الارض جثه هامده .. لم يبالي بها بل تركها ورحل وكأنها شيئ ملعون منبوذ يجب ان يتركه فورآ قبل ان يؤذيه .. ارتجف جسدها بقوه .. شعرت بضعف بساقيها وبدأت ترتعشان .. نادتها صديقتها من البعيد
” شجن حبيبتي هيا تعالي لما تقفين هناك !! .. ”
هربت بعيدآ ودموعها انسكبت على وجهها بغزاره .. لقد جرح مشاعرها بطريقه قاسيه جدآ ..
في الطرف الاخر يسير ببطئ واضعآ يديه بجيبي بنطاله يتأمل ما حوله بعيون مترقبه تتفحص كل شيئ وكأنه يبحث عن شيئ ما بين طيات الاماكن هذه .. بينما هو كذلك اذ به يرى رجل امامه يقف شامخآ ينتظره .. قال ببرود
” ماذا تفعل هنا ميخائيل .. ”
تكلم معه الاخر باللغه الالمانيه وهو يشير للسياره التي خلفه
” لقد اتيت لأصطحابك للمنزل .. لقد انتهى وقت تسكعك خارجآ .. ”
التوى جانب فمه بأبتسامه ساخره واحد حاجبيه مرفوعين .. ياله من امر مضحك التابع له سلطه على المتبوع .. ياللعجب كأن الادوار تنقلب بالعكس .. تنهد بضجر وهو يسير منصاعآ نحو السياره قائلآ
” كم مره قلت لك لا تتكلم بالالمانيه .. تكلم بلغة العرب يا رجل لو سمعك احدهم لابد انه سيشك بأمرنا .. ”
اومأ الرجل برأسه وسار خلف سيده
ركب السياره بأنصياع وهو يتذمر لم يكن يشبه ذلك الشاب البارد الذي كان سعود يتحدث اليه .. قال من بين اسنانه
” اود ان اعيش حياتي بأريحيه كي لا يشك بي احد ولكنك تصعب الامر يا ميخائيل .. ”
حدجه ميخائيل بنظره ثاقبه من خلال المرأه الاماميه للسباره ليجيبه ببرود بلغة عربيه
” لست افهمك انت .. لا تسكع يعني لا تسكع هذا خطر لحياتك .. ”
قطب حاجبيه يبدو ان الامر لم يعجبه هتف بتهكم
” لغتك العربيه لم تتحسن لا زلت لا تعرف كيف تتحدث بها .. تحتاج لملازمه ودروس مكثفه .. ”
ركز على القياده وهو ينطلق بسرعه متوسطه .. حسنآ ما يقوله سيده طوني حقيقي لا يزال يحتاج لدروس باللغه فهو يجد بعض الصعوبه في التحدث بها .. اعترف ان لغة العرب صعبه جدآ .. تنهد بيأس يبدو ان هذا اخر ما سيصل له من فهم لغتهم وحياتهم الغريبه .. قال بغموض
” أنت انتهي من دراستك .. بعدها تعلمني .. ”
هز الاخير رأسه بشرود بينما يحدق من خلال النافذه .. ليفاجأه خادمه بالقول
” من ذاك الذي كنت تجالسه !! .. ”
صغر عينيه بينما مرر اصابعه بشعره قائلآ
” انه صديق لي .. لما تسأل !! .. ”
لم يجبه بشيئ بل اكتفى بأيمائه بسيطه من رأسه .. لقد بدأ طوني يتغير للأسوء انه يحب اثارة المشاغبه معه .. حسنآ لا بد ان يعيد ترويضه ويجعله يعود هادئآ كما كان من دون ازعاج له …
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
يتبع ….
(( بعد مرور ثلاث سنوات ))
يجلس على الاريكه يضع قدمآ على الاخرى يسند جسده عليها .. يحمل بيده كوب من عصير الليمون يرتشفه بكل ارستقراطيه .. تناهى الى سمعه صوت صديقه يهتف بمرح
” ما رأيك طوني ان نذهب للبحر نحن الثلاثه .. ”
رفع نظراته اليه يحدق به بنظرات غريبه بينما اصابعه تحتضن ذقنه .. زم شفتيه بطريقه تفكيريه ليجيبه قائلآ
” لا استطيع .. ”
تفاجأ من كلامه ليسأله بغرابه
” لماذا لا .. سنستمتع كثيرآ صدقني .. ”
حرك يديه بالهواء بطريقه عبثيه وعاد يرتشف من كأسه القليل .. لا يعرف كيف حدث هذا كيف لم ينتبه !! .. كم هو احمق ابن عدوهم يجلس امامه كيف لم يستفسر عن اسم عائلته .. ماذا سيفعل الان !! .. قال ببرود
” اخبرني مجددآ ما اسمك الكامل ؟ .. ”
قطب الاخير حاجبيه لماذا يبدو غريبآ هكذا طوني !! .. لقد بات يتصرف معه ببرود وكأنه ينزعج من وجوده .. نفض الافكار اللعينه من رأسه قائلآ بهدوء
” قلت لك اكثر من عشرين مره ادعى سعود اوزان .. ”
هز طوني رأسه بينما نظراته مصوبه بأتجاه النافذه يحدق الى تلك الشجره التي تعلو بحديقته بكل شموخ .. كيف غفل منذ البدايه قبل ثلاث سنوات عن سؤاله عن اسم عائلته .. ها هي حماقته سترسله للجحيم .. عقله توقف عن العمل لا يعرف ماذا يتوجب ان يفعل .. صديقه من عائلة اوزان التي قتلت عشيرته بأكملها وهو للتو اكتشف انه من تلك العائله اللعينه .. قال ببرود وهو يشيح ببصره بعيدآ
” هل تعرف من انا !! .. ”
هز سعود رأسه نفيآ ليقول وهو يبتسم بحب
” انت صديقي المقرب والافضل على الاطلاق طوني .. ”
كلماته جذبت انتباهه حقآ .. لقد بدى صادقآ بكلماته ولا يبدو انه مخادع .. مما يجعله يستنتج انه لم يكتشف بعد انه من عائلة رويس .. قال بهدوء متسائلآ
” هل لديك هدف بالحياه يا سعود .. اعني اليس لك غريم او شيئ من هذا ؟ .. ”
ضحك سعود بقوه وهو يمسك بمعدته ليبتدر بالقول
” انا يا رجل ليس لي لا غريم ولا هم يحزنون .. ”
صمت ولم يكمل كلامه بينما توقفت ضحكاته ليعاود القول مجددآ
” انا رجل مسالم لا احب معاداة احد ولا اريد ان يكون لي عدو .. اريد ان اعيش بهدوء .. ”
ضحك بقوه وهو ينصت لكلامه اذن فالرجل المقابل له ليس لديه ادنى فكره عن العداء الدائر بين رويس واوزان والشهري .. افضل ما سيفعله الان هو ان يوطد علاقته اكثر بـسعود كي لا يفترقا .. لو كان صادقآ مع نفسه فهو بالفعل يحبه جدآ وسعيد وفخور بصداقته .. هتف بتهكم
” اود ان اخبرك سرآ خطيرآ هل ستحفظه لي .. ”
اومأ الاخير برأسه بأهتمام بينما يجيبه
” نعم بالتأكيد تفضل .. ”
ران صمت ثقيل على المكان وقد قرر بداخله انه سيخبره عن اصله وانه ينتمي لـرويس وان لاحظ ولو علامه بسيطه من الدهشه عليه فسيقتله حينها فورآ لأن هذا سيؤكد له ان سعود يعلم بحقيقة الصراع الدائر بينهم .. بعد فتره بدت طويله لـسعود حطم الصمت طوني بصوته البارد
” هل تقسم ان السر يبقى مدفونآ بهذا المكان بيننا ولا تتكلم به حتى مع نفسك .. ”
بدت ملامح القلق واضحه على وجه سعود ليقول بصدق خالص
” اقسم برب العزه سيبقى سرنا للأبد .. ”
أفتر ثغره بأبتسامه بارده ليقول بدون مشاعر
” انا ادعى طوني رويس .. ”
انفجر سعود بالضحك بقوه .. صوت ضحكاته يملئ الارجاء وسط دهشة طوني الواضحه .. قال بعدم تصديق
” اهذا هو السر الذي تتكلم عنه .. ”
لم يبدي انزعاجه للأخر فهو لا يزال قيد الاختبار ليحلل تصرفاته ليعلم مدى صدقه ووفائه له اجابه بأهتمام
” نعم هذا هو ولا اريد لأحد ان يعلم به .. انا اراه شيئ مهم .. ”
علت الجديه وجه صديقه ليقول بدفء
” اعدك بشرفي ان سرك قد دفن بهذا المكان .. ”
لم يستطع السيطره على نظراته التي تثبتت على وجه سعود وهو يشعر بالمحبه والاحترام نحوه .. عسى فقط ان تستمر صداقتهما للأبد .. لم يكن يدري ان اثناء شروده ثغره يبتسم بلطف كبير للمره الاولى يراه سعود بهذا المنظر .. قال سعود بتساؤل بينما عيناه تجولان هنا وهناك
” اين هي شجن لما لا اراها هنا .. ”
اخذ نفسآ عميقآ وهو يلتقط الكتاب من جانبه ليطالع به بينما يجيبه بملل
” انها ترتاح بغرفتها .. ”
بعد اجابته هذه غطى الهدوء المكان لكن سعود المشاغب لم يكن يحب الهدوء ليعاود القول
” هل الحمل يتعبها !! .. بالمناسبه في اي شهر هي الان .. ”
اخرجه تساؤله عن صمته ليصوب نظراته من فوق الكتاب اليه وهو يفكر بداخله ان سعود فيما سبف كان يحب شجن ولكن عندما اعترفت له بأنها تحبه هو وحده ولا تنظر لغيره حدث بالصدفه ان سعود كان واقفآ بمكان قريب وسمع اعترافها له ومنذ ذلك اليوم تخلى عن حبه لها او بالاصح تخلى عنها مجبرآ لشدة الحب الذي يكنه له .. بصدق صداقتهما غريبه ايوجد رجل يترك حبيبته من اجل صديقه ويتقبل انها لا تحبه هو بل تحب صديقه ومن ثم يراها تتزوج امام عينيه ثم تحمل من رجل غيره .. شيئ يجعل عقله يتوقف عن التفكير .. اي حب هذا الذي يكنه سعود له ليجعله يتخلى عن كل شيئ !! .. جرجر نفسه من افكاره ليجيبه بلطف
” انها بشهرها الاخير بصدق هي فـ .. ”
قطع جملته صوت صرخه قويه صدحت بأرجاء المنزل ليظهر من بعدها ميخائيل ووجهه يعكس قلقآ ليبتدر قائلآ
” سيد طوني .. السيده شجن ستولد الان .. ”
نهض من مكانه مذعور بينما سعود ايظآ شحب وجهه وهو يستمع لكلام الخادم .. قال بقلق
” علينا ان نذهب بها للمشفى .. ”
تبادل الرجلان اشارات بالنظرات واشارات غريبه لم ينتبه لها سعود .. غادر ميخائيل المكان بهدوء بينما امسكه سعود من معصمه يجره ليخرجا من الغرفه ليذهبا لرؤية حال شجن قال بذعر
” هيا طوني دعنا نذهب لنطمئن عليها .. ”
وقف جامدآ في مكانه لا يتحرك .. تصلب جسده ليبقى ساكنآ وفمه يردد
” كلا نحن سنبقى هنا .. سيأخذها ميخائيل للمشفى .. ”
تفاجأ الاخير من كلامه ليقول بتحشرج
” ماذا تقول انت .. يا رجل زوجتك .. ”
قاطعه وهو يهدر بصوت عال
” قلت لك سنبقى هنا .. انا اعرف ما افعل يا سعود اجلس لو سمحت .. ”
بعد هذا الكلام حدث جدال حاد بينهما ليرحل سعود من المنزل وهو يسب ويلعن طوني على بروده وقسوته ..
بعد هذا الامر تلاعب طوني بالقصه واخبر سعود ان طفله قد مات اثناء الولاده ولم يقدر له العيش بينهم وقد صدق الاخير كلامه .. رغم حب طوني لـسعود ورغم انه وثق به واخبره عن اصله لكن لسبب ما لم يستطع ان يخبره ان لديه ولد من صلبه قد اتى لهذه الدنيا يدعى يوسف .. لسبب ما كذب على صديقه تحت شعور قوي بالخوف على صغيره وهو لا يزال يتسائل لماذا امنه على حياته لكنه لم يأمنه على حياة صغيره ..
توالت الايام .. اليوم تلو اليوم وقد انقطع سعود عن زيارة طوني بعد حادثة موت الطفل المزعومه بسبب سفر سعود لسنتين للخارج
بعد مرور 15 سنه
يجلس كل من الثلاثه في قاعة الجلوس البسيطه .. شجن وسعود يتناولون شتى انواع الاحاديث بينما طوني غارق بقراءة بعض الملفات في يده ويبدو منجذبآ لها للغايه .. كأنه رحل الي عالم العمل فحسب .. قال سعود وهو يهمس لشجن بخفوت
” انظري اليه بحق الله ألا يثير الانزعاج .. انه يعبد العمل .. ”
ضحكت على كلامه بخفوت ويديها امام فمها .. لم يكن طوني غافلآ عن همساتهم ولكنه لم يبالي بذلك بل استمر بالتحديق بما لديه من اوراق .. قال ببرود وعيناه لا تفارق الاوراق
” سعود تعال اريدك بموضوع هام .. ”
قطب حاجبيه وتبادل هو وشجن النظرات لينهض ويجلس بجانب صديقه ليقول بهدوء
” ماذا هناك طوني .. ”
نثر الاخير الملفات على ساقيه وهو يشير نحوها بسبابته قائلآ بغموض
” هل تعرف رجلآ يدعى مراد الشهري .. ”
ابتلع ريقه بصعوبه وكم بدى غريبآ
” نعم اعرفه انه صديقي .. لماذا تسأل .. ”
حدق به بقوه وهو يقول بأنزعاج
” انظر يا صاح الى هذه الملفات .. انه رجل مخدرات كبير .. ويزيد على ذلك يقوم بتهريب السلاح .. عليك ان تنهي علاقتك به .. ”
صدم من كلامه وكيف اكتشف ذلك عنه .. ترى ماذا سيفعل لو علم انه مع مراد يقوم بهذه الاعمال قال بأهتمام
” كيف علمت بكل هذا طوني .. ”
اجابه ببرود -” اجريت بعض التحقيقات بشأنه واكتشفت ذلك .. ”
اومأ برأسه وهو يستمع له بينما شعر بالخوف حقآ مما سيفعله لو علم انه شريك لـمراد .. قال بخنوع
” انا سأفكر بكلامك .. قد انهي صداقتي به سأفكر ”
اجابه طوني وهو يعاود تحليل الملفات
” هذا افضل لك صدقني .. ”
رحل سعود بعد قضاء يوم جميل مع صديقيه لكنه لم يعد لمنزله بل ذهب مباشرة لرؤية مراد .. بعد ان التقى به وتبادل كلمات الترحيب جلسا سويآ ليبتدر سعود يقول بأهتمام
” مراد اتيت لأخبرك بشيئ مهم يتوجب ان تعرفه .. ”
اجابه الاخير مقطب الجبين
” ماذا هناك سعود تبدو خائفآ .. ”
اخذ نفس عميق كيف لا يخاف وصداقته مع طوني تقف على المحك .. عاد يقول
” هناك رجل يعلم بأنك تتاجر بالمخدرات وتهريب الاسلحه .. اعتقد انه سيفضحك عما قريب .. ”
شحب وجه الاخر بقوه وقد اصبح كحبة ليمون صفراء .. قال بأستنكار
” هذا مستحيل كيف ذلك .. انا اقوم بعملي بسريه تامه .. ”
حدق به بعمق نعم هذا صحيح ولكن طوني رجل غريب الاطوار لا يخفى عليه شيئ
” انا اعلم ذلك ولكنني جئت لأحذرك .. ”
فاجأه سؤال الاخير بفضول
” من هذا الرجل الذي اكتشف حقيقيتنا .. ”
لاذ بالصمت ولم يقل شيئآ .. فعاد مراد يكرر عليه السؤال وبعده عدة محاولات من الاخير اجابه بأستسلام
” انه صديقي يدعى طوني .. ”
صغر عينيه بريبه قائلآ
” صديقك !! .. ”
قال على الفور وهو يعلم ان مراد بدأ يشك بأنه قال شيئآ لذلك الرجل
” اياك ان تظن انني اخبرته .. ”
هز رأسه بأهتمام بينما اسند ضهره للخلف
” ما اسمه الكامل .. ”
-” لا اعلم .. ”
خرجت هذه الجمله من فمه بسرعه فور سماعه لسؤال مراد فهو لا يمكن ان يخبره بأسمه الكامل لقد وعده بذلك قبل سنوات عديده مضت .. قال بمراوغه
” لم افكر يومآ بسؤاله .. ”
التوى فم مراد بأبتسامه ساخره
” انا لست احمقآ سعود .. انا متأكد بأنك تعرفه قل ما هو اسمه .. ”
لم يجبه بشيئ احترامآ للوعد الذي قطعه لصدبقه طوني ولكن بعد محاولات عديده من مراد استطاع ان ينسل اسم رويس من بين شفتيه ليصدم الاخر لدرجه كبيره .. وضع رأسه بين يديه وهو يردد بغضب
” يا اللهي كيف هذا .. الم يمت بذلك اليوم معهم .. ”
لم يفهم سعود شيئآ مما قاله ليبادر متسائلآ
” ماذا تعني بـ ألم يمت !! .. هل تعرفه ؟ .. ”
زفر بقوه وهو يمسح وجهه بكلتا يديه ليريح عن نفسه قليلآ .. بعد فتره صمت قصيره فتح فمه ليتكلم قائلآ
” رويس .. عائلة رويس انها من اعدائنا نحن الشهري و اوزان منذ الازل .. ”
رأى ملامح الدهشه تعتلي وجهه ليعاود القول
” لقد كانوا يزعجوننا بالماضي البعيد وقد كانوا على وشك تدمير عائلتينا لولا ان ابي وابيك ايظآ قاموا بأبادة العائله قبل ان يؤذونا .. وهكذا اعتقدت انا ان العداء انتهى لكن يبدو ان عائلة رويس لم تنقرض بعد .. ”
لم يصدق الاخير ما قاله مراد كيف هذا هل يعقل ان العائلتين اعداء بينهما وهو صديق لعدوه !! .. هذا ما يفسر مفاجأه طوني بأنه من عائلة اوزان وكل دقيقه يقول له من اي عائله انت .. قال بشرود
” هل تقصد انه لا يزال بيننا ثأر !! .. ”
اومأ الاخير برأسه وسرد له كل القصه فيما سبق والتي لم يعرف سعود اي شيئ عنها .. ربما لأن والده ظن انهم ابادوا العائله لم يخبره بماضيهم ..
بعد مرور ايام قليله انقطع فيها سعود عن رؤية طوني كما انه لا يرد على اتصالاته بل يتجاهلها ببرود ..
ذات مساء كان بمنزل مراد يتجول بممراته بعد الترميم الذي قام به مراد للقصر بأكلمه .. اثناء طريقه للعوده لقاعة الضيوف توقف امام الباب وقد تناهى اليه صوت امرأه شابه
” مالذي تقوله مراد .. بالطبع يا رجل انا معك للموت ويسرني ان اكون من بينكم .. ”
تناهى اليه صوت صديقه يرد
” شكرآ لك عزيزتي ماري اذن غدآ عصرآ نذهب مع مجمرعه لا بأس بها لنقتل ذلك الوغد المدعو طوني .. ”
اجابته ماري بمتعه
” بالتأكيد .. ”
خفق قلبه بقوه وهو يستمع لكلامهما بأنهما سيقتلان صديقه طوني غدآ .. تجاهل الامر وكأنه لم يسمعه وقضى مساء ممتع معهما
باليوم التالي عصرآ يجلس بمنزله بهدوء يفكر بأن صديقه سيقتل اليوم .. مالذي يتوجب ان يفعله هل يتركه للموت ام !! .. كلا يجب ان يموت انه عدوهم .. نعم لا بد لـطوني ان يموت والا سيدمر العائلتين معآ .. بعد تفكير قرر ان يترك طوني للموت .. لكن سيطرت عليه ذكريات الماضي بقوه .. عادت لعقله تلك اللحظات الجميله منذ التقى بطوني الى ان اصبحا اصدقاء وقد توطدت علاقتهما لهذه الدرجه القويه وهو ينوي الان تركه وصديقه غافل عن الامر .. نهض بسرعه من مكانه والتقط سترته وذهب ليستقل سيارته وينطلق بها لمنزل طوني بسرعه .. عليه ان ينقذه قبل ان يموت والا فلن يسامح نفسه ابدآ .. كيف يفكر ولو بلحظه ان يتركه يموت وهو يثق به .. اليس هذا خيانه !! .. اخرج هاتفه واتصل بطوني ولكن هاتف الاخير كان مغلقآ .. كرر المحاوله مرات وكرات ولكن بلا فائده .. رمى الهاتف بقوه على المقعد المقابل له وقد تصاعدت وتيرة انفاسه شتم بحده وهو يلعن ويسب.. انه يقف على الهاويه .. لا بد ان يصل قريبآ جدآ ..
بالطرف الاخر ترجل من السياره هو وماري والعديد من الرجال .. طرقوا الباب بقوه ولكن بلا فائدة لا من مجيب .. حطموا الباب ودخلوا للمنزل عنوة .. رأى مراد امانه بالمطبخ امرأه متوسطة القامه تقف برعب ويبدو انها كانت تتجه لمكان ما .. لوى شفتيه بأحتقار
” اذن هذا التافه لديه خدم ايظآ ياللعجب .. ”
اطلق عليها النار بدم بارد بينما كان غافلآ عن الصبي الصغير المختبئ تحت الطاوله ينظر لوالدته تقتل امامه .. لم يكن الصغير سوى عمر .. ضهر فجأه السيد طوني وزوجته شجن قال بهدوء
” يبدو انه لا مفر من الموت .. ”
ابتسم مراد بسخريه وتقدم لغرفة الجلوس البسيطه واتباعه يجرون طوني وزوجته امامهم .. جلس الجميع على الارائك .. قال مراد بسماجه
” اذن طوني العزيز يبدو ان النحس يلاحقكم اينما كنتم .. ”
ابتسم ببرود وهو يحدق به .. لم يكن يشعر ولو بالقليل من الخوف على العكس كان صامدآ وكأنه لن يموت .. او ربما لأنه من افراد رويس !! .. قال بتهكم
” النحس انتم يا مراد وبالفعل انتم تلاحقوننا .. ”
قطب الاخير حاجبيه وانزعج كثيرآ من جملته .. كيف يجرء على اهانتهم ليقول
” ايها التافه انت على وشك الموت وتتبجح بلسانك يالك من حقير .. ”
نهض من مكانه لينهض طوني ايظآ وزوجته شجن تقف بجانبه تختبأ بنصف جسدها خلفه .. رفع مراد المسدس وهو يشعر بالمتعه من هذا الموقف اذ سيسره ان يقتل اولا الزوجه المحبه .. اطلق النار عليها وسط صدمة طوني ..
تهاوى جسدها على الارض ليجثو طوني قريبآ منها وهو مصدوم ..,يحرك جسدها عدة مرات ولكن بلا فائده همست بألم
” طوني انا .. انا .. ”
لم تستطع اكمال جملتها وقد فارقت الحياه لينهض طوني بفضب يتوجه نحو مراد وقد اعمى غضبه بصيرته ولكنه قبل ذلك اخترقت طلقه قاتله صدره .. ابتلع ريقه بألم ووضع يده مكان الاصابه .. عبناه غامتا .. سقط هو الاخر على الارض .. لتتقدم منه اللعينه ماري وتضع قدمها على صدره بحذائها ذو الكعب وتضربه بقدميها عدة مرات .. وسط انين طوني الخافت من شدة شعوره بالالم .. بعد ان انتهيا من مهمتهم خرج مراد واصدقائه وفور خروجهم دخل سعود وهو مصدوم منهم .. تمنى بأعماقه حقآ ان لا يكون ما خطر بباله حقيقي .. دلف للمنزل وزأى الخادمه جثه هامده هرع الى غرفة الجلوس ليرى صديقه وزوجته على الارض تغطيهم الدماء .. وقف على جسد شجن وقد كان ساكنآ .. انهالت دموعه تغطي وجهه وجسده على وشك ان تخور قواه .. يشعر بأنه محطم .. نادى بأسمها وهو يهزها ولكنها لم تتحرك ربما كان يقنع نفسه بأنها لا تزال على قيد الحياه .. سمع صوت همس ضعيف من ناحية طوني .. توجه اليه على الفور ووضع رأسه بحجره بينما دموعه تغطي وجه طوني .. قال بألم واسف حفيقين
” انا اسف طوني .. اسف جدآ ارجوك سامحني .. ”
كان يشعر بأنه السبب بمقتل صديقه فلو انه لم يخبر مراد عن الموضوع لما حدث كل هذا .. رفع الاخير يده بصعوبه ووضعها على وجه سعود وابتسامه خفيفه تلوح على وجهه
” لا تلم نفسك انت لم تخطئ .. انا .. انا كنت اشعر بأنه يومآ ما سيقتلني احدهم .. ”
احتضنه بقوه ورأسه مدفون بعنفه وهو يردد كلمات الاعتذار .. ما بداخله من مشاعر جميعها تلومه على فعلته هذه .. هو السبب نعم هو السبب بكل ما حصل .. هو من قتل صديقه طوني ولو بطريقه غير مباشره ..
” انا السبب بما حصل ارجوك سامحني .. ”
جسده ضعيف للغايه لقد خارت قواه تمامآ ولم يعد يملك ولو ذره .. بدأت انفاسه تتسارع ليقول بتلعثم
” سـ .. سعود .. اعتني بـ .. بأبني يوسف .. افعل ما .. ما بوسعك لـ .. لحمايته .. يوسف ابني .. ”
انقطع صوته وخمدت انفاسه ليفارق الحياه .. صرخ بعلو يردد اسمه ويتوسله ان يستيقط .. يتوسله ان يعود اليه .. بقي لفتره على هذه الحال لا يكف عن التوسلات والبكاء .. بعد فتره نهض مهزوزآ جسده يرتعش بقوه وثيابه مغطاه بالدماء ووجهه ايظآ .. سار بخطوات متفاوته بطيئه وخرج من المنزل وكأنه من الاموات .. لا اثر للحياه فيه .. سار بالشارع ليقف عند سيارته بنهايته وهم ان يركبها ولكن لفت انتباهه ميخائيل ومعه شاب يبدو بعمر الـ 15 او ربما 16 سنه .. فتح عينيه على وسعهما وهو يرى الشبه الجنوني بينه وبين طوني .. هل يعقل ان هذا الشاب هو ابن طوني حقآ .. ولكن الم يقل له طوني ان ابنه قد مات اثناء الولاده !! .. هذا الشاب لا يشبه الخادم ميخائيل اطلاقآ انه نسخه مصغره من طوني لا يختلف عنه سوى بلون العيون ولون الشعر البني الغامق .. وملامحه حاده بارده جدآ .. فغر فمه وهو يسمع ميخائيل يقول
” لقد كان يود السيد طوني ان يأتي بنفسه ليستقبلك سيد يوسف ولكنني منعته .. قلت في نفسي هذا ليس بصالحكم .. ”
رأى الاخير يومأ برأسه من دون ان يقول شيئآ وكم بدا بهيئته مسيطرآ على ما حوله .. الان فقط ادرك الحقيقه ان طوني ولده بذلك اليوم لم يمت بل جعله فقط يظن بأنه مات كي لا يعلم احد بشأنه ولكنه قبل ان يموت اعترف بأنه ابنه .. صدقآ لو لم يراه الان لـ يوسف لكان اعتقد ان طوني قال ابني لكناية التبني .. ياللهي .. ضرب جبهته بيده وركب سياره لينطلق بها ودموعه تشكل خطين على وجنتيه ..
عاد للواقع وهو لا يزال بين يدي يوسف .. حدق به انه ابن صديقه الغالي ولطالما كان يتسائل عن سبب كره يوسف له ولكنه الان ادرك بأنه كان يظن بأنه احد قتلة والده .. ابتسم قائلآ ودموعه تجري
” هذا ما حصل ذلك اليوم .. وانا قد اقسمت بأنني لن اسمح لشيئ ان يؤذيك .. ولهذا السبب كنت معارض لعملك مع مراد لأنني لم اشأ ان تتورط بهكذا اعمال دنيئه .. اردتك ان تكون بخير دومآ بعيدآ عن المشاكل ”
صمت وهو يرى صدمة يوسف كيف لا وهو يسمع مثل هكذا خبر بعد ظنونه بأنه القاتل .. عاد يكمل
” لأنني لم اسنطع حماية طوني اقسمت انني سأحميك ولو كان الثمن روحي فسأرخصها من اجلك .”
تصاعدت انفاسه ورئتيه لم تعودا تستقبلان هذا الهواء .. بات يستصعب التنفس كأنه سيموت !! .. اغمض اجفانه ..
لم يكن يوسف يتوقع هذا الكم الهائل من الصدمات .. سعود صديق والده منذ ايام الجامعه !! .. هل يعقل انه نفس الرجل الذي كان يحدثه عنه .. هل هو نفس الرجل الذي جعل طوني يبتسم من اعماقه وقد كان يسميه بالمهرج .. هل ذاك الرجل هو سعود من كان طوني يلهج بمغامراته معه !! .. شعر بثقل جسد سعود بين يديه وشحب وجهه اكثر عندما رأه يغلق عينيه .. ارتعش جسده وهو يرجو الله ان لا يكون قد مات .. هزه مرات وكرات ولكن بلا فائده .. صرخ بحده وهو ينظر لعمر الواقف كـصنم
” اتصل بالاسعاف عمر .. بسرعه ”
عاد يهزه وهو يرجوه ان يستيقظ .. بلا فائده كل محاولاته .. ضم جسده لصدره بينما يردد بأنكسار
” انا اسف سعود اسف جدآ ارجوك لا ترحل .. ”
المكان لم يكن هادئآ يوسف وعمر مع سعود المضجع بدمائه .. عبد الله وعبد العزيز ومجموعه من العملاء القوا القبض على مراد وقد تم تسليم الملفات صباحآ لـعبد الله بخصوص عمليات التهريب وهو لن ينجو الان بل سيلاقي جحيم اعماله النكراء ..
المكان يعاني من فوضى صاخبه ويوسف لا يملل عن ترديد توسلاته بأن يستيقظ سعود ولكن هل يمكن ان يعود الشخص للحياه لو مات !! …
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
يتبع …
يجلس على السرير يتحسسه بيديه بكل حب وحنان .. يتذكر تلك الليالي التي قضاها معها بأحضان بعض .. غرق حتى اذنيه بحبها وارتوى من حبها ولكنه لم يشبع بعد .. ولن يشبع .. يريدها ولكن تصرفاتها تبعده عنها .. يشعر بالحيره لا يعرف ماذا يجب عليه ان يفعل .. هل يتخلى عنها ام لا !! .. انه عاجز لا يعرف ماذا يختار .. يشعر بالضياع .. قلبه يريدها وعقله يرفض الفكره من اساسها .. تنهد بألم واستلقى على السرير يحتضن الوساده بين يديه يضمها لصدره وكأنها محبوبته .. قال بحزن
” اخبريني ماذا يجب ان اختار .. رغم ان اختياري مهما كان فهو يحمل لي الالم .. ”
استلقى على ضهره يضم الوساده اليه بقوه .. ينظر للسقف يحدق بالمروحه التي تدور من دون توقف .. بالفعل حتى هذه الجماد افضل منه .. على الاقل هي تعرف ما يجب ان تفعل ليس مثله هو تائه .. زفر بقوه حينها اغمض عينيه ليسترخي قليلآ .. وضع ساعده على جبهته .. عاد عقله للوراء قبل شهر تقريبآ ..
دلف للمنزل بتعب وهو يعدل ثيابه كي لا يبدو غير انيق .. رغم جسده المنهك لا يزال يفكر بالاناقه امامها .. يريد ان يبدو وسيمآ في كل وقت .. تفاجأ اذا بها تضهر امامه وهي مقطبة الحاجبين .. توسطت يديها خصرها وهي تنظر اليه من رأسه لأخمص قدميه بطريقه غريبه مشككه .. ضيق عينيه بريبه ما بها لتحدق به بمثل هذه الطريقه المزعجه .. قال وهو يفرد ذراعيه يدعوها لأحضانه
” تعالي ايها الجميله .. ”
بقيت مكانها لم تتحرك .. تفاجأ منها .. هي لا تبدو له انها بخير اطلاقآ .. سقطت ذراعيه على جانبيه ليهمس بتساؤل
” ماذا بك سمر هل انتِ بخير !! .. ”
رفعت حاجبيها بطريقه ساخره بينما اشارت نحوه بأصبعها السبابه الى ثيابه .. قالت بتهكم
” ما بك تبدو وكأنك خرجت من معركه .. ”
شعر بالخجل من كلامها فهو بالفعل قضى وقت مزعج مع بعض الموظفين ينقلون بعض الصناديق للمخزن .. بصدق كانت مساعده منه فهو ارقى من هكذا عمل .. ضحك بتكلف وهو يعبث بشعره قائلآ
” في الواقع كنت اعمل .. انت تعلمين انني مشغول هذه الايام .. ”
هزت رأسها بتفهم وعيناها لا تفارق ثيابه المتجعده .. لم تعجبه نظراتها فقد بدت وكأنها تشك بأمر ما ولكنها غضت الطرف عنه .. لم يبالي بالامر بل سار متوجهآ لغرفة نومه ليستحم ويبدل ثيابه .. بعد فتره كانا مجتمعين على مائدة الطعام والجو يبدو مكهرب بينهما .. كان الصمت يلف المكان لدرجة ابسط صوت قد يكون وكأنه انفجار مدوي .. همس بخفوت
” ما بك سمر لا تبدين على طبيعتك .. ”
حسنآ يبدو انه يلقي طرفه ما فهذه هي طبيعتها وهي لم تتغير ولكنه يريدها ان تتكلم .. اجابته ببرود
” اين كنت .. اخبرني بصدق .. ”
عقد حاجبيه لم يفهم مالذي تعنيه قال بتساؤل
” لقد اخبرتك انني بالعمل .. لماذا !! .. ”
وضعت الملعقه بقوه على الصحن وهي تصرخ بحده
” انت تقنع من بكلامك السخيف هذا !! .. كف عن الكذب اخبرني مع من كنت .. ”
لم يصدق ان يصل به الحال لهذه الدرجه .. لقد تغيرت للأسوء .. كلما يظن انها بدأت تتغير تفاجأه انها تنقلب للأسوء لتجعل كل شيئ كأنه الجحيم .. حاول ان يهدئ نفسه .. اخذ نفسآ عميقآ يحدق بوجهها الشاحب قائلآ
” كنت بالعمل .. اساعد بعض الموضفين ببعض الاعمال .. ”
التوت شفتيها يأبتسامه ساخره لتنفجر بعدها بضحكه مدويه هزت اوجاء المنزل .. حاول ان يكون متعقلآ ولا يزيد الامر سوء .. قالت بتهكم وسخريه لاذعه
” هل تعتقد انني اصدق كلامك هذا .. انا لست غبيه كريم .. اخبرني ما اسمها وبماذا هي افضل مني .. هاه !! .. ”
لم يحتمل اكثر وهو يراها تهينه بكل بساطه .. ضرب الطاوله بقوه بينما يهدر بغضب اعمى
” سمر لا تتجاوزي حدودك هل تفهمين .. ”
جابهته بكل سذاجه قائله
” بلى سأفعل .. لا تظن انني سأبقى صامته وانا اراك تخونني هكذا .. ”
فتح عينيه على اتساعهما وهو يستمع لأتهاماتها الباطله ضده .. قال بحده
” سمر لقد حذرتك .. ”
لم تبالي بما يقوله وهي تنهض وتترك الطاوله تقول بحقد
” لم اعد احتمل .. انا لا اطيق وجودي معك كربم .. لا اطيفه .. ”
تجمد بمقعده لا يصدق ما يسمع منها .. هل وصل بهم الامر لهذه الدرجه .. نهض من مكانه بهدوء ينافي ما يعتمل بداخله .. قال بهدوء
” سمر جهزي اغراضك واذهبي لمنزل والدك .. انتظري مني ورقة الطلاق .. ”
غادر الغرفه بعد هذه الكلمات .. بينما بقيت هي تقف مكانها مدهوشه مما قاله .. تجمد جسدها وعيناها تحدقان بالمكان الذي اختفى منه ..
** عاد للواقع بينما هذه الذكريات تمزقه بقسوه .. كل ذلك الحب نهايته ماذا !! .. نهايته الدمار والخراب .. لم يكن مقدرآ له ان يعيش اكثر من ذلك .. لقد تم قتله بطريقه بشعه منها .. لوهله يعتقد انها لا تستحق حبه ولكنه يعود ويقول انها اجمل شيئ بحياته .. رغم اعتقاده احيانآ بأنها الاسوآ ..
اغمض عينيه ليستسلم للنوم ولكن صوت غريب بالمنزل جعله يجفل .. اعتدل بجلسته ينظر من كل ناحيه .. تساؤل ترى ما هذه الاصوات الخافته بمنزله .. نهض من سريره يتجه نحو الباب بحذر بعد ان تناول عصا كبيره يحملها بين يديه تحسبآ لأي طارئ .. سمع صوت الخطوات تقترب من غرفته ليفتح الباب بقوه وهو يرفع العصا يوشك ان يضرب المجهول ولكن صوت انثوي صرخ بهلع
” كـريـم .. ”
توقفت يده بأخر لحظه على بعد سنتمترات قليله منها .. فتح عينيه على اتساعهما ينظر للتي تقف امامه يبدو القلق واضحآ على ملامحها .. قال بصدمه
” سمر !! .. ”
رأها تبعد يديها عن وجهها بينما تنظر اليه بعيون مليئه بكل انواع الألم والأسى والحزن .. لم تقل شيئآ اكتفت بالصمت .. ربما عجزت عن النطق .. عاد يهمس بألم
” لما عدتي .. الم اقل لك أن تنتظري ورقة الطــ .. ”
ما كاد ينهي جملته حتى اوقفته هي بحركه مفاجأه ووضعت كفها الصغير على فمه .. همست له بحزن
” ارجوك لا تلفظ هذه الكلمه مجددآ .. ”
تفاجأ منها .. لا يعلم ماذا يقول .. تأتي فجأه لمنزله بعد هذه المده ومن تلقاء نفسها تعود .. وبمثل هذا الوقت المتأخر .. وفوق ذلك تبدو له امرأه اخرى لا تمت بصله لتلك الشابه التي قطع حبال الموده بينهما قبل اكثر من شهر .. لما لم تجد منه اي حركه عادت تقول بتوسل
” كريم دعنا نتحدث .. اود ان نصلح ما بيننا ارجوك انا لا اريد الانفصال عنك .. ”
من دون ان تنتظر جواب منه .. امسكته من يده وتوجهت به نحو غرفتهما ليدخلاها سويآ بعد طول غياب .. جلسا على السرير وكل منهم بعيد بعض الشيئ عن الاخر .. ربما لكي يعرفا كيف يتحدثان بتحضر .. قالت بحشرجه
” كريم انا اسفه على ما حصل .. لقد ارتكبت خطأ فادح .. انا لن اسامح نفسي لكن ارجوك اعطني فرصه اخرى .. اعدك انني لن اخذلك هذه المره انا اعلم انني نجاوزت حدودي كثيرآ وربما لا استحق منك السماح .. لكن اقسم لك انا تغيرت .. لم اعد نفس تلك الشابه الهوجاء لقد اصبحت امرأه اخرى .. صدقني سأرضيك وسأكون كما تريد فقط اعفو عن اخطائي .. ”
استمع اليها بغير وعي منه .. من سيصدق انها سمر نفسها التي كان يعرفها .. ها هي تعتذر منه وتطلب الغفران وطي الماضي للبدء بصفحه جديده خاليه من المشاكل .. قال بأرتباك
” هل أنت بخير !! .. ”
ابتسمت بألم تدرك انه لم يستوعب بعد انها تغيرت حقآ .. قالت بمرح على غير طبيعتها
” نعم انا بخير تمامآ .. الا يبدو هذا واضحآ .. ”
هز رأسه وكأنه تحت تأثير منوم ما .. هل حدثت المعجزه وتغيرت محبوبته ام ان هذا حلم !! .. ام انها فعلآ هنا ولكن هذا الوجه مؤقت !! .. لم يعرف ما الحقيقه التي يجب ان يراها وتكون واضحه امامه ..
” انا لم افهم مالذي تغير بعد هذا الوقت !! .. ”
احس بكفيها تحتضن كفيه بكل نعومه .. قالت بلطف وصوتها يحمل كل الحب له
” هذا الوقت جعلني ادرك انني فقدت شيئآ ثمينآ .. لا تعوضه كل كنوز الدنيا لو رحل .. ”
صمتت وهي تحدق باللاشيئ لتعاود القول بحنان فائض
” لو خسرتك فأنا سأموت .. حياتي لا وجود لها بدونك .. ”
خفقات قلبه تسارعت وكأنه في سباق جري عنيف .. هل يمكن ان تنطق بهكذا كلمات امرأه مثل سمر .. لم يكن هذا ولا حتى بأحلامه .. لم يجد ما يقوله غير ان يحتضنها .. مرغ وجهها بصدره .. يريد ان يدفنها بين اضلعه لكي لا تهرب منه .. همس بأنكسار
” لقد عشت جحيمآ لا يطاق ببعدك عني .. ”
لفت ذراعيها حول خصره .. تدفن وجهها اكثر بين طيات صدره الدافئ .. ملاذها الامن .. همست له بوله
” كل ذلك رحل مع الماضي .. من الان ابتدأت حياتنا .. انا اعدك سأكون كما تحب وترضى عني .. سأجعلك تجن .. ”
ضحكت وهي تلفظ اخر جمله .. بينما زاد من احتضانه لها .. تذكر انه لم يفعلها منذ وقت طويل جدآ .. ابتعد عنها ببطئ وهو يحملها بين ذراعيه ليرميها على السرير .. بينما جسدها الصغير يتوسط تحته سمع منها شهقه رعب لتقول من بعدها
” مهلآ كريم انتبه .. ”
لم يفهم ما تعنيه .. رفع احد حاجبيه ينظر لوجهها الملائكي يتفرس به بينما يجيبها
” ما الامر .. لما يجب ان انتبه .. ”
نظرت اليه بكل حب تمتلكه نحوه وهي تجيبه بمكر
” قد تؤذي صغيرنا .. انتبه لي جيدآ انا لا ازال ببداية اشهري .. ”
انتفض جسده وارتد للوراء بينما انسلت من بين شفتيه شهقه قويه قائلآ
” ماذا قلتِ .. ”
اجابته بصوت مليئ بالدلع
” قلت انا حامل .. لقد اكتشفت ذلك قبل اسبوع .. ”
قهقه بمرح وهو يضمها لصدره بكل حب يهتف
” ياللسعاده .. الان فرحتي لسببين .. الطفل .. وعودتك لأحضاني .. انا ذو حظ عظيم .. ”
امتزج صوت ضحكهما معآ وسط ليله مليئه بالحب بعد طول غياب
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
يتبع …
الغضب جليآ على وجهه وخطواته تنهب الارض .. لا يستقر بموضح واحد .. صدخ صوته عاليآ
” ماذا تعنين بهذا انا لا افهمك !! .. ”
اجابته ببساطه وهي تقلب شفتيها
” انا اقول لك انك ستتزوج .. ”
تحركت ملامحه بطريفه مخيفه بحق الله هل تمزح هذه المرأه .. من سمح لها بالتدخل بشؤونه .. قال بحده
” اسمعيني كونك زوجة ابي انا اقدر لكِ ذلك واحترمك .. لكن ان اتزوج هكذا بكل بساطه فأنت مخطئه انا لا اسمح لك .. ”
لم تبالي بما يقول بل وضعت قدمآ على الاخرى بينما تتجاهل وجوده وتعود لقراءة المجله التي بيدها قائله
” الامر منتهي منه .. انا فقط اجعل عندك علمآ .. غدآ سنذهب لنخطبها لك .. ”
تفجر بداخله بركانآ من الغضب بحركاتها المثيره للغيض هذه .. هدر بصوت مرعب
” ابي بحق الله كيف تفعل هذا بي !! .. ”
وجه نظراته لوالده الذي رفض التدخل بالموضوع وتركهما يتناقشان لوحدهما .. اجابه بهدوء اثار حفيظته
” بني الزواج سنة الحياه ولابد لك ان تتزوج .. كما انني ارغب برؤية احفادي انت تعلم .. ”
صدره يعلو ويهبط بجنون ولهيب انفاسه يكاد يحرق .. تصاعدت وتيرة انفاسه كأنه رجل على حافة الانهيار .. عاد يذرع ارض الغرفه بخطوات غاضبه كأنه نمر كاسر محبوس في قفص .. هتف بحده
” انا لن اتزوج هذا قراري .. لما لا تفهمان الامر .. ”
هتفت به بأنفعال
” الى متى تريد دفن نفسك بحب زائف فيصل .. ”
خفق قلبه بقوه بينما يدير نظراته ببطئ الى زوجة ابيه وقلبه ينبض بأضطراب وكأنه على وشك الموت كيف لا وسره الصغير على وشك ان يتم اكتشافه .. ابتلع ريقه متسائلآ
” انا لا اعلم عـ .. ”
قاطعته بقوه وهي تنهض من مكانها
” بلى انت تعلم قصدي .. كلانا يعلم انك مغرم بـسارا او ربما اقول يهيئ لك انك كذلك .. ”
زم شفتيه بقوه بينما الدماء تفور بعروقه كيف هذا .. هل تسخر هذه المرأه من مشاعره وتنعته بأنه متمسك بوهم لا اصل له .. صدره يعلو ويهبط بسرعه وكأنه قد استنزف طاقه بفعل ما !! .. كاد ان يتكلم لـ ينكر ما تقوله ولكن فاجأه والده سامي بالقول بأنزعاج
” ماذا تقولين حبيبتي .. فيصل من المستحيل ان يحب تلك المنحرفه .. لا تكرري كلامك هذا مجددآ .. ”
نظرت اليه بقوه بينما اصبعها السبابه يشير بأتهام نحو فيصل لتقول بفضب اعمى
” لا لا يا سامي انا لا اتبلى عليه انها الحقيقه .. ان لم تكن تصدقني فأسئل ابنك .. ”
اغمض عينيه بألم يصغي لجدال والده وزوجته .. صدره مقبوض .. والهواء كأنه انحسر من حوله .. المكان يضيق عليه .. سمع صوت والده يتناهى اليه قائلآ
” هل هذا صحيح فيصل .. ”
لم يجبه فما عساه يقول ولكن عاد والده يهدر بقوه وهو يكرر سؤاله .. مما جعله يفتح عينيه ببطئ ليحدق بأبيه بصمت ليهمس وهو يحني رأسه
” نعم ابي انا فـ .. ”
صمت وهو يرى والده ينهض من مكانه ليقف امامه .. وفجأه !! .. ران صدى صفعه قويه ليحطم الصمت المطبق على المكان .. فتح عينيه على اتساعهما يحدق بوالده بعدم تصديق مما فعله .. هل قام للتو بصفعه !! .. فغر فمه بدهشه حقيقيه بينما والده يقول
” الم تجد غير تلك التافهه لتحبها .. وانا اقول بنفسي لما ابني رافض الزواج .. ”
حول سامي نظراته لزوجته وهو يقول من بين اسنانه
” ماذا كانت تدعى تلك !! .. آه سيرين .. غدآ سنذهب لنطلب يدها لهذا الارعن .. ”
قال هذه الكلمات لينصرف بعد ذلك ينهب الارض نهبآ والغضب يشتعل به .. بقي هو وزوجة ابيه بالغرفه والصمت يلفهما .. اشفقت كثيرآ عليه يبدو لها بحال فظيع جدآ .. هل تراها اخطأت عندما فضحت مشاعره امام والده .. استقر كفها الصغير على كتفه تقول بألم
” انا اسـ .. ”
قاطعها بأنتفاضه من جسده .. ابتعد عنها صارخآ
” لا تقتربي مني هل تفهمين .. انت السبب بما حدث .. ”
غام وجهها بالحزن وكلماته قد مست ضفاف قلبها وكأنها اخترقته بخنجر حاد .. همست بألم
” صدقني فيصل انت لا تحب سارا فكر بالموضوع جيدآ .. انت معجب بها فحسب .. ”
ادار رأسه بعيدآ عنها وكم تألم قلبها لذلك .. وقف امام النافذه قائلآ
” انا اعلم بأنني معجب بها والامر لم يتجاوز الحب ربما .. اعلم انني اتوهم حبها .. لكن انا اريدها بحق .. اريدها ان تكون لي انا فقط .. ولهذا انا لن اتزوج .. ”
كلماته انسلت لأعماقها تستشعر المه الحاد .. ياله من رجل بائس يريد شيئآ لن يكون له ابدآ .. شعرت بالشفقه نحوه
” فيصل الامر ليس بيدنا صدقني .. والدك لا يطيق الفتاه وانت عليك ان تفهمه .. هو يريد ان يرى احفاده لما لا تشعر به .. ”
اومأ برأسه كي يجعلها تكف عن الكلام ولكنها عادت تردد وهي تقف بجانبه
” انت بمثابة اخي الصغير فيصل وانا اريد مصلحتك في كل شيئ .. ”
لم ينبس بحرف بقي ساكنآ لا يتحرك .. اكملت
” الا تريد ان تكون لك امرأه تعتني بك .. ”
همس بضعف وقد كسى الالم وجهه
” الم تجدي غير تلك الطالبه .. ”
ضحكت بخفه على كلامه اذن فمشكلته مع تلك الشابه اللطيفه
” وهل يوجد افضل من فتاه تحبك .. ”
قطب حاجبيه والتفت اليها بسرعه كالبرق قائلآ بدهشه
” ماذا قلتِ .. تحبني !! .. ”
نظرت بعينبه مباشرة بينما تهز رأسها والابتسامه لا تفارق وجهها وتجيبه
” نعم الم يكن واضحآ عليها ذلك .. ”
ابتلع ريفه بينما يهز رأسه بالنفي ليأخذ نفسآ عميقآ ويزفره بعد ذلك .. مرر يديه بخصلات شعره ليقول
” انا متعب سأذهب للنوم .. ”
القى عليها تحية المساء وتوجه الى غرفته يفكر بما تقوله .. هل هي جاده حقآ اتقول انها تحبه .. تلك الشابه المدعوه سيربن تحبه هو !! .. غريب حقآ ولكن ربما هذا سبب تصرفاتها بالجامعه معه .. ربما هو الحب حقآ ..
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
يتبع ….
يتوسط سريره بكل استرخاء يفرد ذراعيه وكأنه طائر حر يحلق بالفضاء الواسع .. الحقيقه لم تكن كذلك فهو شخص مقيد من جميع النواح .. رجل وسيم ذكي طيب القلب ويجب بصدق ولكنه ذو حظ عاثر .. ياللأسف كلما وقع بحب امرأه ما تذهب لغيره .. كأنه رجل ملعون يجلب السوء لمن يهواه قلبه .. سعادته وكأنها مقدر ان لا تدوم .. يصل لمنتصف الطريق ثم يباغته الحزن من كل صوب .. حك رأسه وهو يتذكر كلام كاظم ” يوسف رويس هو yr ” يالها من صدمه عنيفه !! .. لم يخطر بباله هذا الامر اطلاقآ .. حتى بعد ان حذره بعد تلك الحفله المشؤومه .. لابد ان يذهب لرؤيته قريبآ جدآ ليفهم منه اسباب هذه الجرائم .. سمع صوت طرقات على الباب وصوت حزين يخالطه
” أمين أن كنت مستيقظ .. هل يمكنني الدخول .. ”
سمح لها بالدخول لتطل من خلف الباب شقيقته بينما تبدو بحال يرثى لها .. شعرها مشعث ووجهها محمر وعيناها منتفختين .. اثار الدموع واضحه على وجنتيها .. هاله منظرها .. نهض من مكانه وتوجه نحوها بقلق قائلآ
” صغيرتي هل انتِ بخير .. ما بك تبدين شاحبه !! .. ”
ارتمت في حظنه وانفجزت بالبكاء .. بكاء حاد مزق سكون الليل .. وضع يديه خلف ظهرها يربت عليها في الاونه الاخيره بدأ يلاحظ ان شقيقته قد تغيرت كثيرآ .. كأنها تعاني من شيئ نفسي .. قال بلطف
” ما بك صغيرتي تبدين هذه الايام بحال سيئ جدا .. اخبريني ماذا يزعجك !! .. ”
لم تقل شيئآ بل ازداد بكائها وكأنه بكلماته قد اذاها .. جرها معه للسرير لتجلس معه .. احتضن وجهها بكفيه يمسح دموعها بينما يحدق بعينيها الذهبيتين .. سألها قائلآ
” هل هناك شيئ يزعجك .. اخبريني حبيبتي .. ”
بالكاد توقفت عن البكاء لتنظر اليه وجسدها ينتفض من شهقاتها المتتابعه .. قالت بأسى
” انا فتاه سيئه .. انا سيئه أمين .. ”
ابتسم بوجهها بلطف هو يعلم ان شقيقته رائعه وتحسب حساب لكل صغير وكبير ويعلم ايظآ انها حساسه جدآ وتلوم نفسها على كل شيئ حتى وان لم تكن مخطأه .. سألها بهدوء
” ولماذا انتي كذلك هاه !! ..”
حدقت به وعيناها تلتمعان بفضل الدموع
” لقد اتهمت شخصآ بريئآ بشيئ لم يفعله ..”
قطب حاجبيه لقول بريبه
” لم افهمك .. كيف !! ..”
هزت رأسها بينما طأطأته للأسفل تنظر لحجرها ويديها تتعرقان بشده
” نعم فعلت ذلك .. انا لن اسامح نفسي ولكن انا .. انا .. ”
لم تستطع اكمال كلامها حتى تعالت وتيرة بكائها ليأخذها بين ذراعيه يربت على ضهرها .. يهمس لها بكلام لطيف يهدئها قائلآ من بين ذلك
” صغيرتي الحلوه انا اعلم انك لست كذلك ولن تفعليها ابدآ .. وكما عادتك تحملين نفسك مالم تقترفيه .. ”
لم تصدق ما يقوله اخيها هل يثق بها لهذه الدرجه .. يبدو انه لا يعلم بحقيقتها البشعه .. كادت ان تتكلم ولكنها بقيت صامته لم تشأ ان تشوه صورتها اكثر امامه .. يومآ ما ستعود سارا وستطلب منها الغفران .. وستفعل كل شيئ ليسامحها العم سعود والعمه ميرفات .. همست بحشرجه
” امين .. ”
سمعت همهمه تصدر منه لتبتسم بحزن وهي تسأله
” الم تقل انك ستتزوج لما غيرت رأيك .. ”
احست بيديه تبعدانها عن حضنه قليلآ لتتلاقى اعينهما .. رأت وجهه يميل للعبوس ليقول بعد فتره صمت قصيره
” حسنآ حدثت بعض العرقلات لكن سأتزوج قريبآ جدآ .. ”
رمشت بعينيها عدة مرات لتبتسم بلطف وفجأه من دون توقع اطلقت سؤالها بوجهه
” تبدو عاشق لدرجه كبيره يا اخي .. اتمنى ان تجتمع بها قريبآ .. ”
نهضت من مكانها وسط دهشته .. هل يعقل انه عاشق لهذه الدرجه .. هل هذا واضح على ملامحه .. خطت لتخرج من غرفته لتطرق الباب فجأه .. قال بأنزعاج
” ادخل .. ”
تبادل الاخوين النظرات بينما دلفت الخادمه للغرفه لتقول بأحترام
” سيد امين هناك رجل يدعى ماثيو يود رؤيتك .. ”
علت الصدمه وجهه .. نبضاته اضطربت .. لاحظت مريم عليه علامات الدهشه .. تسألت عن ذلك لكنها لم تسمح لفضولها بأن يغلبها .. قالت بهدوء وهي تخرج
” سأذهب لغرفتي تصبح على خير .. ”
غادرت لتتركه وحيدآ يتسائل عما يريده منه ماثيو بمثل هذا الوقت .. ولما قد يأتي لزيارته اساسآ .. يبدو ان حضوره لا يبشر بالخير .. نهض من سريره وعدل من هندامه ليغادر الغرفه متجهآ الى حيث يتواجد ماثيو
يجلس بهدوء وهو يضرب الارض بقدميه بخفه ينتظر حضور ذلك الاحمق امين .. متى يأتي ويشرفه بحضوره السخيف .. ضهر امامه فجأه ليبتسم بسخريه .. صدق من قال ذكرت القط فجاء ينط .. نهض من مكانه ووجهه متجهم بينما الاخر لا تعكس ملامحه اي شيئ مما يشعر به قال ببرود
” اخيرآ شرفت سيد امين .. لما لم تتأخر اكثر هاه !! ”
تنهد الاخر ببرود وهو يجيبه بفضاضه
” كلانا يعلم انني لم اتأخر .. هل اتيت لتفتعل المشاكل !! ..”
حك ذقنه وقطب حاجبيه ليتغضن جبينه بشده .. ياله من رجل ذو لسان سليط .. كيف احبته رانيا .. وكاريس ايظآ !! .. زم شفتيه بصدق لا يستطيع تخيل كاريس مع هذا الارعن الحقير الذي سلبه سعادته .. ولكن ليس باليد من حيله .. الاولى تحبه والاخرى لن تصدق بأنه يحبها الا اذا سمح لهذا الغبي ان يتزوج من اخته .. اخذ نفسآ عميقآ .. حسنآ هو بحاجه للهدوء لكي يتكلم بعقلانيه فهو لم يأتي لأفتعال المشكلات .. قال بهدوء يناقض وجوده مع هذا العدو اللدود
” لقد جئت لأتكلم معك بأمر مهم .. هل نجلس لنتكلم ”
اومأ برأسه وهو يشير له بالجلوس وقد نسي ذلك تمامآ قائلآ
” اعذرني نسيت ذلك .. تفضل .. ”
جلس الاثنان وكل منهما يفكر بشيئ .. الاول لا يطيق الذي امامه .. والثاني تنهش به افكاره يتسائل عما يريده منه هذا الرجل .. قطع الصمت صوت ماثيو يقول
” لقد اتيت لنتحدث بشأن كاريس .. ”
خفق قلبه بقوه لدى سماعه لأسم معشوقته .. ولكن ذلك لم يتضح على معالمه .. قال ببرود يتنافى مع نيران قلبه المضرمه
” تفضل قل ما لديك .. ”
مرر نظراته عليه من رأسه لأخمص قدميه .. اثار اعجابه حقآ بهدوئه الذي يتمتع به .. عاد يقول
” اود ان تحسم الموضوع معها .. اريدك ان تتركها نهائيآ .. ”
لوى شفتيه بأحتقار اذن هذا التافه اتى لهذا السبب .. قال بصرامه
” هذا الموضوع اخرجه من رأسك .. كاريس لي وسأتزوجها قريبآ .. ”
انفجر بالضحك بينما يمسك معدته .. هل هذا البغيض يتحداه ويقول بأنه سيأخذ كاريس رغمآ عنه !! .. هذا حقآ يثير الازعاج .. قال بحده
” اسمعني يا هذا .. انا قلت ستبتعد عنها وستنفذ كلامي أتفهم !! .. ”
صدرت همهمه ساخره من امين لتفجر براكين غضب ماثيو .. هدر بغضب
” هل تسخر مني ايها الحثاله .. ”
اتكئ بساعديه على منكبيه محني الضهر يقدم رأسه للأمام .. عيناه باردتان لا اثر لأي اختلاجات داخله بها وكأن براكين مشاعره المتأججه لا وجود لها .. قال بهدوء
” انا لا اسخر منك .. انا اقول انني اريد كاريس .. انا احبها ولن اضحي بها .. ”
خفق قلبه بقوه كم يتمنى ان لا يكون هذا صحيحآ .. يعلم جيدآ لو لم يكن هذا الرجل يحب كاريس فصغيرته سيتحطم قلبها .. ولكنه لا يريده .. ليس بيده انه لا يطيقه .. انه يجلس على جمر الان ويود الرحيل فورآ .. ولكن ماذا يفعل لقد وعد زوجته وعليه ان لا يخلف الوعد .. قال بسماجه
” ياه كم هذا واضح يا رجل .. مع من تعبث يا هذا .. كلانا يعلم بأنك تحب رانيا بجنون فكيف وقعت بحب كاريس هاه .. ”
مسح وجهه بكفيه .. يبدو انه مكتوب على جبينه ان تستصعب جميع اموره .. اجابه بحنو
” لا زلت احب رانيا ولن انساها ابدآ فهي قدمت لي الكثير وانا لن اكون جاحفآ لأنساها .. فجأه ضهرت كاريس لتداوي كل جروحي بفقدان رانيا وتستعمر قلبي بكل سهوله وكأنه كان مقدرآ لي ان اخسر الاولى لأعرف الاخرى لتبقى معي .. ”
تفاجأ ماثيو من كلامه وفتح عينيه بدهشه وكم كلمات الاخير كانت صادقه .. احس حقآ انه سيكون حقيرآ لو حرم الاثنان من بعض .. اتى ليتأكد من حب هذا الرجل لأبنة عمه وها هو يرى حبه واضحآ كشمس بكبد السماء .. ارتد جسده للخلف وغطى عينيه بساعده الايسر .. لسعت حرارة الدموع عينيه .. قلبه يؤلمه بقوه .. لا يريد لهذا الرجل السعاده ولكن .. ولكن هل هذا عدل ام انه ظلم بحق شخصين .. يستطيع ان يذهب لزوجته ويقول ان هذا المدعو امين كاذب ولكن هل سيرتاح لو فعل ذلك .. كلا .. نطق جزء مظلم بأعماقه .. نطق كلا .. كلا لن يرتاح بذلك بل سيأنبه ضميره طوال حياته .. نهض بتثاقل وروحه تعاني كأسد محبوس بقفص يود العوده لموطنه بالغابه .. بقي صامتآ لم يقل شيئآ .. تحرك ليخرج من القاعه لكن اوقفه صوت امين يقول بأهتمام
” انا سأتقدم لها هذا الاسبوع .. اتمنى ان لا تقف بوجهي .. ”
حك مؤخرة رأسه وهو يولي ضهره له بينما ابتسامه ماكره تتلاعب على شفتيه .. قال بصوت لطيف
” سأفكر بحبك بأنصاف .. ”
قال ذلك وعاد ليتحرك مغادرآ .. قبل ان يتوارى من خلف الباب قال كلمه واحده اجفلت امين
” انتظرك .. ”
اختفى خلف الباب وقد بقي امين لوحده بالقاعه .. يحدق بالمكان الذي خرج منه ماثيو .. لم يصدق ان ذلك العنيد الذي اتى ليحرمه من محبوبته استسلم امام حبه .. خفق قلبه بقوه وانهار جسده على الارض .. جثى على ساقيه وبدأ يضحك بطريقه هستيريه .. ياللعجب ما هذه الحياه الغريبه .. اجفله صوت والده قائلآ بتعجب
” ما بك تضحك كالمجانين !! .. ”
ابتلع ريقه ونهض من الارض وعدل ثيابه بينما يقف بأعتدال .. قال بهدوء
” في الواقع ابي اود ان اتزوج .. ”
رفع والده حاجبيه بسخريه بينما اجابه
” سمعت هذا قبل اشهر عديده ولم ارى شيئآ .. ”
شعر بالحرج من والده .. انه محق ولكن هو لا يعلم بأنه كان يعاني من بعض الاضطرابات لذلك تأخر بالخطبه .. قال ووجهه يشرق بالسعاده
” كلا ابي هذه المره انا متعجل جدآ .. اود ان تخطب لي خلال هذا الاسبوع ربما يوم الخميس ما رأيك !! . ”
اشرق وجه والده هو الاخر ليتقدم من ابنه يحتظنه بقوه .. اخيرآ سيرى ولده عريس .. وكذلك ابنته لقد طلب منصور يدها منه اليوم اثناء العمل لكنه اخبره ان العمل ليس مكان لهكذا مواضيع وسيأتي ايظآ هذا الاسبوع لطلب يد صغيرته .. ابتسم بحب وفاضت عينيه بدموعه .. ردد بسعاده
” هذا اسعد يوم بحياتي يا ولدي .. انا سعيد لأجلك .. سعيد جدا .. ”
بقيا يحتظنان بعضهما بقوه وكأنهما كانا مفارقين البعض ..
بالطرف الاخر يقود سيارته بسرعه والهواء يلفح وجهه الجو اليوم لا بأس به .. الحراره غير مرتفعه جدآ هذا لطف من الله عليهم .. يقود سيارته بأتجاه ملاذه .. بأتجاه تلك المرأه التي تعشقه بجنون .. حسنآ لقد قصر بحقها كثيرآ وهو يود ان يعوضها عما فاتهما .. ما خسره من وقت بالتفكير بماض لن يعود .. وصل للمنزل بعد فتره قصيره .. ترجل من سيارته ودلف لملاذه الذي تسكن فيه .. فور دخوله لغرفة الجلوس استقبله وجه محبوبته سناريا .. وكاريس تجلس معها ويبدو عليها الشحوب .. انفطر قلبه على صغيرته وهو يراها بهذا المنظر الفضيع .. تجاهل شعوره وقال بمرح
” حبيبتي كارو كيف حالك .. ”
رفعت رأسها اليه ونظراتها تعكس الالم .. عيناها حمراوين يبدو بأنها بكت كثيرآ قبل ان يأتي .. تقدم نحوها وجرها لحضنه يدفن رأسها بين ضلوعه .. قال وهو يمسح شعرها
” لا اصدق انك كبرت وستتزوجين .. ”
احس برعشتها بين يديه ليبعدها عنه قليلآ وهو ينظر لوجهها مبتسمآ
” نعم يا وردتي الصغيره .. امين سيأتي بعد ايام قليله لطلب يدك مني .. ”
اتسعت عينيها بدهشه لا تصدق ما تسمعه .. هل ستكون لأمين واخيرآ .. شعرت بأن الارض تموج من حولها .. الظلام بدأ يغطي عينيها .. فجأه لم تعد تشعر بشيئ سوى صوت قلق خائف حد النخاع يقول
” كاريس !! .. ”
نهضت رانيا لتقترب من زوجها تمسك ذراعه قالت بقلق
” ما بها ماثيو .. ”
ضحك الاخير بقوه يبدو ان صغيرته لم تستوعب بعد انها ستكون لمحبوبها .. لسبب غير معروف شعر بالسعاده .. بالسعاده العارمه لهكذا موقف .. يبدو انه جمع قلبين عاشقين بتصرفه الطيب هذا والغير مجحف
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
يتبع ….
شمس مشرقه وجو صافي ولكنه حار بعض الشيئ حطت الطائره على ارض لبنان .. الارض التي تعشقها بجنون وقد مضى شهرين بعيده عنها بسبب من تحبهم .. حالما وطأت قدميها تراب هذه الارض الطاهره انهالت دموعها تتساقط على خديها بغزاره ولا يزال السواد يلفها من رأسها لأخمص قدميها .. وتلك النظارات لا تزال تغطي فيروزتيها ذات البريق الباهت .. الذي اختفى بعدما خسرت حبها يوسف .. شعرت بيد تتأبط ذراعها وصوت حاني يهمس بلطف
” ارض الوطن .. العوده للأصل شيئ جيد .. جيد جدآ ”
لم تلتفت له بل ازداد انسياب دموعها على وجهها الرقيق .. احنت رأسها تشعر بخدر بساقيها .. كأنهما تأبيان التحرك من هنا .. كأنها تخشى ما سيحدث .. كأنها تقول لها لا تذهبي للقاء الاحباب .. لا تنظري لأحد منهم .. لا تعيدي فتح جراح قلبك بقسوه .. اخذت نفسآ عميقآ لتخرجه على شكل دفعات .. رفعت رأسها بشموخ وهي تشعر ببعض الارتياح .. قالت بقوه
” نعم من الرائع ان تعود لوطنك بعد غربه .. ”
خطت اقدامهما للأمام ليقول مهند بينما يسيران
” هل أنت متأكده من رغبتك بالذهاب الى هناك .. ”
اومأت برأسها وحولت وجهها اليه تقول
” نعم سأذهب لأطمئن على ابي ولكنني لن التقي بأحد منهم .. انت ستموه وجودي .. ”
اومأ برأسه .. لا يعلم لما فيما سبق كان يريد منها ان تواجه كل من ظلمها .. اما الان فهو خائف ان يكسروها مجددآ ولا يريد ان تتأذى هذه الشابه الطيبه .. ابنة عمه الرائعه .. استقلا سياره وتوجها للمشفى الحكومي .. قال وهو يعود بضهره للخلف يستند
” لا اعلم هل من الصواب ان تذهبي .. ”
نظرت اليه وهي تخلع نظراتها وتحدق به بنظرات تحمل القسوه والبرود الذي لم يكن معهود لديها .. بقدر ما كانت لطيفه اصبحت قاسيه .. قالت ببرود
” والدي بين الحياة والموت .. وانت تطلب مني ان اعيد التفكير .. ”
قال بسرعه يبرر لها ما يقصد
” ولكن انت تعلمين .. انا خائف عليك .. ”
لوت شفتيها بسخريه خائف هاه !! .. يالها من كلمه سخيفه لم تعد موجوده بقاموسها .. قالت بتهكم
” لا داعي للخوف .. انا قويه بما يكفي .. ثم الست انت من كنت تطلب مني العوده هاه !! .. ”
التوت شفتيه بعبوس حسنآ هي محقه ولكن الان الامر اصبح جديآ وهو يشعر بالقلق .. كاد ان يتكلم ولكنها قاطعته بقولها
” انا لا اريد رؤية اي احد منهم .. انت ستموه لي لأدخل لرؤية ابي بسرعه .. اطمئن عليه واخرج لن اتأخر كثيرآ .. ”
حك ذقنه يفكر بما تقول حسنآ اذا الامر هكذا لما لا ..
وصلا لنشدتهما وترجلا من السياره ليقف كلاهما امام مبنى المشفى الحكومي .. حدقت بالمبنى الضخم بعيون حاده لا اثر لأي من اختلاجات ضعيفه فيهما .. عادت ترتدي نظارتها وتقدمت بشجاعه بخطوات واثقه تسير بأتجاه الباب الرئيسي .. قالت بصوت عال بعض الشيئ
” هيا تحرك ايها الاحمق .. هل تود البقاء هنا بالخارج .. ”
انتبه لنفسه وهرع يركض نحوها بسرعه وهو يناديها
” انتظريني ايتها المشاكسه .. ”
بالطرف الاخر بأحد الغرف حيث يستلقي سعود نائمآ تحت تأثير المخدر .. مكان مليئ برائحة المعقمات .. رائحه تكاد تجعله يختنق .. يقف بطوله الفارع وبجانبه ميرفات وعمر ايظآ .. يحدق بالرجل المستلقي على السرير ووجهه شاحب جدآ .. لقد ضحى سعود بحياته من اجله .. لقد تلقى الرصاصه بدلآ منه .. من كان يتوقع ان سعود صديق والده منذ الطفوله .. لقد كان الامر كله سوء فهم من عمر الذي اعتقد بأن سعود من ضمن المشاركين بتلك الجريمه النكراء .. لمجرد انه رأى سعود مغطى بدماء طوني اعتقد انه هو من قتله .. بينما الحقيقه هي انه اتى لأنقاذه .. احنى رأسه يحدق بالارض لا بد له ان يعيد املاكه اليه فهو قد دمره تمامآ .. عليه ان يعتذر منه بعدما يستيقظ .. عليه ان يطلب منه العفو وبدأ صفحه جديده بيضاء .. سمع عمر يقول له
” سيدي عليك العوده للمنزل .. ”
لم يرفع رأسه عن الارض ولكنه اكتفى بأنه هز رأسه بـ لا .. كبف يرحل ويترك من فداه بروحه لوحده هنا .. عاد يقول مجددآ
” سيدي على الاقل استحم وغير ثيابك .. انظر الى نفسك ان ثيابك مليئه بالدماء حتى وجهك مغطى بالدم .. ارجوك فقط قـ .. ”
اسكته بحركه من يده .. سمعوا طرقات على الباب ليدخل من بعدها مهند بهيئته البسيطه .. توجهت اليه جميع الاعين .. فور ان رأته ميرفات استسلمت للبكاء وهرعت اليه تحتضنه وهي تردد
” مهند حمدآ لله على سلامتك متى عدت !! .. ”
ابتسم لها بحنو وهو يحدق لعينيها قائلآ بلطف
” لقد عدت للتو لأرى عمي سعود .. كيف حاله الان . ”
غطى الالم وجهها وهي تشيح بنظراتها نحو زوجها لتقول بحزن
” قال الطبيب انه بخير .. ”
قالت ذلك بأسى وهي تهز رأسها بالنفي وعيناها تعكسان المآ فضيعآ .. عاودت القول
” يقول انه سيستيقظ بعد فتره قصيره .. ”
اومأ برأسه يجيبها
” حمدآ لله على سلامته خالتي .. ”
ابتسمت بحزن وهي تهز رأسها لتعاود الجلوس بجانب زوجها .. امسكت بيديه وكانت غافله عن النظرات الغريبه التي يتبادلها يوسف مع مهند ..
لسبب ما يشعر بالكره تجاه هذا الرجل الاسمر .. انه يثبر حفيظته .. صوت بداخله يقول له ان هذا الرجل ليس خاليآ .. تفاجأ بأبتسامه من قبل مهند وهو يباشره قائلآ
” لابد انك يوسف رويس !! .. يا سبحان الله انت رجل اسطوره ان جميع الصحف تتكلم عنك وعن نفوذك .. ”
تجاهله ببرود واشاح وجهه بعيدآ ينظر الى سعود ..
شعر بالانزعاج من تصرف هذا الرجل القاسي يا اللهي كيف لتلك الشابه اللطيفه ابنة عمه سارا ان تقع بحب هذا اللعين .. انه كحجر .. تبآ .. قال بمراوغه
” خالتي وانتم ايظآ يجب ان نخرج .. علينا ان ندع عمي يرتاح فوجودنا ليس جيدآ له .. ”
بعد كلام منمق من لسانه الحكيم استطاع ان يخرجهم جميعآ من الغرفه .. ولكنه كان يهيئ لدخول سارا للغرفه ومن حظه الجيد لم يشعر اي احد بهذا .. ربما هذا اعتقاده فهناك قلب من بين الجميع لم يرتاح له .. قلب يشعر ان هناك شيئ مخفي يجب ان يكتشفه ..
فور ان رأتهم يخرجون من الغرفه انسلت من دون شعور منهم للغرفه لتدخل لها .. تريد ان ترى والدها .. دخلت الغرفه بهدوء وقلبها يدق بعنف .. تقدمت بهدوء من السرير لترى والدها .. نعم ترى والدها بعد كل هذا الوقت .. مضى شهرين لم تراه .. شهرين وعيناها لم ترتوي من ملامح والدها العزيز .. والدها الذي اراد ان يقتلها .. شعرت بالالم .. الم فضيع يمزق قلبها الى اشلاء .. وضعت يدها على صدرها تستشعر تلك النبضات المضطربه .. تلك النبضات التي لم تعرف الاستقرار منذ شهرين .. منذ شهرين تعاني من الالم والحزن بسبب اغلى البشر على قلبها .. نظرت الى والدها لتنساب دموعها على وجنتيها بألم لم تكن تتخيل انها ستراه بهذه الحاله .. والدها القوي الجبار يعاني الان .. اقتربت منه اكثر لتمسك بيديه وتقبلهما بشغف .. قبلت جبهته وخده ومررت اصابعها الطويله على ملامحه لتهتف بأختناق
” ابي .. ابي .. من فعل بك هذا .. قطع الله يديه من تجرأ عليك .. ”
اسندت رأسها على صدره تنتحب عليه تتوسله ان يستيقظ .. فجأه شعرت بحركه خفيفه تصدر من جسد والدها .. ابتعدت بسرعه تحدق به لقد كان يحرك اصابعه ببطئ لم تمض سوى ثوان قليله ليفتح عينيه بهدوء وبطئ شديد ووجهه يعكس الم بسيط يشعر به .. نهضت بسرعه ووقفت بعيدآ .. خفقات قلبها تسارعت .. لا يمكن ان تسمح له برؤيتها لو حدث ذلك فسيحدث ما لا يحمد عقباه ..ربما ستسوء حالته لو رأها .. هذا كان بأعتقادها .. تحركت لتخرج ولكن فاجأها صوته الضعيف يقول
” ابنتي سارا .. ”
بقيت واقفه مكانها تولي ضهرها له ولم تصدر اي حركه بل بقيت متجمده مكانها .. آه كم تشعر بالحنين لحضنه كم تود ان يغمرها بحنانه ويبثها الطمأنينه والراحه التي تحتاجهما .. عاد يهمس بأسمها مره ثانيه وثالثه ورابعه ولكن جسدها ابى ان يتحرك ويلتفت له وعقلها حذرها من ذلك .. عقلها يأمرها ان تخرج فورآ اما قلبها فيقول لها ان تستدير وتنهل من حنان والدها القليل .. صراع داخلي ينشب بأعماقها ولكنها قطعت ذيله وتحركت خارجه من الغرفه بثبات غير ابهه بذلك النداء الذي يكرره والدها كل حين ..
خرجت بهدوء وبحذر شديد كي لا يحس بها احد فقد كانوا بعيدين مسافه لا بأس بها .. لاحظت وجود حارس يوسف هل يعقل ان يوسف هنا !! .. ولكن مالذي يفعله مع والدتها هنا اليس هو ووالدها اعداء وكان يريد الانتقام منه لسبب ما !! ..خفق قلبها بقوه وكم تمنت ان تراه ولو لثوان .. لم تفكر بالامر كثيرآ بل خرجت بسرعه وقطعت ممرات المشفى شامخة الرأس لتغادر المشفى بأكمله .. توجهت نحو سيارة الاجره التي بقيت تنتظرها لأن مهند سيبقى مع والدتها كي لا يشك احد بالامر ولا يكتشون انها هنا .. ما ان كادت ركوب السياره حتى فاجأها صوت من الخلف يقول بهدوء غريب على مسامعها
” من انتِ ومالذي كنت تفعلينه بغرفة سعود ؟؟ .. ”
تجمدت مكانها واتسعت عيناها من تحت النظارات الشمسيه .. اهذا صوت يوسف !! .. يوسف .. بقيت ساكنه بمكانها لا تجرؤ على الحركه كيف لا وهي بحضرة السيد رويس ذاك الرجل الذي يجذب الجميع لمداره الخاص .. خفق قلبها بقوه لدى سماعها صوته من جديد يقول ببرود
” الا تسمعين !! .. ”
صدرها يعلو ويهبط بسرعه وقلبها مقبوض وكأنها على حافة الموت .. لا شعوريآ تحركت يديها تنزعان النظارات عنها لتستدير اليه .. الى ذلك الرجل الذي عذبها كثيرآ .. استدارت ورأته يقف بكل شموخ ولكنه كان شاحبآ جدآ ونحيلا اكثر من اللازم يبدو انه يعاني من ضغوطات عمل .. ربما هذا ما تظنه هي !! ..
اتسعت عينيه بدهشه فور ان رأها .. اضطربت نبضاته .. والهواء انحسر من حوله والدنيا بوسعها تضيق عليه .. همس بدون شعور
” سارا !! .. ”
حدق بعينيها الزمردتين .. تلك العينين اللاتي اسرته من اول نظره .. لم يصدق ما يراه حبيبته تقف امامه الان على بعد خطوات قليله .. افتر ثغره بأبتسامه عريضه وتقدم خطوه للأمام لكنه توقف فجأه ما ان رأى انها عادت للخلف خطوه وكأنها تخشى منه .. صعقته حركتها هذه شعر بسكين تغرز بقلبه .. همس بنبره حنونه فضحت اشتياقه
” لا اصدق انني اراك بعد كل هذا الوقت .. لقد عشت جحيمآ بغيابك سارا .. انا .. ”
توقف عن الكلام مدهوشآ منها وهي تتراجع خطوه تتبعها خطوه للخلف وكأنه سيؤذيها .. قالت ببرود
” لا تقترب يوسف .. اكره ان تقترب مني .. ”
شحب وجهه من كلماتها ليهمس بعدم استيعاب
” ماذا !! .. ”
صمت لم يكمل بينما هي تستمع له بكل حواسها .. قلبها الخائن يخفق بقوه لا يزال يرغب به ويريد قربه .. حتى جسدها اللعين تنتابه رعشات خائنه تشتاق له ولقبلاته .. قالت بحده
” لا اريد سماع شيئ .. قال عشت جحيمآ قال .. هل تعتقد انك تستطيع خداعي من جديد .. لا والف لا يوسف انا لم اعد سارا التي تعرفها .. ”
كانت ترى الصدمه بوضوح على وجهه وهو الذي لم يكن احد يرى او يحس ما يشعر به .. كادت ان تتكلم ولكنه تفاجأت به يقف امامها مباشرة يحيط خصرها بيديه ويضمها له بقوه بينما يمرغ رأسه بعنقها يستنشق عبيرها الاخاذ .. آه كم مؤلم ذاك البعد الذي حرمهم من بعض ولكن الكرامه اغلى من اي شيئ .. قالت بحقد وهي تحاول دفعه عنها
” ابتعد عني .. الا تخجل من نفسك .. ”
استطاعت ان تبعده عنها بصعوبه لتتنفس بقوه بيتما يقف هو بشموخ الجبال لم يتأثر بحركتها البغيضه .. قال بهدوء
” ما بك لما تتصرفين بحماقه !! .. ”
استفزها بكلامه هل هي حمقاء كما يصفها اجابته بغضب
” انت هو الاحمق يوسف .. ماذا تريد ان اهرع لأحظانك مجرد انك عدت ترغب بي .. ”
ضحكت بسخريه لاذعه لتستطرد
” كلا يوسف كلا .. انا لم اعد تلك الشابه العاهره التي تعرفها .. انا سارا لم يسبق لك ان رأيتها من قبل ”
صرخ بها بحده
” لا تقولي عن نفسك كلامآ تافهآ .. كلانا يعرف انك لم تسمحي لرجل غيري بالاقتراب منك .. ”
رفعت حاجبيها تمثل الدهشه وضحكه ساخره تدوي بالمكان .. حدجته بنظره ثاقبه
” احقآ هل تعلم بأني لست تلك التافهه التي كنت تنعتها بأبشع الصفات .. ياللروعه ”
زفر بقوه بينما اصابعه تتلمس وجهها الناعم بكل حب ربما لا يود الاعتراف لها بذلك .. يريد ان يبقى هذا سره .. قال بلطف
” لا تكوني غبيه كلانا يعلم انك تعشقينني .. ”
هزت رأسها ايجابآ وجسدها يكاد يخونها ويرتمي بين ذراعيه
” نعم اعشقك .. ولكن هذا كان ماضيآ لعينآ وقد اندثر .. ”
تقدم منها اكثر ولا تفصل بينهما سوى بضع انشات همس بمكر
” ولكن اي ماضي تتكلمين عنه وعيناك تبوحان بالكثير ” ابتعدت عنه حتى اصطدم جسدها بالسياره وابتلعت ريقها تجيبه
” نعم احبك .. احبك بشده لكن لن اعود لك ولو بعد الف سنه .. ”
ابتسم بأغراء ويداه تتحسسان شفتيها برقه فائضه .. لم يبالي بكونه يقف بالشارع والناس قد تراهم لأنه كان بعالم اخر
” سارا .. الحبيب لا يستطيع الابتعاد لفتره طويله .. ”
كلامه .. رائحته .. جاذبيته .. وسامته .. لباقته .. كل شيئ فيه يجذبها بشده ولكن .. هناك شيئ يأبى ان تعود له شيئ يسمى كرامه مهانه وكبرياء مجروح .. وقد ازداد الجرح حينما قال انه يعلم بأنها بريئه .. اذن لما رفضها ذلك اليوم ان كان يريدها .. صوتين داخلها احدهم يصرخ كاذب لا تصدقيه والاخر يصرخ صادق ارتمي بحظنه واروي ضمأك منه .. فضلت ان تستمع للصوت الاول وضعت يديها على صدره تقول بألم
” صدقني لن اسامحك ولو فرشت لي الارض زهورآ .. ما مضى قد مضى ولن يعود ابدآ لذلك اتركني وشأني اريد ان ابقى بعيده عنك .. انا لا اريدك .. ”
تراجع للخلف وكأنه مسآ كهربائيآ اصابه لقد عبرت بصريح العباره انها لا تريده .. سارا المرأه التي لم تكبح يومآ جماح رغبتها به تعترف انها تحبه ولن تسامحه .. استدارت لتستقل السياره قائله
” اتمنى ان تعثر على امرأه تحبك بقدر ان تكون مستعده للعفو عنك مهما اخطأت .. اما انا فلا غفران لدي .. ”
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
(( نهاية الفصل التاسع عشر جزء 2 )) ..