أشعار و خواطر المتنبي في الحب ( 3 )
أبْلى الهَوَى أسَفاً يَوْمَ النّوَى بَدَني * وَفَرّقَ الهَجْرُ بَيْنَ الجَفنِ وَالوَسَنِ
رُوحٌ تَرَدّدَ في مثلِ الخِلالِ إذا * أطَارَتِ الرّيحُ عنهُ الثّوْبَ لم يَبنِ
كَفَى بجِسْمي نُحُولاً أنّني رَجلٌ * لَوْلا مُخاطَبَتي إيّاكَ لمْ تَرَني
نَشَرَتْ ثَلاثَ ذَوائِبٍ من شَعْرِها * في لَيْلَةٍ فَأرَتْ لَيَاليَ أرْبَعَا
واستَقْبَلَتْ قَمَرَ السّماءِ بوَجْهِها * فأرَتْنيَ القَمَرَينِ في وقْتٍ مَعَا
رُدّي الوِصالَ سقَى طُلولَكِ عارِضٌ * لوْ كانَ وَصْلُكِ مِثْلَهُ ما أقْشَعَا
يا طفلة الكف عبلة الساعد * على البعير المقلدِ الواخدْ
زيدي أذى مهجتي أزدك هوى * فأجهل الناس عاشقٌ حاقدْ
حكيت يا ليل فرعها الوارد * فاحك نواها لجفني الساهدْ
طال بكائي على تذكرها * وطلت حتى كلاكما واحدْ
أحْيَا وَأيْسَرُ مَا قاسَيْتُ ما قَتَلا * وَالبَينُ جارَ على ضُعْفي وَمَا عَدَلا
وَالوَجدُ يَقوَى كما تَقوَى النّوَى أبداً * وَالصّبرُ يَنحلُ في جسمي كما نَحِلا
لَوْلا مُفارَقَةُ الأحبابِ ما وَجَدَتْ * لهَا المَنَايَا إلى أرْوَاحِنَا سُبُلا
بمَا بجفْنَيْكِ من سِحْرٍ صِلي دَنِفاً * يهوَى الحيَاةَ وَأمّا إنْ صَدَدتِ فَلا
فَمَا أمُرّ برَسْمٍ لا أُسَائِلُهُ * وَلا بذاتِ خِمارٍ لا تُريقُ دَمي
تَنَفّسَتْ عَن وَفاءٍ غيرِ مُنصَدِعٍ * يَوْمَ الرّحيلِ وشَعْبٍ غَيرِ مُلْتَئِمِ
قَبّلْتُها وَدُمُوعي مَزْجُ أدْمُعِهَا * وَقَبّلَتْني على خَوْفٍ فَماً لفَمِ
قد ذُقْتُ ماءَ حَياةٍ مِنْ مُقَبَّلِها * لَوْ صَابَ تُرْباً لأحيا سالِفَ الأُمَمِ
تَرنو إليّ بعَينِ الظّبيِ مُجْهِشَةً * وتَمْسَحُ الطّلَّ فَوْقَ الوَرْدِ بِالعَنَمِ