“كبير العيلة”بقلم احكي ياشهرزاد

بواسطة: كُتاب بيت العز - آخر تحديث: 20 أغسطس 2024
“كبير العيلة”بقلم احكي ياشهرزاد



كبير العيلة
الحلقة (28)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
استعدت عائلة رؤوف للعودة الى القاهرة لاستكمال تجهيز العروستيْن، لن تنسى سلمى رسالة شهاب التي أرسلها على هاتفها المحمول وذلك بعد أن لازمت غرفتها إثر انتهاء حديث الجد معهم بشأن الفرح، فقد آثرت الابتعاد عن شهاب وهي تعلم تماما أنه سيصب جام غضبه عليها لأنها كان قد سبق لها وأن صارحته برغبتها في العودة الى القاهرة وهو رفض وبشدة، لتحين لها الفرصة ما أن حدد الجد موعد الفرح وبموافقة ومباركة الجد نفسه كانت العودة للقاهرة!…، فتحت الرسالة لتقرأ كلماته وهي تتخيل منظره العابس وهو يكتبها:
– عملت اللي في دماغك بردو يا دكتورة؟.. ماشي.. هتروحي مني فين؟.. الحساب يجمع يا عروستي… وخلِّي بالك أنا مش بسيب حقي أبدا!!…
لتبتسم وتضع الهاتف جانبا دون أن تكلف خاطرها إرسال الرد وعلى الجهة الأخرى علم شهاب حينما مر وقتا طويل بعد ارساله لرسالته ولم يتلق أي رد أنها قد امتنعت عن الجواب، فابتسم ابتسامة خبيثة وهو يقسم بوعيد أن غدا لناظره قريب!..
في حين كانت سلافة ملازمة لجدها طوال اليوم فلم يستطع غيث الانفراد بها، وكأن الجد قد فهم أنها تتعمد الهروب منه فأسند إليه بعض الاعمال التي تشغله طيلة اليوم فلم يستطع الحديث اليها، ليهاتفها ليلا وكانت قد استعدت للخلود الى النوم حينما دق هاتفها الشخصي ليطالعها اسم غيث، ابتسمت وهي تجيبه فيما صوتها كان خالطه خدر النعاس:
– أيوة يا غيث…، كان غيث قد انتوى التحدث اليها بفظاظة ما ان يسمع صوتها ولكن هذا الصوت الانثوي الناعس الذي أجابه جعل نواياه تطير أدراج الرياح، ليبتلع ريقه بصعوبة وهو يقول:
– أني صحِّييتك؟…، نفت بصوت ناعس:
– لا بس كنت خلاص هدخل في النوم..
نطق غيث بسخرية طفيفة:
– اييه، كنت فاكرك مش عيجيلك نوم الليلاديْ بعد ما جدي وافج على سفركم إلـ مصر؟..
تعلم سلافة تماما أن هذا الأمر ليس على هوى غيث، ولحبها الدائم لاغاظته واخراجه عن طوره فبهذه الطريقة تشعر أنه انسان حقيقي يتفاعل مع من حوله وليس ذلك الانسان البارد الذي قتلها بروده في أول اقامتها هنا، فأجابت وهي تتمطى في الفراش بدلال فيما صوتها يشوبه مكر أنثوي لم يفطن إليه غيث:
– طبعا يا ابن عمي، مصر وحشتني اوي وبيتنا واصحابي، وبعدين السفر ان شاء الله هيكون بكرة الصبح فلازم أنام بدري عشان أصحى فايقة..
هتف غيث في ذهول وهو ينظر أمامه محدقا بقوة:
– باه، لا هو انتوم هتسافروا الصبح اكده على طول؟..
كان النوم قد بدأ يداعب جفون سلافة فلم تنتبه لنبرة غيث الغاضبة وأجابت بصوت تائه صغير:
– أومال على عرض يا غيث؟.. يدوب عشان نلحق نجهز نفسنا ونعزم الناس.
قطب غيث قائلا بصرامة:
– سلافة.. اتكلمي زين، معينفعش تتمسخري على جوزك يا بت عمي، أجولك طول تجوليلي عرض!… ديه اللي ناجص، جوصره… هو سَبووع واحد بس، تخلِّصوا فيه حاجاتكم ودانتكم راجعين طوالي، ولا أجولك.. أني هاجي لكم عشان ترجعوا أحسن.. سلافة.. ألو… سلافة…
ولكن سلافة لم تجيب فقد كانت في تلك اللحظة تأكل أرز مع الملائكة كما يقولون وقد غلبها النوم!… ابتسم غيث بشرود بعد أن تناهى إليه صوت همهمات بسيطة علم منها أن سلافة قد نامت، فهمس بصوت خشن:
– نوم العوافي يا بت عمي، تصبحي على خير..
وأنهى المكالمة مغلقا الهاتف..
ودّع رؤوف وأسرته أفراد عائلته، وشدد الجد عليه أن يكون هنا بعد سبعة أيام تماما حيث سيبدأ الاحتفال بفرح أحفاد عبد الحميد الخولي كبير كفر الخولي، وستمتد الاحتفالات الى سبعة أيام أخر وسبعة ليالي….
بعد أن سلّم شهاب على عمه وزوجته اقترب من سلمى ووقف أمامها قائلا بسخرية:
– خلي بالك من نفسك، جدي قال اسبوع بالظبط وتكونوا هنا، وصدقيني اسبوع وخمس دقايق مش مسموح، أظن واضح؟..
أومأت سلمى بالايجاب قائلة بهدوء:
– ما تقلقش، بابا طالما أدى كلمة لجدي يبقى خلاص.. أشوف وشك بخير..
ومدت يدها للسلام عليه، ليقبض على راحتها الصغيرة في يده الخشنة ويقربها اليه ليغرق في غابات الزيتون الخاصة بها ويهمس بحشرجة:
– أشوفك بخير، ليميل عليها بغتة مختلسا قبلة من وجنتها الناعمة جعلتها تشهق بنعومة وترتد الى الخلف فيما تتجول بعينيها في وجل خوفا وخجلا من أن يكون أيّ من الواقفين قد لاحظ فعلته المتهورة!.. لتتنفس الصعداء فالجميع مشغول بتوديع أسرتها الصغيرة…، سحبت يدها من يده وهي تشيح بوجهها الذي تخضب بخجل متجهة الى والدها، فيما صافح غيث عمه ثم أمسك بمرفق سلافة وهو يقول لعمه بابتسامة:
– معلهش يا عمي، عجول كلمتين لبت عمي..
ثم سار بها قليلا حتى يبتعد أن أسماع الباقين ووقف أمامها يطالعها فيما شتت نظراتها هنا وهناك وهي تنتظر أن يبدأ هو بالحديث، وعندما لاحظت أن صمته قد طال بادرته قائلة ببراءة مصطنعة:
– أنا طبعا عارفة أن الجو حلو والسكون ما فيش أحسن منه، لكن المشكلة أنه ورانا سفر، فلو ممكن تنجز في السريع يبقى كويس، أو أمشي أنا وخليك أنت اتملّا من السكون دا براحتك!..
تحدث غيث أخيرا ببرود قائلا:
– يعني ما عارفاشي أني عاوز أجول إيه؟..
هزت كتفيها علامة الجهل وهي تجيبه ببساطة:
– وأنا هعرف منين؟….، زفر بضيق وأجاب وهو يحاول تمالك نفسه:
– ليه ماجولتليش من البارحة انكو عتسافروا انّهاردِه؟.. أني اعرفت بالصدفة لمن حادتك في الليل وحضرتك كنت نايمة.
سلافة بطبيعية:
– عادي يا غيث، طالما جدي وافق على المبدأ نتأخر ليه؟.. وبعدين هو أنا شوفتك امبارح انت طول الوقت كنت مشغول..
غيث بصوت مكتوم:
– والتَّلفون عِملوه ليه؟..
سلافة وهي تتظاهر بالتفكير في الجواب واضعة سبابتها فوق ذقنها تربت عليه مقلدة لهجته الصعيدية:
– اممم.. عِملوه ليه؟.. بصراحة.. ما اعرفشي يا وِد عمي، عبجى أفكّر في جواب السؤال ديه بعدين، أفوتك أنا دلوك عشان اتعوجت إكده…
وهمت بالانصراف من أمامه حينما شدتها قبضة قوية خلف أجمة فنظرت اليه متسائلة بدهشة:
– أيه يا غيثـ….، ليسكتها بقبلة نارية قصيرة، تركها بعدها وهو يلهث هامسا:
– تصبيرة لغاية الفرح…
احمرت وجنتيها وأسرعت للحاق بعائلتها حيث صعدت الى سيارة العائلة التي قادتها سلمى وسط نظرات الاعتراض من شهاب الذي عرض على عمه أن يقوم بإيصالهم ولكن عمه رفض شاكرا معللا أنهم سيكونون في حاجة الى السيارة لقضاء مصالحهم، كما أن سلمى سائقة ماهرة!… ، ليقف الآن ينظر الى الغبار الذي تركته سيارتهم خلفها مقطبا جبينه وهو يشعر ولأول مرة بطعم الشوق لحبيب غائب!..
****************************************
انتهت ألفت وبناتها من تنظيف المنزل بمساعدة زوجة الحارس، ثم قام رؤوف بطلب غذاء لهم من المطعم عن طريق خدمة التوصيل، بعد أن اغتسلوا جميعا كانت ألفت في غرفتها هي ورؤوف عندما تكلمت لأول مرة في هذا الأمر الذي يؤرقها وبقوة!..
– انا قلقانة بجد على البنات يا رؤوف، مرات أخوك ربنا يهديها مش سهلة..
رؤوف والذي كان يحتسي كوب الشاي:
– ولا يهمك يا ألفت، شهاب وغيث رجالة بجد، وشاريين البنات، وهي زي ما أنتي شوفتي من نظرات الحاج ولحاجة ليها عارفين يلجموها تمام..
ألفت بقلق:
– انت عارف أكتر حاجة مخوفاني إيه؟.. سلافة!.. سلمى عاقلة وهادية ما شاء الله عليها انما سلافة مطيورة..
رؤوف بهدوء:
– لكن غيث عاقل وراكز، ما تخافيش غيث هيعرف يتعامل مع الاتنين ازاي، وبعدين انتى مش بتقولي انها جات سلمت عليكي الصبح قبل ما نمشي؟..
زفرت ألفت بيأس قائلة:
– جات وهي مغصوبة يا رؤوف!.. الحاجة فاطمة تقريبا كانت شبه بتجرّها غصب عنها عشان تيجي تقولي كلمتين اتنين وهي بتنطقهم كانت زي اللي بيسحبوا منه الكلمة بالعافية.. تروحوا وترجعوا بالسلامة، وأنا متأكده انها من جواها كانت بتتمنى انها ما تشوفش وشّنا تاني..
انتقل قلق ألفت الى رؤوف الذي حاول بث الاطمئنان الى زوجته داعيا الله بحفظ بنتيْه:
– ما تشغليش بالك يا ألفت، احنا طيبين وبناتنا طيبين عشان كدا ربك مش هيسيبهم، أخويا عثمان راجل وربّى رجالة بصحيح، أنا مش هطمن على البنات الا مع ولاد أخويا…
لتنهد ألفت بعمق هامسة:
– ربنا قادر يخلف ظني…
مرت الأيام سريعا، لم يكف هاتف كلا من سلمى وسلافة عن الرنين، كان شهاب وغيث وكأنهما قد اتفقا على صنع حصار شديد لهما، قابلته سلمى بهدوئها وبرودها المعهود أما سلافة فكان تشعر بالحنق من حصار غيث لها والذي أطبقه أكثر وأكثر حولها حين هاتفها وكانت في عملها السابق تدعو زميلاتها الى حضور الفرح ليشاء حظها العاثر أن يخاطبها زميل لها بصوت عال وصل إلى أسماع غيث وهو يقول:
– سولي.. احنا طبعا كمان معزومين، الفرح للصنفين مش كدا؟..
لم تنتبه سلافة الى اصمت غيث الغريب على الجهة المقابلة من الهاتف وأجابت زميلها بتلقائية مرحة:
– أكيد يا سامي، انتو كلكم تشرفوا…
ليهتف سامي بمرح:
– ما أوصكيش على اللحمة.. عاوز هوبر لحمة هوبر!..
لتضحك سلافة قائلة:
– يا سلام، وما أكتر اللحمة عند الحاج عبد الحميد، أوزي بحاله ليك يا كابتن…
ليلوح اليها ساني بيده منصرفا فتنتبه الى الهاتف بيده لتعيده إلى أذنها قائلة ولا يزال الضحك يلون صوتها:
– أيوة يا غيث…، ولكن ما من مجيب عليها، فقطبت قليلا لتنتبه الى صوت أنفاس متسارعة في الطرف اآخر فقالت بريبة:
– ألو.. غيث؟!!..
لينطق غيث بجمود:
– مين اللي كان عم يتحدتت امعاكي دِه؟..
سلافة بتلقائية:
– أبدا.. دا سامي زميلنا هنا..
غيث ببرود يخفي غضبا ناريا على وشك أن يندلع:
– وانتي بتتحددتي امعاه بكل بساطة إكده؟…
سلافة وقد بدأت تشعر أن غيث ليس في حالته الطبيعية:
– عادي يا غيث، دا زميلي هنا من سنتين، وبعدين أدِّي في السن مش هقوله سيادتك وحضرتك، احنا هنا كلنا كدا، ما فيش ألقاب غير لرئيس القسم أو المدير بس!..
هتف غيث بشراسة من بين أسنانه:
– طب أسمعي بجاه عشان تعملي احسابك.. لو اللي إسميه سامي ديه هوّب إهنه أني بنفسي اللي عطبخُّه ووكّله للضيوف، جولتي إيه؟.. لاه وما هواش إلواحده… أي زميل ليكي ممنوع يجرّب منّيك ولا تتحدتي امعاه ولو وزّه عجله واتدلّى برجليه إهنه يبجى حفر جبره ابيده، فاهمه يا بت عمي!..
وأسرع بانهاء المكالمة لتطالع سلافة الهاتف بيدها هامسة في ذهول:
– غيث اتجنن!..
بينما في الناحية الأخرى كاد غيث يهشم الهاتف في يده وهو يطبق عليه بشدة هاتفا بنقمة:
– عتجننيني يا بت عمي، عجلي بيطير منّي من عمايلك يا سلافة، كيف تسمح له انه يجولها زولي ( لو سلافة سمعتك يا غيث بتقول زولي دي صدقني هتلغي الفرح بلوبيف بلوبيف )
، عمال يتحدت امعاها ويتجلع إكده ما كانيِّهوشي راجل، طبعا مش اسميه سامي!.. هستنى إيه بجاه منِّيه غير إكده!..
ليطبق حصاره حولها فلا تمر ساعة من ليل أو نهار الا ويحادثها لمعرفة خط سيرها!..
————————–———————-
عاد رؤوف وأسرته في الوعد المتفق عليه بعد أن كاد الجميع أن يهلك وهو يجري على قدم وساق لانهاء الاستعدادات اللازمة للزفاف المرتقب، وكانت سلمى وسلافة قد اختارتا أثاث منزلاهما من محل خاص بالأثاث المنزلي كان والدهما دائم التعامل معه، وكان قد شاهدت كل واحدة منزلها منذ البدء قبل عقد القرآن مع رؤوف وألفت…
كان الجميع في استقبالهم بما فيهم راوية والتي لن تنسى أبدا اللهجة شديدة البأس التي خاطبتها بها حماتها حين أجبرتها على الذهاب لتوديع ألفت إذ قالت لها بوعيد أنه من الأسلم لها أن تكف لسانها السليط عن زوجة ابنها وبناتها بدلا من تذيقها هي كيف تكون سلاطة اللسان حقًّا!!… بينما هددها عثمان وبعبارة صريحة أنها إن لم ترجع عن كلماتها المسمومة التي تلقيها على مسامع زوجة أخيه وابنتيها فإنه يضمن لها أن ولديْها سيبدآن حياتيهما في ذات الوقت الذي ستنتهي فيه حياتها هي معه كزوجة!.. لذا اضطرت صاغرة على ابتلاع لسانها الآن فقط على أن تستعيد جولاتها بعد أن يطبق الشِّرك على بنات ألفت فتصبحان بين يديْ ولديها هي، وساعتها لن تألو جهدا في جعل أيامهما سوادا حالكاً!!!!!!!!…
جلس الجميع لتناول الغذاء الذي غاب عنه كلا من غيث وشهاب اللذان انشغلا في انهاء بعض المصالح اللازمة في حين أنهما كانا قد يتجاهلان عروستيهما عن سبق إصرار وترصد،.. ألم تنفذا رغبتهما بالسفر رغما عنهما، إذن فقد حان الوقت لتعلم كلا من سلمى وسلافة أن عاقبة مخالفتهما لزوجيهما وخيمة للغاية، ولكن فات كلا من شهاب وغيث أن ابنتي عمهما ليستا من النوع الذي يسهل عقابه، وما بدآه كعقاب لهما انقلبا عليهما خاصة وأن سلافة كانت هي المخططة هذه المرة وبموافقة الجدة فاطمة هذه المرة!..
مالت سلافة على أذن سلمى الجالسة بجوارها حول مائدة الطعام العامرة بما لذ وطاب من الطعام وهمست بغيظ:
– شوفتي عمايل ولاد عمك؟.. مش المفروض اننا عرايس وانهم يكونوا في استقبالنا؟.. أد كده احنا مش فارقين معهم؟.. شوفتي حماتك العجوز أم منقار فرحانة فينا إزاي وعينيها لمعت لما جدي سأل عليهم قبل ما بابا يقوله انهم كلموه يسلموا عليه واعتذروا انهم ما كانوا موجودين عشان مشغولين شوية!.. نعمل فيهم ايه دلوقتي؟.. مش كفاية الحيزبون دي؟..
نهرتها سلمى بصوت منخفض وهي تحاول افتعال الجدية وكتم ضحكتها:
– سلافة خلاص، جرى إيه يعني؟.. وبعدين بلاش تشبيهاتك دي هي دلوقتي بتاخد من حسناتك عشان تبقي عارفة.. وخسارة فيها خصوصا لما أنتي بقه تشيلي سيئاتها وشوفي انتي بقه عندها سيئات أد إيه؟..
حدقت سلافة هاتفة برعب:
– لالالالا.. دا هم ما يتلم يا أمي، أنا متأكده أن سيئاتها أكبر من هرم الجيزة!..
قالت سلمى بصرامة منهية الموضوع:
– يبقى خلاص، بطلي تجيبي في سيرتها، قولي ربنا يكفينا شر أذاها وخلاص، وبعدين عشان تكوني عارفة اعتذار ولاد عمك دا اعتذار سياسي تمام زي عيا سياسي كدا!!..
قطبت سلافة وهي تتساءل:
– نعم.. اعتذار سياسيس!.. ازاي يعني؟..
حركت سلمى كتفيها بلا مبالاة وهي تعيد انتباهها الى طعامها الموضوع في الصحن أمامها:
– يعني أي أختي العزيزة بيعاقبونا عشان سافرنا من غير موافقتهم، فاكرين انهم كدا هيردوها لنا!..
برقت عينا سلافة بوحشية وهي تجيب من بين أسنانها:
– بقه كدا، بس للأسف ما حسبوهاش صح، أنا بقه هخليهم يندموا على عملتهم المهببة دي!..
سلمى مقطبة:
– وأزاي بقه يا نبيهة ان شاء الله؟.
سلافة وهي تضع أصبعها على جانب رأسها غامزة بشقاوة لأختها:
– هشغّل الفهامة يا دوك!..
وفي وقت لاحق بعد الانتهاء من تناول الطعام انفردت كلا من سلمى وسلافة بالجدة حيث بدأت سلافة في تنفيذ عقابها هي لأولاد عائة الخولي!..
طوقت سلافة كتفي الجدة بذراعها قائلة بدلالها المحبب:
– ماما ستُّو ليا عندك طلب وعارفة انك مش هتكسفيني..
ابتسمت الجدة التي تعشق دلال حفيدتها الصغرى وأجابت:
– جولي يا بنتي، ولو في يديّ أني ما تأخرّشي عنيِّكي واصل..
سلافة بمكر:
– أنا كنت بصراحة عاوزة نفضل في مصر لغاية معاد الفرح لكن بما أن جدي أمر اننا نيجي قبل الفرح بأسبوع فلازم نسمع كلمة بابا جدو، وبصراحة سبب اننا كنت عاوزة نفضل هناك انه غيث وشهاب ما يشوفناش لغاية يوم الفرح..
وسكتت وقد اصطنعت الخجل مسبلة أهدابها الطويلة في حين راقبتها سلمى في ذهول من أختها تلك الممثلة الماهرة التي اكتشفت الآن فقط أن موهبتها خسارة أن تدفن بل لابد لها من دخول مجال التكثيل والذي ستثبت نفسها فيه وبقوة، أردفت سلافة بحياء زائف:
– أنتي عارفة يا ماما ستُّو اننا في وشّهم هنا طول اليوم وأحنا عروسة عاوزة عريسي يكون مشتاق يشوفني، مش قودامه ال 24 ساعة يعني!..
ابتسمت الجدة ووجهت سؤالها الى سلمى قائلة:
– وأنتي رايك من رايك خيْتك برضيكي يا دَكْتُوورة؟..
لتنتبه سلمى هاتفة:ط
– ها؟!.. آ.. آه طبعا يا جدتي..
لتفرتش وجه الجدة ابتسامة واسعة وهي تقول:
– اطّمني يا بنيتي ، كم عروسة عندينا، من النّهاردِه ازواجكم ما عيطبوشي الدار إهنه لحدت يوم الفرح، اطمنوا…
ثم غمزت سلافة متابعة بمكر:
– عيشتاجولكم يا نضر عيني!..
لتضحك سلافة وهي تهتف عاليا فيما تحتضن جدتها بقوة:
– تعيش ماما ستُّو.. تعيش.. تعيش.. تعيش!!..
عاد شهاب وغيث الى المنزل، بعد مرور وقت طويل على رجوع عائلة عمه، ما أن دلفا الى داخل المنزل حتى أسرعت اليهما وردة الخادمة وهي تهتف:
– سي غيث، سي شهاب، معالِهش الحاجة فاطنة عاوزاكو في دارها..
قطب غيث وشهاب وتبادلا النظرات المتسائلة قبل أن يتجها الى غرفة الجد والجدة فطرق شهاب الباب ليسمع صوت جدته تأذن لهما بالدخول، دلفا اليها ليبصرا الجدة وهي تجلس براحة الى الأريكة العريضة في غرفتها تحتسي كوبا من الشاي بالحليب، تقدما إليها ليسلما عليها مقبلين ظاهر يدها بالتناوب، أشارت لهما بالجلوس، كان غيث الباديء بالحديث قائلا بابتسامة:
– أومال جدي فين يا جدتي؟.. فايتك الحالك ليه؟..
الجدة بابتسامة:
– جدك مع بوك وعمك بيتمموا على الطباخ انتو عارفين انه من الليلاديْ هتبتدي الافراح والليالي الملاح، سبع ايام بسبع ليالي ، كل يوم تندبح الدبايح وينشد المنشد ع الربابة، جدكم جايب الريس عبدالعال البنجاوي أشهر منشد في الجيهة كلّاتها، ولا الريس متجال في زّمانّهْ!..
قال شهاب بابتسامة:
– ربنا يخليكو لينا يا حاجة، حضرتك كنتي عاوزانا في حاجة؟.. البت وردة قالت لنا انك عاوزة تتكلمي معانا..
الجدة بابتسامتها الحنون:
– معتحرمشي منيكم يا نضري، بس كل اللي كنت رايده أجوله لكم انكم تلموا شوية من خلجاتكم وتروحوا حدا الاستراحة اللي في طرف الجنينة الجبلي، أني خلّيت الواد خليل وراجح يوضبوها وبجيت زي الفل!..
تبادل كلا من غيث وشهاب نظرات الدهشة قبل أن يتنحنح غيث ليجلي حنجرته سائلا الجدة بابتسامة صغيرة:
– وايه اللي عيخلينا نهملوا دارنا ونروحوا الاستراحة يا حاجة؟
أجابت الجدة بضحكة:
– عشان عرايسكم يا ولديْ، معينفعشي تبجوا مع بعض في موكان واحد، لازمن تبعدوا، بصراحة كتر خيرها عروستك هي اللي نبهَتْني لِكدِهْ!..
بُهت غيث وهتف:
– باه!… مين يا حاجة؟..
ليجيب شهاب ساخرا:
– ما قالت لك عروستك يا عريس، يعني عروستك انت ومعرفش بينكم وبين بعض إيه فبتخلصه منك أنا وعروستي مالي؟..
قطبت الجدة حيث لم تفهم معنى كلام شهاب وتساءلت:
– انت بتجول ايه يا شهاب يا ولدي؟..
شهاب بزفرة ضيق:
– لا ما فيش يا حاجّة، طيب عن إذنك احنا بقه، هنلموا خلجاتنا عشان نروحوا الموطرح الجديد!..
وانصرف وهو يدفع غيث في كتفه حتى خرجا وأغلقا الباب خلفهما، ليتجه غيث الى الأعلى وهو يتوعد سلافة هاتفا:
– بجه إكده يا سلافة، انتي اللي جبتيه لروحك..
ليتوقف على أول درجات السلم مغمضا عينيه زافرا بغيظ وهو يقول:
– أستغفر الله العظيم، اللهم اخزيك يا شيطان، ماشي يا سلافة، أني مش هكسّر كلام الحاجة لكن حسابك تجِل جوي جوي يا بنت العم..
ثم اتجه الى الخارج وهو يهتف بشهاب أن يجمع له بعض الثياب معه ويلحق به في الاستراحة….
استغربت سلافة من عدم اتصال غيث بها، كانت تعتقد أنه ما ان يعلم من الجدة أنه ممنوع من رؤيتها حتى يوم الفرح فأنه سيسارع بالقدوم اليها، ولكنها تعلم مدى برود غيث، هي أكيدة أنه يخطط لمعاقبتها الآن، ولكن لا يهمها فهي له!..
ما أن حل الليل حتى علا رنين هاتفا سلافة فتلقت المكالمة مبتسمة بظفر لتكون أول كلمة سمعتها:
– مرتاحة دلوك يا بت عمي؟..
استندت سلافة الى ظهر سريرها وهي تتلاعب بخصلة طويلة من شعرها المنسدل مجيبة بدلال:
– وايه اللي مش هريحني يا ابن عمي؟..
غيث كاتما غيظه بقوة:
– بجه انتي مش رايده عريسك يشوفك الا يوم الفرح يا عروسة؟..
سلافة بنعومة كادت تفقد غيث صوابه:
– أه يا ابن عمي، حقي، عاوزة عريسي يحس أني وحشاه، مش قودامه ال 24 ساعة في اليوم…
ليهمس غيث وقد طار غضبه أدراج الرياح فهذه الجنية الصغيرة تتفنن في التلاعب به:
– وإذا جول تلك ان عريسك متوحشّك حتى وانتي مجابلاه اليوم كلاته؟.. وانه نفس ايغمض وايفتح يلاجيكي جودامه وما تفارجيهوشي واصل؟..
اضطربت سلافة واحمرت خجلا وأسرعت بانهاء المحادثة فحينما تنتاب غيث هذه الحالة من الرومانسية المفرطة تفقد هي قدرتها على مجاراته، لتقول بسرعة:
– معلهش أي ابن عمي هضطر أقفل ماما بتناديني..
وأسرعت بانهاء المكالمة وهي تتنفس بعمق….
أما شهاب فهو لم يتواصل مع سلمى بأي طريقة كانت، الأمر الذي أدهشها ولكنها لم تتوقف عنده كثيرا فقد انشغلت بتلقي التهنئات والهدايا من أفراد العائلة والبلدة جميعا…
مرت الايام وأتى يوم الحنة سريعا والذي تألقت فيه كلا من سلمى وسلافة بفساتين غاية في الجمال، كان فستان سلافة باللون الأحمر النبيذي ينسدل على جسمها الى الأسفل، بأكمام من الدانتيل المخرم طويلة، مزمومة على الذراعين، وأسدلت شعرها الأسود ليتطاير حولها وانتعلت حذاءا ذهبيا عال الكعبين، بينما اكتفت من الزينة بكحل أسود أكسب عينيها اتساعا ملحوظا وحمرة خدود طفيفة وأحمر شفاه بلون الكرز، بينما ارتدت سلمى فستانا من اللون الفستقي، ليضاهي لون عينيها التي حددتهما باللون الاسود ليظهر لونهما الزيتوني الواضح، كان من الشيفون متعدد الطبقات ينسدل على طولها في حين تعلو جزءه العلوي طبقة من الساتان الناعم مطعم بفصوص من الألماس الاصطناعي، وانتعلت حذاءا فضيا عال الكعبين، وجمعت شعرها الكستنائي على هيئة شنيون تاركة بعض الخصلات تحيط بوجنتيها لتكسبها نعومة ورقة، واكتفت من الزينة بالكحل الاسود وحمرة خدود طفيفة وأحمر شفاه باللون الوردي لشفتيها، كانا بحق متعة للنظر…
انقضت الليلة وسط الزغاريد والأفراح وقد قرت راوية أن تتصرف باعتبارها هي سيدة المنزل وصاحبة الفرح وليست ألفت، وأن ترحب بالحضور فليس من مصلحتها أن ينتبه لها عثمان أو الجدة فقط حتى يطمئن الجميع لها لتضرب هي ضربتها بالتعاون مع ” أم ستيت” أكبر دجالة في البلد, تلك التي تبرع في شفاء المريض أكثر من أي طبيب و….. كره الحبيب!…( استغفر الله العظيم.. ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطؤك )…
صدحت الفرقة الشعبية التي أمر الجد بإحضارها والتي تتكون جميع أعضائها من النساء الذائعات الصيت في هذا المجال وعلى رأسهم المطربة فاطمة عيد في حين قام بإحضار أكبر منشدين الأفراح ” الريس عبد العال البنجاوي ” لأحياء الليلة الكبيرة….
جلست سلافة وسلمى بجوار بعضهما بينما وقفت الفتيات تتراقصن أمامهما واقتربت منهما سلسبيل وهي تتهادى في عباءة حمراء حريرية تاركة شعرها الأسود الغزير يتدلى حتى نهاية خصرها، بعد أن هنأتهما غمزتها سلافة قائلة:
– ما شاء الله إيه الجمال دا؟.. هو اللي جوزها يتصاب بتحلو كدا؟..
نهرتها سلسبيل بجدية زائفة:
– باه سلافة.. مش عتبطلي عادتك ديْ؟..
لتجيب سلمى بضحك:
– ما تبقاش سلافة يا بنت عمي..
قالت سلافة بلهفة:
– المهم ما تنسينيش، ايه رايك؟.. عجبك؟؟..، احتضنت سلسبيل سلافة فجأة وهي تجيبها:
– ربنا يخليكي ليا يا سلافة، بس ديه كاتير عليّ، وباين عليه غالي جوي!..
ابتسمت سلافة وهي تربت على ظهرها قائلة:
– ما فيش حاجة تكتر عليكي حبيبتي، انتي ما فرحتيش يا سلسبيل، وجه الوقت اللي تعوضي جوزك فيه، وبعدين انتي ناسية قبل ما نسافر انك انتي اللي قولتلي انتي مش عارفة تعوضي ليث ازاي؟.. انتي اللي حطيتي الفكرة في دماغي، بس ما تنسيش تحكي لي اللي هيحصل صوت وصورة..
وهي تغمزها بمكر لتضربها سلسبيل بخفة على يدها تنهرها بمزح قائلة:
– بكفاياكي عاد، وبعدين معتخافيشي، اللي هيوحصل عتشوفيه صوت وصورة، بس مع.. زوجك.. اللي هو خويْ، ولو اني متاكدة انك اللي عتشوفيه أكتر بكاتييير!!..
أعجبت سلمى وسلافة بالاغاني المنشودة، والتي كان منها:
* .ياليلة الحنة ياريدى
والسلام منايدك ليدى
ياليلة الحنة والمجمع
هى تتكلم وانا اسمع
دا كلامك احلى من السكر
واحلى من البلح الرشيدي..
** يتم احضار صينية مليئة بالحنة الجاهزة للاستعمال ويوضع بداخلها شموع وتغطى الصينية بحنتها وشموعها بقماش التل ويتم أشعال نار فى وسط صينية الحنة ويلتف حولها الشباب وأثناء الغناء يقوم أصحاب العريس وأقاربه من الرجال بالتجمع حول العريس وتخضيب يديه وقدميه بالحنة فى جو يسوده الحب والفرح…، وفي الغالب تسبق هذه الأحتفالات ليلة قرآن كريم حتى تعم البركة على ليلة الحنة و الزفاف،
ويعد العريس الزفاف وليمة كبيرة لتجهيز العشاء لكل الحضور من المدعوين في أي أرض واسعة يقام عليها الاحتفال،
ومعظم طقوس الحنة، تقوم علي تزيين القدمين والكفين..**
* والله لأغني لك يا عريس يا غالي
والله لأغني لك وأسهر الليالي يا عريس لأغنى لك
يا عايق من دول جيلك والله لأغني لك يا عريس يا غالي
* أدلع يا عريس يا بو لاسه نايلون
ادلع يا عريس وعروستك نايلون
عند بيت ام فاروق هاي هاي .. والشجره طرحت برقوق هاي هاي
واللي بحبه جدع مرزوق وبلاسه لاسه نايلون
عند بيت ام حنان هاي هاي
والشجره طرحت رمان هاي هاي
واللي بحبه جدع عجبان واللاسه لاسه نايلون
عند بيت أم صلاح هاي هاي
والشجره طرحت تفاح هاي هاي، واللي بحبه جاني وراح واللاسه لاسه نايلون
أمك عامله مصليه هاي هاي
وهي وليه حرميه هاي هاي
وتتبلا عليا واللاسه لاسه نايلون
شوفوا البت القداره هاي هاي
رايحه المحطة بنضاره هاي هاي..
تدي لحبيبها اشارة واللاسه لاسه نايلون
والله لأغني لك وأسهر الليالي
لا اعشيك بوزة و أغديك بوزة
وحياة المعزة.. دا أنتَ عندى غالى يا عريس يا غالى
* يا حلاوتك يا ستفندى يا بن عم البرتقان يا حلاوتك وانت طارح فى الجنينة ع الأوان
عروستنا ف بيت أبوها.. أربعه بيزوقوها وعريسنا يقول هاتوها دى وحشانى من زمان
يا حلاوتك يا ستفندى يا بن عم البرتقان
يا حلاوتك وانت طارح فى الجنينة ع الأوان .. عريسنا ف بيت أبوه أربعه بيلبسوه وعروستنا تقول هاتوه دا وحشنى من زمان
يا حلاوتك يا ستفندى يا بن عم البرتقان يا حلاوتك وانت طارح فى الجنينة ع الأوان.
* خدناها خدناها خدناها خدناها قولوا لابوها يتعشى خدناها من ع الفرشة صبوا لأبوها يغسل أيديه خدناها وضحكنا عليه خدناها خدناها خدناها بالسيف الماضي وابوها مكنش راضي وعلشانها بعنا الاراضي الحلوه اللي كسبناها خدناها بالملايين واهلها ما كانوش راضيين وعلشانها بعنا الفدادين الحلوه اللي كسبناها خدناها خدناها خدناها بالسيف والقوة، وأبوها راجل فتوة ، وعلشانها بعنا الاراضي .. الحلوه اللي كسبناها…
انقضت الليلة وسط الاغاني والافراح، وبعد انصراف الجميع وصعود سلمى وسلافة الى منزلهما، حيث قضتا بعض من الوقت مع أمهما تتبادلن الاحاديث الخفيفة، انصرفت ألفت مؤكدة على ابنتيها النوم جيدا فغدا يوم طويل، ما ان همت سلافة بالخلود الى النوم حتى صدح هاتفها بالرنين لتعلم هوية المتصل قبل أن ترى الاسم فقد خصصت نغمة مميزة له كانت عبارة عن مقطع معين من أغنية شادية الشهيرة يقول” وحياة اللي جرالي ويّاه من غير معاد.. لا أسهره الليالي وأحرمه البعاد!!”” (ههههه ناويالك يا غيث معاك ربنا)…
كان احتفال الليلة كان قد ذهب بالباقي من غضب غيث الذي كان يعد الدقائق الباقية على زفافه الى عروسه العنيدة الفاتنة، أجابت سلافة بابتسامة:
– أزيك يا غيث..
قال غيث:
– الحمد لله ، الليلة كانت حلوة جوي، جوليلي عجبتك الفِرْجَة اللي شيعنا جبناها من جِنا؟؟
سلافة هاتفة:
– تجنن يا غيث، بس فيه أغاني أنا كنت سمعتها ع اليوتيوب وما اتغنتش، بصراحة فيه أغنية علّقت معايا جامد…
طلب منها غيث بحنان أن تغنيها له فوافقت في الحال لتبدأ في غناءها فيفتح عينيه واسعا غير مصدق لما تسمعه أذناه حيث كانت تقول:
*زعلان ليه تعالى وانا اقولك .. انت كيلو لب وانا كيلو لب .. ناكل انا وانتة والقشر لامك .. زعلان لية تعالى وانا اقولك .. انت كيلو لحمة وانا كيلو لحمة .. ناكل انا وانته والعضم لامك..
نهرها غيث هاتفا:
– سلافة… ايه الكلام الماسخ ديه؟…
لتجيب سلافة ببراءة مفتعلة:
– هو انا جبت حاجة من عندي يا غيث؟.. دي أغانيكم أنتم…
غيث بحدة:
– طب جفلي ع الحديت ديه، ويكون في معلومك يا بت عمي اللي يشيل أمي في اعينيه عشيله على راسي من فوج، احترامها من احترامي تمام، مفهوم يا سلافة؟…
لم تريد سلافة مجادلته فيما همست في داخلها بحنق:
– يا روح أمك!! “احم احم آسفة بس ما يتقاله الا كدا!! هههه”..
قالت سلافة منهية الكلام:
– خلاص يا غيث، هي أغنية وقلتها عادي يعني…
لم يطيل غيث في الحديث في هذا الأمر فهو يعلم مدى حساسية الموضوع خاصة وأن أمه لم تخفي عدم رضاها عن اختياره هو وشهاب ولكنها أمه أولا وأخيرا ويجب على سلافة احترامها!..
تنهد غيث عميقا وهو يقول:
– عارفة يا سلافة.. أني باعد الدجايج والثواني يا جلب غيث لحدت ما يتجفل علينا باب واحد، ووجتها…،
وسكت تاركا باقي عبارته معلقة ليطير النوم من عينيها وتهتف به في ريبة مقطبة:
– لحدت إيه يا ابن عمي، ما تكمل!..
اجابها بخبث ينافي طبيعته العاقلة تماما:
– لاه مش عكمل دلوك… عتشوفي بنفسيكي وجتها ععمل إيه!!..
نهرته سلافة بزمجرة خرجت كزمجرة قطة سيامي:
– غيث بقولك إيه.. بلاش الألغاز بتاعتك دي، وبعدين أظن أنت اتأكدت بنفسك انه أي عقاب من ناحيتك بيبقى قودامه عقاب أشد من عندي، ولا نسيت لما ما جيتش أنت وأخوك يوم رجوعنا البلد ووقتها جدتي أصدرت فرمانها انكم تطلعوا من البيت خالص!..
غيث بهدوء:
– طب ليه بس إكده يا بت الناس؟.. كنت انسيت الموضوع ديه، انتي اللي بتجبيه لروحك أهاه.. عمومي نامي زين يا عروسة لأنه جودامك يوم طوييييل من الصبح بإذن ربنا….
وانهى المكالمة تاركا اياها وقد احتل الشحوب وجهها…
كانت سلمى تتحدث الى شهاب في الهاتف حيث هاتفها هو على غير عادته في الفترة الماضية تحديدا منذ عودتها وأصدار الجدة أمرها بانتقاله هو وغيث الى الاستراحة، كان شهاب يحدثها بهدوء مهنئا لها وحين سألته عن مناسبة هذه المكالمة هز كتفيه بلا مبالاة قائلا:
– بصراحة قلت عروسة بردو وبلاش أكسر بخاطرك الليلة دي، خليني أنا الكبير..
سلمى ساخرة:
– بجد؟.. لا فيك الخير بصراحة!..
قاطع حديثها رنين جرس الباب فقطبت وهي تقول:
– ايه دا.. مين اللي جاي دلوقتي؟..
شهاب بلا مبالاة:
– اكيد مش حد غريب، عموما شوفي عمي كدا يفتح..
سلمى رافضة وهي تتجه لتستطلع هوية الطارق:
– لا مالوش لزوم، أكيد حد من هنا، أنا هشـ…
كانت تدير مقبض الباب أثناء محادثتها له لتشهق بخفة وهي تحدق بقوة في الشخص الواقف أمامها، قال شهاب وهو يبتسم:
– إيه مفاجأة مش كدا؟!….، هتفت سلمى وهي تتلفت حولها:
– انت مجنون مش كدا؟…
دلف شهاب وهو ينزل يده التي تحمل الهاتف بجانبه لتتراجع هي الى الداخل فيما يغلق هو الباب ليصل اليها في خطوتين يعتقل خصرها هامسا أمام وجهها الذي لا يزال يحمل أثرا من زينتها:
– كدا!! ، ليميل مختطفا قبلة من شهد شفتيها فاجأتها لتتسمر بادئ الأمر ثم تنتبه فتحاول التملص منه وتضربه بقبضتيها الصغيرتين ليقبض عليها بيد واحدة بينما يمتص رحيق شفتيها بقوة، ليتركها فجأة تماما كما اكتسحها بإعصاره فجأة وهو يهمس من بين أنفاسه اللاهثة:
– عشان بس تعرفي أني لما بعدت عشان أنا عاوز كدا، ولا 100 فرمان ولا مليون باب وشباك هيقدروا يبعدوكي عني!.
ليستدير متجها الى الباب ففتحه وانصرف سريعا ولكن قبل أن يغلقه خلفه رمى لها قبلة في الهواء قبل أن يختفي من أمامها تاركا لها وهي تتمتم في ذهول:
– مجنون… أقطع دراعي انك مجنون وابن مجانين كمان!..
– يتبع




86344 مشاهدة