“كبير العيلة”… بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
الخاتمة:
رحبت الجدة فاطمة بالضيوف الذي جاءوا لحضور حفل عقد قرآن عثمان الخولي الى خديجة السوالمي، كانت سلافة وسلمى وسلسبيل قد انتشرن بين الحاضرات للترحيب بهن حينما نادت عليهن الجدة وهي تقدم إليهما شابة تقاربهما في العمر قائلة ببشاشة:
– السكرة دي تبجى منة… مارات الباشي مهندز سيف ابن الشيخ عبد الهادي، والجومرات دول… – مشيرة الى بنتين صغيرتين يقاربن والدتهن في الشكل وبشدة – يبجوا هنا وفرح.. بناتها!!!!!!!
رحبن بها واندمجت منة معهن وخاصة سلافة والتي شعرت أنها تقاربها في الشخصية، كانت تتجاذب معها أطراف الحديث حين انتبهت لسلمى وهي تهمس لها أن زوجها قد أرسل من يخبرها أنه يقف في انتظارها بالحديقة بالخارج( كان الاحتفال للرجال في خيمة كبيرة بحديقة المنزل فيما الحريم بالداخل)… استأذنت منة من سلافة والتي تعلق بها البنتين وذهبت لترى ماذا يريد سيف؟!!!!!!!
وقفت تتلتف يسارا ويمينا تفتش بعينيها عنه لتفاجأ بذراع تسحبها من الخلف حيث ابتلعتها ظلمة الحديقة!!!!!!!…
التفتت لترى سيف وهو يطالعها بابتسامة مشاكسة فنهرته قائلة:
– انت مش هتبطل عمايلك دي؟.. يعني هترتاح دلوقتي لما قلب يقف من الخضة؟!!!!
ليحيط خصرها بذراعيه ويهمس أمام وجهها:
– بعد الشر عليكي يا قلبي…
حاولت دفعه جانبا وهي تهتف بصوت منخفض:
– سيف انت اتجننت؟.. احنا مش في بيتنا هنا!!!!!!!!
سيف وهو يميل عليها محاولا اقتناص شفتيها في قبلة يتحرق إليها:
– أعمل ايه… الفرح والزيطة فكرني بفرحنا… بقولك إيه.. ما تيجي نسيب العيال مع الحاجة زينب ونهر بأنا وانتي؟.. تعالي نروح شارم وننزل في نفس الفندق اللي نزلنا فيه في شهر العسل فاكره؟!!!!
نظرت اليه مضيقة حدقتيها وأجابت باستنكار:
– يعني انت دلوقتي منادي عليا عشان تقولي نسافر شارم؟… سيف بجد انت كنت عاوز أيه؟..
قطب قليلا محاولا التذكر ليهتف بعدها وهو يخبط جبهته براحته اليمنى:
– شوفتي نستيني إزاي؟.. زياد ابنك يا ستي… قعد يزن عاوزك ومعرفتش أسكته!!
قطبت وقالت وهي تتلفت حوله:
– وهو فين زياد؟…
أجابها:
– بعد ما ناديت عليكي شهاب قعد يتكلم معاه وخده وأنا لاقيتها فرصة أني أستفرد بكي بصراحه، بقالنا تلات أيام في البلد معرفتش أقعد معاكي براحتنا خالص!!!
ابتسمت منة وقالت وهي تهم بالانصراف:
– وانت كمان وحشتني يا حبيبي، عموما نبقى نشوف موضوع السفر دا، بيني وبينك فكرة هايلة، بس يا ريت بلاش فندق، خليه شاليه ع البحر أحسن.. عاوزة أستفرد بيكي يا بيضة!!!
ابتسم سيف، كم يحبها، يعلم أنه لا يزال هناك أثر من الجرح بداخلها، صحيح أنه قد اندمل ولكن أثره لا يزال باقي، وهو لن يكل ولن يمل من أن يثبت لها يوميا أنه لا يوجد غيرها في حياته بل وقلبه، همس أمام شفتيها:
– تصدق يفكرة، أنا هاخدك في رحلة سفاري في الصحرا… يبقى أنا وانت وبس!!!
ابتسمت منة وما أن همت بالكلام حتى أسكتها بقبلة خطفت أنفاسها وابتعد وهو في شوق الى المزيد، وهمس وهو يتلمس شفتيها المنتفختين:
– هنسافر الليلة… مش عاوز أضيع ثانية واحدة من الاجازة بعد كدا…
أومأت بالموافقة وأسرعت في العودة بينما مسح على وجهه ورسم عليه ابتسامة صغيرة واتجه الى مكان الحفل يفتش عن ولده والذي ما ان وقعت عيناه عليه حتى ركض اليه يرتمي بين ذراعيه ليرفعه سيف عاليا وهو يجلسه فوق كتفيه في حين تتدلى كل ساق على كتف من كتفيه!!
————————–
انتهى عقد القرآن ورحل الجميع، كانت سلسبيل تبدل ثيابها حينما فاجئها ألم قوي بأٍفل بطنها لتنادي ليث بخفوت والذي كان بالصالة الصغيرة الملحقة بجناحهما، ونادته ثانية بصوت أعلى ليهرع اليها ويتلقاها بين ذراعيه قبل أن تهوى مغشيا عليها!!!!!
– حامل كيف يعني يا دكتورة؟.. احنا واخدين احتياطتنا؟؟؟؟
احمر وجه سلسبيل التي شعرت بالحرج في حين نهرته والدته:
– واه يا ليث!!!!…
استأذنت الطبيبة وانصرفت ترافقها والدته، ليتجه الى سلسبيل ويجلس بجوراها وهو يرفع يدها مقبلا راحتها ويقول:
– اني ماعارفشي كيف ديه حوصل؟… انتي كتي بتاخدي الحباية يوماتي.. أني كت بديهالك بيدي…
سلسبيل وهي تبعد عينيها عنه كمن يشعر بالذنب وتقضم شفتها السفلى:
– ابصراحه إكده يا ليث.. أني بجالي شهر ما اخدتهاشي!!!
ليطالعها بذهول هاتفا:
– كيف ديه؟….
أسرعت تفسر بلهفة:
– كنت باخدها جودامك لكن ما أبلعهاشي، وأعاودها من تاني، ليث أني مشتاجه لعيل منيك، وبعدين خليها على ربنا، أنا حاسة انه ربنا عيكسفناشي النوبة دي…
الليث ينهرها:
– الدكتوورة جالت من ست اشهور السنة، وانت لساتك ما كملتيش الخمس اشهور حتى!!!
سلسبيل محاولة تهدئته:
– يا ليث فين ايمانك بربنا؟… خلاص.. اللي حوصل حوصل.. ادعي انه ربنا يعوضنا خير ويرزجنا الذرية الصالحة…
احتواها بين ذراعيه وهو يدعو من قلب يخفق بسرعة عالية خوفا وهلعا على سلسبيله:
– يا رب يا سلسبيل، ربنا يجومك ليا بالسلامة، أنا لو عاوز اعيال يبجى عشان منك أنتي، بطنك انتي اللي تشيلهوم، لكن أني عدنان وشبل عندي بالدنيا، وأهم حاجه صحتك انتي يا سلسبيلي…
ابتسمت سلسبيل:
– ربنا ايخليك ليا يا ليثي…
**************************
ولدت سلمى “رؤوف شهاب الخولي” في ساعات الفجر الأولى بعد مخاض عنيف، كاد فيه شهاب أن يتسبب في صرع طاقم الاطباء جميعهم ليضطر غيث في النهاية لتهدئته بسحبه بالقوة من أمام غرفة التوليد وحبسه في استراحة المرضى لحين ولادة سلمى!!!، وتوعده شهاب أن يرد له المثل أثناء ولادة سلافة وقد كان….. حيث ولدت سلافة “رهف غيث الخولي” بعد ولادة شقيقتها بأسبوعين، ونفذ شهاب وعيده لغيث بحبسه في نفس غرفة الاستراحة لحين ولادة سلافة…
احتفل الجد عبد الحميد بعقيقة أصغر أحفاده.. رهف ورؤوف… وسط فرحة العائلة واليت اكتملت بنبأ حمل سلسبيل… ، وكانت خديجة بمثابة أم ثانية لأولاد عثمان حيث أغدقت عليهما من حنانها الأمومي خاصة وقد أحبها الجميع لجميل أخلاقها وحسن سلوكها كما أنها تحمل بين أحشائها… حفيدا جديدا لعائلة الخولي والذي كان بمثابة معجزة ربانية لها أن تحمل وتلد وهي في أوسط الأربعينيات…
**************************
صممت سلافة على الاحتفال بعيد ميلاد الجد السابع والسبعين وبينما كان الجميع يتبادلون الأحاديث المرحة فاجأ سلسبيل المخاض التي صرخت هاتفة باسم ليثها والذي هرع اليها يحملها الى المشفى يرافقه أخويها وزوجاتهما في حين تركا الأطفال في عهدة خديجة والجدة وأم ليث….
كان ليث يحفر الارض من قوة خطواته قلقا على سلسبيله، كانت الطبيبة قد قررت اجراء ولادة قيصرية فحالتها لا تسمح بالولادة الطبيعية نظرا لوضع الجنين والذي لم يعلموا جنسه بعد بناءا على رغبة سلسبيل التي رفضت وبشدة معرفته معللة بأنه هدية من الله وأنها ترضى بعطيته وتشكره عليها…..
خرجت اليهم الطبيبة تبشرهم بولادة سلسبيل بنجاح وأنه سيتم نقلها الى غرفة خاصة بها، لم يهتم ليث بالسؤال عن طفله بل اندفع حين رآها وهي ترقد على السرير المتحرك متجهات بها العاملات الى غرفتها، فأسرع اليها يمسك بيدها حتى دخلن بها ليسارع بحملها ووضعها برفق فوق الفراش، انصرفن العاملات بعد أن منحهن كلام من غيث وشهاب بقشيشا سخيا، جلس الليث بجوارها يربت على شعرها المبلل بعرقها، تكلمت سلافة وهي تطالع سلمى:
– انما الباشا فين، ولا هي هانم؟..
غيث بتساؤل:
– مين دول؟..
سلافة ببساطة:
– ما هي أكيد جابت يا باشا يا هانم؟.. يا ولد يا بنت!!
ليقاطعها صوت الطبيبة وهي تدلف تقول بابتسامة:
– طيب ايه رأيكم في.. حسن وحسين وفاطمة!!!!!!!!!!
لتتعالى الشهقات، وينظر ليث مبهورا الى الطبيبة في حين ارتسمت ابتسامة شاحبة على وجه سلسبيل، هتف ليث بصعوبة:
– انتي عتجولي ايه يا دكتوورة؟!!!
الطبيبة بابتسامة:
– ولادك يا ليث بيه… ربنا يخليهوماك… سلسبيل جابت لك حسن وحسين وفاطمة.. ولا الاسامي مش عاجباكم؟!!!
ليهتف ليث وعيناه مسلطتان على سلسبيل:
– لاه… هما حسن وحسين وفاطمة…
خلت الغرفة من الجميع بعد أن قدموا اليهما التهاني والامنيات، ليطالع الليث في وجه سلسبيل ويهمس بينما خانته دمعة وحيدة جرت على وجنته الخشنة وهو يقبل راحتها:
– أني لو جعدت أصلي كل يوم ركعتين شكر لربنا ما عاوفيهوشي نعمه عليّا… ربنا ايجدرني وأسعدك كيف ما بتسعديني يا أم العيال!..
وابتسمت سلسبيل مغمضمة عينيها، وارتكز الليث بجبينه الى جبينها..
**************************
وقف الجميع بجانب بعضهم البعض في عقيقة توائم الليث وسلسبيل الثلاث، يجلس الجد والجدة على مقعدين من الخيزران في حديقة المنزل الكبيرة يحيط بهما الأبناء والأحفاد… عثمان وزوجته خديجة والتي أوشكت على الوضع، ورؤوف وألفت وغيث وزوجته سلافة وصغيرتهما رهف، شهاب وسلمى وصغيرهما رؤوف، عدنان وكريمة، والليث وسلسبيل وصغارهما الخمسة…. عدنان وشبل وحسن وحسين يحملهما الليث وفاطمة تحملها سلسبيل، بينما أمسكت وردة بالكاميرا الرقمية والتي جهزتها سلافة لالتقاط الصورة… ليبتسم الجميع وتضغط وردة زر التقاط الصورة وابتسامة الكل مشرقة كالشمس في وضح النهار ويظهر جليّا فخر الجد والجدة بأبنائهما وأحفادهما بينما يراقب الجد عبد الحميد أحفاده الصغار داعيا لهم الله أن يمنحهم التوفيق والسداد ليصبحوا ذخرا لعائلة الخولي من بعده هو “كبير العيلة”….
– تمت بحمد الله –
… وأخيرا وليس آخرا.. أتمنى انكم تكونوا استمتعتم بالرواية وقضيتم معها وقتت ممتع، هتوحشووووووني جدااااا.. أراكم قريبا بإذن الله في حكاية جديدة من حكاياتي … احكي ياشهرزاد (منى لطفي)….
أستودعكم الله الذي لا تضيع عنده الودائع وكل عام وأنتم بخير.. اللهم بلغنا رمضان غير فاقدين ولا مفقودين وارحم أمواتنا وأموات المسلمين جميعا برحمتك يا أرحم الراحمين….
– دمتم بود –