“كبير العيلة”بقلم احكي ياشهرزاد

بواسطة: كُتاب بيت العز - آخر تحديث: 20 أغسطس 2024
“كبير العيلة”بقلم احكي ياشهرزاد



كبير العيلة – 2 – بقلمي/ منى لطفي
طرقت ألفت باب حجرة ابنتيها قبل ان تدخل لتشاهد ابنتها الكبرى وهي جالسة الى مكتب صغير منزو في ركن بالغرفة تقوم بالعمل على حاسوبها الشخصي بينما ابنتها الصغرى ترقد فوق الفراش نائمة على بطنها تتلاعب بقدميها صعودا وهبوطا وهى تتصفح في مجلة من مجلات الازياء والموضة, دخلت وقالت لابنتيها اللتان لم تنتبها لطرقاتها :
– نحن هنا .. كل التخبيط دا وما اخدتوش بالكم ؟
اعتدلت سلافة من فورها في جلستها ورتبت منامتها القطنية المرسوم عليها احدى الشخصيات الكارتونية الشهيرة بينما التفتت سلمى القابعة امام حاسوبها الى امها وابتسمت ثم وقفت وسارت متقدمة منها وهي تقول بابتسامة ناعمه :
– اهلا.. اهلا بست الكل.. معلهش كنت مركزة مع عم جوجل والسيرشيز اللي بيطلعهالي!
قالت ألفت وهى ترفع حاجبها بدهاء ناظرة الى سلافة :
– طيب انتي علشان بتتابعي حاجات متعلقة برسالة الدكتوراة بتاعتك على النت, والست سلافة هي كمان مركزة علشان هتعمل دكتوراة في احدث صيحات الموضة ؟
صاحت سلافة معترضة :
– ماما ! انا كنت بقرا المجلة.. عادي يعني
أجابت امها إمعانا في غيظها وهى على يقين من ان سبب غضب ابنتها ليس سخريتها منها لشرودها بل لأنها نادتها باسمها سلافة بدون اسم التدليل الذي اختارته لنفسها :
– معلهش يا سلافة بس تقولي ايه؟, اصل مامتك مالهاش في موضة اليومين دول.
نهضت سلافة من فورها وقد اضطربت تعابير وجهها واتجهت الى والدتها حيث قبّلت كتفها وقالت بدلال لا يليق الا بها :
– مين قال كدا؟, حد يقدر يقول حاجه عليك انت يا جميل!, هو في فيه شياكتك وجمالك؟, وهو كان ايه اللي وقع قيس بن الملوح في دباديبك انت يا قمر؟
قالت امها موبخة اياها :
– انت هتفضلي لسانك طويل كدا لغاية امتى؟, انا مش قلت لك 100 مرة قبل كدا انت كبرت على الدلع دا؟
علقت سلمى بهدوء وابتسامة رقيقة تزين ملامحها :
– معهلش يا ماما سامحيها .. عيلة وغلطت!!
قالت سلافة بدلال وقد احاطت عنق أمها بذراعيها البضتين :
– مالكيش دعوه, انا الصغيرة آخر العنقود سكر معقود .. اتغاظي وفلفلي يا أبلة الناظرة انت !
زفرت ألفت في ضيق ثم نقلت نظراتها بينهما هما الاثنتين وقالت بهدوء :
– بطلوا دلع ومجادلة بينكم انتم الاتنين .. وياللا اتفضلوا قودامي بابا عاوزكم في موضوع مهم في الليفنج ( غرفة المعيشة )..
تقدمتهما الفت بينما تبدلتا النظرات المتسائلة فيما بينهما, فقد استشعرا حدة خفيفة تلوّن سلوك والدتهما ولكنهما اكتفيا برفع كتفيهما علامة عدم الفهم ولحقا بها حيث ينتظرهما والدهما….
– بصوا حبايبي انا عاوزكم في موضوع مهم …انتو دلوقتي مابئيتوش صغيرين وفيه حاجات لازم تعرفوها!
قالت سلمى مقطبة بين حاجبيها بهدوء حائر:
– حاجات ؟ حاجات زي ايه يا بابا ؟
ابتسم والدها بحنان وأجاب:
– اصبري يا دكتورة… هتعرفي كل حاجه دلوقتي .
ثم تابع حديثه ناظرا لابنتيه الجالستين على المقعدين امامه بينما جلست زوجته بجواره وقال :
– انا عاوزكم تتعرفوا على أهلكم ..أهلي … جدكم وجدتكم وعمكم وعمتكم وولادهم .. عاوزكم تتعرفوا على عيلتنا .. عيلة الخولي ..أكبر عيلة في كفر الخولي !
قالت سلافة مقطبة :
– كفر الخولي؟, عيلتنا؟, كانوا فين من زمان يا بابا ؟, اول مرة اسمع حضرتك تتكلم عنهم !
أجاب والدها ناظرة اليها بتأنيب:
– ما هو انتم لو تبطلوا تقاطعونى.. هتفهموا كل حاجه!
غطت سلافة فمها بيدها وقالت بخفوت :
– سوري بابايا .. اتفضل حضرتك كمل..
تنهد ثم تابع وقد شاب نبرته بعض التردد البسيط :
– انا عارف انه صعب عليكم دلوقتي انى اقولكم انه ليكم عيلة وزي ما قلتلكم عيلة كبيرة أكبر عيلة في كفر الخولي اللي اتسمى الكفر اساسا على اسم جدكم الخولي الكبير, انتم ليكم أهل وناس وعزوة, مش مقطوعين من شجرة بعد الشر ولا حاجة…
قالت سلمى بهدوء كعادتها:
– معلهش يا بابا بعد اذن حضرتك… كل دا كويس, بس ممكن نعرف هما كانوا فين السنين دي كلها؟, ليه ما كانوش بيزورونا ولا بنزورهم؟, ليه حضرتك ماجيبتش سيرتهم غير دلوقتي ؟
تنهد رؤوف عميقا وأجاب:
– بصوا حبايبي.. في ظروف حصلت خلت من الصعب انى اكون على تواصل معهم .. انا زمان ماحاكيتش حاجه لكم علشان كنتم صغيرين, لكن دلوقتي لازم تعرفوا كل حاجه.. خصوصا قبل ما نروح هناك والموضوع يتحكي لكم بطريقة تانية!!
أرهفت سلمى وسلافة آذانهما في حين تابع والدهما قائلا :
– احنا عندنا في الصعيد البنت بتكون لابن عمها وبتتقري فاتحتهم من وهي لسه في اللفة .. انا عارف انكم هتقولو ان دا كان زمان بس هقولكم العائلات الكبيرة بتكون أحرص الناس على التمسك بالعادات والتقاليد دي …. وانا واخويا الكبير عثمان طبعا كان معروف احنا هنرتبط بمين لما نكبر, ببنات عمى طه .. اخويا عثمان الكبير ياخد راوية بنته وانا اخد اختها زينب … عثمان ما كملش تعليم ونزل الارض مع ابويا اللي ماسِّكه الشغل كله, انا كانت سكِّتي حاجه تانية .. اخدت الثانوية العامة ودخلت كلية الآداب قسم صحافة في مصر وماكنتش بسافر البلد الا في الاجازات .. وطبعا لما خلصت الكلية لاقيت ابويا بيفاتحني في موضوع ارتباطي بزينب بنت عمي .. انا في الوقت دا كنت طلعت من الاوائل على دفعتي واتعينت معيد في الجامعه واتعرفت على أمكم ألفت !!
حانت منه نظرة حنان الى ألفت زوجه الجالسة بجواره فيما ربتت ألفت على ذراع زوجها والذي تبادل معها نظرة تفيض بمشاعر الحب ثم أكمل قائلا :
– ألفت باباها كان أستاذي وهي كانت طالبة في سنة أولى لما اتعينت معيد في الجامعه … شدتني ليها من اول يوم … وسافرت البلد علشان افاتح ابويا انه يخطبها لي وطبعا اتفاجئت بحكاية بنت عمي وان ابويا كان مستني لما اخلص جامعة علشان يفرح بيا انا وعثمان اخويا في ليلة واحدة.. بس أنا رفضت وخيّرني يا اما اكون ابنه طوعه وما صغِّرش بيه مع عمي طه يا إما أنفذ اللي في دماغي وساعتها ابقى لا ابنه ولا يعرفه, وطبعا انا رفضت!, انا مش بنت يجوزوني زي ما هما عاوزين… واتجوزت أمكم وخلصت الماجستير والدكتوراه, وسافرت إعارة في الخليج وهناك جيتي انتي يا سلمى وبعد 4 سنين جات سلافة, ورجعنا مصر, لما سلمى خدت الثانوية العامة علشان تدخل الكلية هنا, وقتها حاسيت بشوق جامد أووي لأهلي وكلمتهم, أبويا اللي رد عليا وخد عنواني وجه زارني هو وأمي, وماقدرتش أقولكم كنتم ساعتها لسه صغيرين سلمى 18 سنة وانت يا سلافة 14 سنة, ما كانش حُكْمُكُمْ على عيلتي هيبقى صح, كنتو هتبقوا مندفعين ليا ولمامتكم, لكن انتم دلوقتي كبرتوا وتخرجتوا وبتشتغلوا وتقدروا توزنوا الأمور صح.
سكت قليلا ليتأكد من استيعابهم لكلامه ثم واصل:
– عموما نرجع لموضوعنا, انا ماقدرتش انزل البلد… اخويا عثمان مقاطعني من يومها.. بيقول لي انى صغّرت بأبويا, وعمي طه علاقته بأبويا بئيت وحشة بس اللي رضاه انه عرف ان ابويا طردني …احنا رجعنا من 10 سنين ماشوفتش فيها ابويا إلا 3 مرات بس وسرقة, لكن انتم دلوقتي كبرتم ولكم حق على العيلة دي …. انتم لكم أهل لازم تتعرفوا عليهم, علشان كدا أنا عاوز كل واحده فيكم تقدم على أجازة من شغلها علشان أنا قررت إننا نسافر كفر الخولي في اقرب وقت..
علّقت سلمى بدهشة:
– أيوة يا بابا, بس حضرتك عارف طبيعة شغلي مش هقدر آخد اجازة طويلة… دا غير الرسالة بتاعتي..
قال والدها بهدوء:
– سلمى حبيبتي… السفرية دي ضروري نقوم بيها, وبعدين يا ستّي العربية موجودة.. وقت ما تحتاجي تنزلي مصر مافيش مشكلة …
تدخلت سلافة في الحديث قائلة:
– بص يا بابايا.. انت عارف انى مقدرش ارفض لك طلب, من بكرة هقدم على أجازة, وأنا عموما عندي رصيد أجازات يسمح إنى آخد أجازة كويسة .
قال الأب مبتسما:
– يبقى كدا تمام …. رتبوا نفسكم في خلال يومين هنكون مسافرين ان شاءالله..
هتفت سلمى متسائلة:
– هتقول لجدي يا بابا؟
أظلمت عينا والدها بنظرة غموض وأجاب:
– أكيد لازم أقوله, جدكم هو اللي في إيده كل حاجه ..
ثم نهض قائلا : ها اقولكم تصبحوا على خير بأه ..

نهضت ألفت وقد ألقت بتحية المساء على ابنتيها وخرجت برفقة زوجها متجهان الى غرفتهما بينما تبادل كلا من سلمى وسلافة نظرات الاستفهام والتساؤل !!

  • حمدلله ع السلامة يا عتمان يا ولدي.
    قبل عثمان يد أبوه وأمه وقال وهو يجلس بجوارهما بينما قبلت راوية بدورها يد حماها وحماتها :
  • الله يسلمك يا بووي …اتوحشتكم جوي والرحلة كانت ناجصاكم والله انت وأمي.
    قالت أمه ببشاشة:
  • ان شاء الله المرة الجاية نكون صحبة عند النبي عليه الصلاة والسلام.
    ثم التفتت الى راوية زوجة ولدها وتابعت بإبتسامتها الحنون: –
  • كيفك يا أم غيث؟
    أجابت راوية بابتسامة صغيرة :
  • الحمدلله يا مرات عمي, الواحد ماكانِش عاوز يفوت الحرم واصل ويرجع, الود ودنا كنا نجعد إهناك على جد ما ربنا يجدرنا, لكن ماعينفعش, الحملة اللي طلعنا تبعها لها وجت مخصوص .
    قال الحاج عبد الحميد بابتسامة :
  • ان شاء الله تسافري في رمضان اللي جاي متل كل سنة.
    قال غيث مستفهما :
  • اومال وينه شهاب يا جدي ؟
    زفر الجد بغيظ وضرب بعصاه العاجية الارض وأجاب بحنق ونظراته يعتليها الضيق:
  • خووك خرج مع عزت ولد أبو سويلم زي كل ليلة.. وجال مش هيعوَّج… ساعة زمن وياجي وبجالو فوج عن ساعتين زمن !!
    هتفت راوية بقلق:
  • هو لساتو مصاحب ولد أبو سويلم ؟
    فيما جحظت عينا عثمان غضبا وكتم انفعاله بصعوبة احتراما لجلوس والده وقال بغضب مكتوم:
  • ولا يهمك يا حاج, ما تشيليش هم, أني لما أشوفه ليَّا معاه كلام كتير جووي, شهاب ماعادش إصغير, وماهواش جاعد إلحاله عشان يتصرف على مزاجه… لاه … فيه حاجه اسمها الكبير.. والكبير كلمته لازمن تُحترم وتمشي على الكبير جبل الصغير..
    دلف شهاب بمرح وهو يلقي السلام وقال بينما يتجه ليقبل يد والديْه وجديْه :
  • ألف حمدلله ع السلامة يا حاج انت وامي..
    قال ابوه بعد ان جلس بجواره شهاب وهو يتطلع الى ولده بجدية وصرامة:
  • شهاب.. إوعاك تكون فاهم اكمنك درست وجعدت في البندر سنين دراستك انك خلاص… تجلع توبك وتلبس توب البنادر!, أنا كم مرة منبه عليك عزت ابوسويلم لع؟, لكن انت اللي في راسك لازمن تعمله …. راسك يابس كيف الصخر.. وأنا مش هعيد كلامي تاني يا شهاب .. وانت ما انتاشِ إصغير عشان أجولك تصاحب مين وتسيب مين .. عزت صاحبك ماجولناش حاجه.. بس مش لدرجة كل ليلة سهر إمعاه .. انت عارف اللي حُصل منِّيه كويس والحديت ديه مش عاوز أجوله تاني كنِّهُ جصِّة أبو زيد, صاحبك ديه خف عنِّيه شوية… مفهوم يا باشمهندز؟
    أومأ شهاب برأسه الى أعلى وأسفل وأجاب وهو يكتم غضبه وغيظه بصعوبة :
  • ماشي يا حاج, اللي تؤمر بيه… عن إذنكم وحمد لله على السلامة مرة تانية …
    ونهض مستئذنا في الانصراف مغادرا الى غرفته بينما قالت الجدة :
  • معلهش يا عتمان يا ولدي, شهاب لساتو شاب وانت خابر طيش الشباب زين, بس أني متأكده انه مش هيعمل حاجه غلط واصل ,
    قال عثمان زافرا بضيق :
  • ان شاء الله يا ام عتمان ان شاء الله …
    قال الجد ناظرا الى عثمان بجدية :
  • عتمان يا ولدي بعد ما اتغير خلجاتك وتريح اشويْ عاوزك تلافيني لداري, في موضوع إكده عاوز أجولك عليه…
    نظر عثمان الى ابيه وقال بلهفة وقلق:
  • خير يا حاج ؟
    أجاب الجد ونظرات الغموض تكتنف مقلتيه :
  • خير يا ولدي, ان شاء الله خير …
  • انت بتجول ايه يا أبوي.. خوي رؤوف هياجي أهنه ؟
    هتف عثمان بعبارته بتساؤل ودهشة وعدم تصديق, فيما أومأ الجد بالايجاب وأجاب متنهدا بعمق:
  • أيوة يا ولدي .. خوك هياجي…كلها ييمين.. تلاته.. وتلاجيه إهنه.. وسط أهله وناسه, لازمن الطير المهاجر يعاود لعشه من تاني يا عتمان يا ولدي.
    قال عثمان وهو لا يدري أيفرح لعودة شقيقه الصغير الغائب منذ ما يقرب الثلاثين عاما… أم يغضب لابتعاده عنهم طوال هذه السنوات دون أي محاولة منه للتواصل معه على أق تقدير شقيقه الأكبر؟!, ولكن الإنطباع الذي غلب عليه هو الحيرة!, نعم.. لِما الآن؟, ما الذي حدث وجعله يقرر العودة الى أهله وبلدته؟, فهو منذ أن غادرهم بعد ان حصل على ليسانس الآداب وقرر ان يقترن بمن اختارها رغما عن رأي والده بل ورأي كبار العائلة وهو لم يسمع منه او عنه شيئا… وان كان يشك ان والده يعرف عنه ولكنه لا يصرّح بهذا…
    التفت الى والده وقال :
  • وانت عرفت من وين يا حاج ؟
    نظر الجد اليه وقال بصرامة :
  • انت عارف انى ما انجطعتش عن ولدي يا عتمان … رؤوف خوك كان بيكلمني ويتحدت إمعايْ ويطمني عن أخباره أول بأول, ولو عليه كان رجع لنا من زمان… بس كان عامل حساب عمك طه وزعله منِّيه… ولمان عرف بمرض عمك جبل ما يموت زاره في المشتشفى واستسمح منه وحبْ على راسه… انا كنت يومها إهناك… وهو اللي طلب مني انه يزوره وسمحت له, وعمك طه سامحه, وكان نفسه يرجع تاني لهله وناسه, بس ولد عمك عدنان ربنا يهديه كان رافض انه يشوفه… بيجول خلا سيرتنا على لسان اهل البلد كلاتهم, الكل كان مستغرب وِلْد عمها فاتها ليه.. وكلام الناس كتير… حتى لو عاوز يتجوز من مصر.. الشرع حلل له أربعة.. يُبجى فاتها ليه جبل الجواز بحاجة بسيطة؟, وحلف ما عاد له ولد عم اسمه رؤوف ولو شافه هيدفنه مكانه!, وانت خابر عدنان ولد عمك ماعيتفاهمش واللي براسه ما في مخلوج يجدر يخرّجه منِّيه!!
    قال عثمان مشفق على حال ابن عمه:
  • ما هو رؤوف محجوج يا حاج .. كلاتنا غلطناه.. وانا بنفسي نصحته وجولت له لو عاوز يتجوز من مصر ماشي بس ما يصغرش بيك ولا بعمه وبت عمه, جعد يجولي كلام كبير زي انا لو اتجوزتها هظلمها وانا ماعينفعش اكون منافج واخبي على مرتي اللي في مصر, وانه زينب من حجها تتجوز راجل يكون رايدها هيا مش عشان كلام الناس, وركب راسه وعمل اللي في دماغه هو وبس … بس عموما الكلام ديه من زمن وعدنان ماعادشِ الشاب الصّغيّر اللي بيتحِمِجْ على أجلّها حاجه, هو كبير عيلته دِلْوَكْ بعد عمي طه الله يرحمه ما اتوفى, وانا متأكد انه سامح رؤوف, وخلاص زينب اتجوزت راجل زين وبيحترمها ومن عيلة كبيرة … رياض طول عمره محترم إمعانا وبيكبر بينا, وربنا بيحب عمي وبت عمي انه عوضهم بواحد زييه…
    قال الجد منهيا الحوار :
  • جُصر الكلام … خوك هيوصل في ظرف ييمين تلاته بالكَتير, ومش عاوز حد يفتّح في كلام فات.. خلاص اللي فات مات واحنا ولاد انّهاردِه, ولازمن تاخد خوك وولاده في حضنك وتحت جناحك, انت دلوَكْ عمهم الكبير وهما بنات مالهومش بعد ربنا سبحانه وتعالى الا ابوهم واحنا !!
    ارتسمت بسمة حانية على شفاه عثمان وقال :
  • هو رؤوف عنديه بنات ؟
    أجاب الجد بإبتسامة هادئة:
  • إيوة عنديه بتتين !
    قطب عثمان وقال :
  • مافيش إولاد ؟
    هز الجد برأسه نافيا :
  • لع… مافيشي ولاد… بتتين واحده دَكتورة والتانية مش عارف بتشتغل في شركة اجنبية ومخلصة حاجه اكده خووك بيجول انها شهادة عالية جووي, لكن انا ماهيمنيش همّا بيشتغلوا ايه, بناتنا مش بيشتغلوا حدا حد.. اللي يهمني انهم يتعلّموا سلوْ بلدنا وعوايدنا وتجاليدنا, ويعيشوا معانا إهنه, خلاص كفاياه خوك سفر وغربة وشحططة!!
    قال عثمان ساخرا :
  • وبت البندر مرته هترضى تعيش حدانا في الكفر؟, واكيد بناتها طالعين لها …. هيسيبو البندر وياجو يعيشو إهنه؟
    أجاب الجد بحزم:
  • الحريم مالهومِش شور .. الراي في الاول والاخير راي راجلها وهي اتنفذ وبس!, واذا كان خوك جعدته في البندر نسيته عوايدنا احنا هنفكرو بيها ..اهم شيء انت تكلم عدنان ولد عمك .. هو هياجي الليلة يتحمد لك بالسلامة هو وعايدة اختك مراته وهتاجي سلسبيل بتِّك معهم, زوجها مسافر كم يوم اسكَندرية عشان شغل, واستأذنته انها تاجي مع ابوه وامه تسلم عليكم وهو وافق…
    هز عثمان برأسه راضيا وقال :
  • راضي طول عمره طيب ومش بيرضى يزعل سلسبيل واصل, عكس خووه ليث.. نار جايده طول الوجت اسم على مسمى صوح ليث وهو كيف الليث في غضبه وعصبيته!, هو وراضي خوه تمام كيف ولدي شهاب وخوه, اللي يشوفه ماهيصدجش انه وغيث توم حتى مش شبه بعض ..عموما اطمن يا … رؤوف خوي هيرجع بلده وبيته واهله بالسلامة وبناته بناتنا ومرته هنشيلها فووج روسنا كرامة له, لكن هي برضيك لازم تراعي الاصول معانا .
    هز الجد برأسه مبتسما وقال :
  • اني شوفتها نوبتين تلاته إكده, وعاوز اطمنك إنها كانت في منتهى الاحترام معاي انا وامك ..عموما انا متأكد انها هتراعي جوزها وهتعرف تعيش وسطينا … طمنت جلبي يا عتمان يا ولدي ربنا يطمن جلبك…
    نهض عثمان ومال على والده مقبلا كتفه وقال :
  • طب عن اذنك أني يا حاج, هروح أريح شوي… وماتشيلش هم حاجه واصل, ولادك كيف ما ربيتهم… مش احنا اللي نرفض ولدنا ونطلعه من وسطينا, الزمن فات يا حاج والكل شاف حاله وعيال البارحة بجوا رجالة انهاردِه وولادنا بيتزوجوا, وعمي الله يرحمه مات وهو مسامحه وعدنان أنا خابره زين, جلبه كيف الجُطن الابيض, رؤف خويْ هياجي يلاجي بيتنا ودراعتنا وجلوبنا مفتوحا له هو ومرته وبناته!
    ابتسم الجد وعقّب:
  • الله يرضى عنيك يا ولدي.. روح يا ولدي دارك ريح جتتك شويْ ربنا يبارك فيك وفي عيالك, انت كبير عيلة الخولي من بعدي, اني إكده اطمنت ع العيلة من بعديْ…
    انصرف عثمان وهو يدعو لوالده بطول العمر تاركا والده والابتسامة تزين ملامحه …….
    ================================
    صعدوا الى سيارتهم العائلية والتي تقودها سلمى – فوالدها ممنوع بأمر الاطباء من القيادة نظرا لحالة قلبه – وقد جلس والدها بجوارها بينما والدتها وشقيقتها تجلسان في الخلف وقال ابوها بابتسامة :
  • ياللا يا سلمى يا حبيبتي رجّعينا بلدنا.. اشتقت لريحتها ولناسها ولزرعها وسماها .
    ابتسمت سلمى في حنان وهزت برأسها إيجابا ثم أدارت المحرك وانطلقت في حين نظر رؤوف الى السماء وقال :
  • يارب انا استخرتك في الخطوة دي …. اجعل اللي جاي سهل واحفظ لي بناتى ومراتي …..
    وبدأت رحلة العودة …. ترى هل سيندم رؤوف على عودته وما مصير بناته ؟؟؟
  • يتبع –




85776 مشاهدة